الإنسان هو مجموعة من السلوكيات والتصرفات المنضبطة وغير المنضبطة، ويسعى في هذه الحياة إلى تحقيق أهداف وغايات تعينه على العيش بأمن وسلام. فكلما كان الإنسان منضبطاً في سلوكياته وتصرفاته تحقق له ما ينشده من استقرار وراحة نفسية، عكس ذلك فإن تصرفاته الشاذة وغير المنضبطة بضوابط الدين والعادات والتقاليد سوف تؤدي به إلى المهالك. ولقد هذّب الإسلام النفس البشرية المؤمنة فقال تعالى {الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا}. كما قال تعالى واصفاً خلق نبيه محمد صلى الله عليه وسلم {وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ}. إن الخطاب الديني الموجه للنفس البشرية فيه أدب وسلوك راق يجعل هذا الدين فوق كل الأديان السماوية، ويؤكد أنه الدين الذي حفظ تاريخ الحياة منذ بدء الخليقة حتى نهايتها. إن الإنسان الذي يعيش على هذه البسيطة سوف يستنير بقواعد وكليات هذا الدين، إنه المرجع والقول الفصل لكل أمر يشكل عليه. ولعله من نافلة القول أن نشير إلى سلوكيات الأمم الماضية غير المنضبطة وما حل بها من عقوبة إلهية جعلتها عبرة لدى الأمم كافة. ولو نظرنا في حال سلوكيات بعض البشر اليوم حيال تعاملها مع أنظمة وقوانين المرور لشاهدنا عجباً: السرعة الجنونية، قطع الإشارات الضوئية، التجاوز الخاطئ، التفحيط، عدم انتظار فتح الإشارة الخضراء، استخدام أداة التنبيه بشكل مزعج بعد المباريات الرياضية، تعطيل حركة المرور. وعلى كل واحد منا أن يخرج ورقة وقلماً ويحسب كم من الساعات سوف يقضيها، شخص يحمل مريضاً أو امرأة في حالة وضع حتى يسمح أولئك العابثون له بالمرور والوصول إلى أقرب مستشفى، وكذلك كم من الساعات يقضيها أولئك العابثون في التفحيط وإزعاج البشر وإزهاق الأنفس، وكذلك كم من الضحايا سوف يسقطهم أولئك العابثون عند قطع إشارة المرور والمصير السيئ الذي ينتظرهم إما بوفاة أو إصابة تؤدي إلى إعاقة دائمة.. إننا بعد هذه الحسابات سوف نخرج بحصيلة مهيلة من الحوادث التي نفقد فيها أعز وأجل ما خلق الله على هذه البسيطة.. إنه الإنسان الذي سوف يعمر هذه الأرض.. إنه خليفة الله في أرضه. فهل ننتظر عقوبة إلهية تحل بمخالفي أنظمة المرور لما يقومون به من تجاوزات وتعديات على أنظمة وتعليمات ولي الأمر الذي ما وضع تلك الأنظمة والتعليمات إلا لحماية النفس البشرية والحفاظ على ممتلكاتها. إن الله سوف ينتقم من أولئك المستهترين والعابثين الذين يهددون أرواح العباد عاجلاً أو آجلاً ليكونوا عبرة لغيرهم وحتى تهدأ الحياة ويستمر الإنسان في خلافته لهذه الأرض ويعمرها بالعبادة والتكاثر.