* مع أنني مع مبدأ الانتخاب في كل شيء إلا أنني مع انتخاب النخبة.. وأعني بذلك النخبة المفكّرة لا النخبة الاجتماعية حسب المفهوم الشعبي المغلوط الذي يحيلها إلى المركز المالي أو العائلي أو القبلي، وذلك لأن الانتخاب في الشأن الوطني بحاجة إلى نخب وطنية تفكر بالنيابة عن المجموع الشعبي الذي تسيره (الأهواء) الشخصية لا المصلحة الوطنية.. ومن هنا فإنني مع (الشورى النخبوية) لا المجالس التي تفرز النخب الاجتماعية حسب المفهوم الضيق إياه، فالمجالس البرلمانية في عالمنا العربي المتخلف اليوم لا تفرز من خلال الانتخاب إلاّ النماذج الاجتماعية (المقتدرة) مالياً أو قبلياً أو حتى طائفياً وفئوياً أيضاً فالمال (يشتري) الضمير والقبيلة تشتري رضا رموزها والطائفة تفرز من يمثلها والفئة تفرز من يعمل لمصالحها الضيقة على حساب مصلحة الوطن.. ومن هنا فإنني مع الشورى النخبوية حتى يصل المواطن العربي إلى (ثقافة الفرز) الوطني الصميم *** أقول ذلك بمناسبة زيارة صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز إلى مجلس الشورى - إذ ذهب إليه طائعاً ومن تلقاء نفسه ليقول لأعضائه هيا اسألوني عن عملي كما شئتم، تماماً كما ذهب اليهم لمناقشة جزء من عمله الوطني الخاص (الدارة والمكتبة)، إلاّ أن سموه وما يتمتع به من ثقافة وشفافية وثقة بالنفس قد أراد من المجلس أن يسأله عن كل ما يقع باختصاصه من أعمال وهذه بادرة مشجعة يقوم بها أحد الرموز الوطنية الكبرى ليقول للآخرين وبشكل غير معلن إنكم لست أحسن مني في الإسهام بتفعيل دور مجلس الشورى كما أشار في قوله (إن توسيع صلاحيات مجلسكم لم تغبْ عن ذهن (القيادة) ومن هنا كان السابق إلى تأكيد هذه النيّة الطيبة التي لخصها بقوله (إن الاجتماع مع هذه النخبة في المجلس شيء محبب إلى نفسي وأعتز به وأنا مستعد للإجابة عن أي موضوع يختص بعملي وسأتقبل أي مقترحات لأن مهمتنا واحدة وعملنا واحد للعلم فيما ينفع وطننا ومواطنينا). كما أن سموه قد (قوضّ) بهذه الزيارة الميمونة لمجلس الشورى تلك المقولة التي تحاول أن تُقيّد انطلاق الرؤية للمواطن السعودي ألا وهي (الخصوصية) التي دعا إلى عدم التثبت بها - لأن خصوصيتنا معروفة وواضحة باعتبار أرضنا مهبط الرسالة وحصن اللغة وأصل الأمة - إلاّ أن (التشدد) في التشثبت بالخصوصية (دوماً) له انعكاسات خطيرة تؤدي إلى (الإقليمية) المقيتة الضيقة التي كانت وبالاً على (بعض) دول الخليج التي كرسّتها في أذهان مواطني دول العالم بعض التصرفات النرجسية الجاهلة لمواطني تلك الدول إزاء الآخرين من أبناء جلدتهم. ولذا فإننا كما يقول سموه (لا نتشبث بالخصوصية كأننا غير البشر؛ نحن بشر ونحن كالعالم). وبالطبع كل دولة في العالم لها خصوصيتها ولكن ليس على حساب الآخرين. *** أي أن زيارة سموه بمجملها وبمعطياتها هي دعوة غير معلنة لكل المسؤولين من وزراء وغيرهم إلى التفاعل والتحاور مع (النخبة التي تمثل الشعب) بكل أطيافه ممثلة بمجلس الشورى.. فَمَنْ يعي الدرس؟!.