يقول الأستاذ محمد عبد الشافي القوصي في كتيِّبه (العربية لغة الوحي والوحدة) - الذي نشرته المجلة العربية مع العدد الثاني والخمسين في ربيع الآخر 1422ه - ما نصه (إنها - اللغة العربية - لسان كتاب ربِّنا وسنَّة نبينا، ووعاء حضارتنا.. وكما أنها فريضة وضرورة، كذلك فإن التساهل أو التهاون أو التفريط فيها إنما هو تهاون في ديننا وشريعتنا وعقيدتنا وأعز مقدساتنا، وما لنا لا نتباهى بلغتنا ونفخر بلساننا مثلما تفعل الأمم الأخرى.. إن المجمع العلمي الفرنسي أقام الدنيا وأقعدها من أجل وجود كلمة إنجليزية في لغته تسلَّلت إبان الحرب العالمية!). قرأت ويقرأ غيري مثل هذا الكلام وغيره كثير حول لغتنا العربية ووجوب التمسك بها والتحدث بها، ووجوب تعليمها التعليم الصحيح ليتحدث ويكتب بها الناس عامة رجالاً ونساءً صغاراً وكباراً. لكني أتألم حينما أقرأ وأرى في شوارع مدننا المختلفة، وفي شوارع عاصمتنا الحبيبة الرياض بشكل أوضح أمثال المفردات الأجنبية التالية: مول، فاشن سنتر، بي لس، هاوس، ماركت، وغيرها كثير من المفردات الأجنبية، وما يزيدني ألماً وحيرة سؤال أولادي المتكرر عن كلمة (مول) وهل هي عربية أم لا؟ إنني أتساءل وربما غيري كذلك كيف سُمح لهؤلاء باستخدام هذه الأسماء والمفردات الأجنبية؟، ثم ما دور الجهات المسؤولة عن منح التصاريح لأصحاب المحلات والأسواق؟ ثم ماذا يريد هؤلاء من تسمية أسواقهم ومحلاتهم التجارية بمثل هذه المسميات؟ وهل ضاقت لغتنا الواسعة عن أسماء ومفردات تكون جميلة ومقبولة وجذابة؟! إذا كان أصحاب المحلات التجارية يجهلون خطورة استخدام المفردات الأجنبية أو لا يبالون بهذه القضية الحساسة، فإن على الجهات ذات الاختصاص أن تعي دورها في هذا وأن تعي خطر انتشار مثل هذه الألفاظ في مجتمعنا العربي المحافظ، وكذلك خطرها على اللغة العربية لغة القرآن. إن جولة واحدة في أحد شوارع مدننا الكبيرة تجعل فؤادك يعتصر ألماً لكثرة انتشار التسمية بالأسماء الأجنبية. وأود هنا - من وجهة نظر شخصية - أن أبيِّن بعض الأضرار المترتبة على انتشار المفردات الأجنبية في شوارعنا وأمام ناظري أبنائنا وبناتنا: 1- مزاحمة اللغة العربية وحلول المفردات الأجنبية مكان المفردات العربية شيئاً فشيئاً حتى تصبح مألوفة لدى الناشئة ثم يبدأون باستخدامها، وحينها لا ينفع كثيراً تعليمهم وإخبارهم بضررها وخطرها، إذ إن الوقاية خير من العلاج. 2- موت وضياع مفردات كثيرة من اللغة العربية كان الأولى استخدامها وانتشارها. 3- مع مضي الوقت ومرور الأيام، قد يتصوَّر بعض الناشئة من البنين أو البنات أن هذه المفردات الأجنبية المنتشرة على لوحات المحلات، قد يتصوّرون أنها مفردات عربية وفي هذا خطر عظيم لا يخفى على غيور. 4- أن هذا فيه انهزام واضح لأهل اللغة، وإلا لما رضوا بأن تحل هذه الألفاظ حيث يراها كل أحد. من هنا فإني آمل من القائمين على جهة منح التصاريح بأن ينتبهوا لهذا كثيراً. وأن يكون لديهم الحماس لمنع انتشار هذه المفردات، سيما وأن ولاة الأمر - حفظهم الله تعالى- يؤكِّدون دائماً وأبداً على التمسك بكل ما يرتبط بديننا الإسلامي الحنيف ومن هذا لغتنا العربية، ثم أمل آخر يتعلَّق بأصحاب المحلات التجارية والأسواق بأن يعوا ضرورة هذا الأمر الخطير، وأن يحاولوا الحفاظ على لغة القرآن الكريم من خلال اختيار أسماء عربية وما أكثرها وأجملها في لغتنا العربية الجميلة. ثم دعوة أخرى للمتخصصين في اللغة العربية بأن يكثفوا الجهود في محاولة توعية وتبصير الناس بأهمية المحافظة على مفردات اللغة العربية، وبخطورة إحلال المفردات الأجنبية مكان المفردات العربية وذلك من خلال وسائل الإعلام المختلفة المقروءة منها والمسموعة والمرئية. وفي الختام تحيَّة تقدير لكل من أسهم ويسهم في سبيل المحافظة على لغتنا الجميلة. [email protected]