أوصى معالي الشيخ الدكتور عبدالله بن محمد المطلق عضو هيئة كبار العلماء، عضو اللجنة الدائمة للإفتاء المشاركين في المسابقة المحلية على جائزة سمو الأمير سلمان بن عبدالعزيز لحفظ القرآن الكريم على التمسك بكتاب الله تعالى، والعمل بما جاء فيه من أحكام وتعاليم، وحفظه وتجويده وتدبره، وقال: إن القرآن الكريم من أعظم القربات، من قرأ حرفاً منه فله به عشر حسنات، ومن تدبره زاد إيمانه، وقوي يقينه، وقلت معاصيه، ولهذا فهو كتاب الصلاح والإصلاح، به تصلح الأمة، وبه تسلم على أخلاقها وعقيدتها، من تمسك به هدي إلى صراط مستقيم. جاء ذلك - في سياق الكلمة التي وجهها معاليه للمشاركين في المسابقة المحلية على جائزة الأمير سلمان بن عبدالعزيز آل سعود لحفظ القرآن الكريم للبنين والبنات، خلال لقائه بهم بعد ظهر يوم الأحد الخامس والعشرين من شهر ربيع الأول الجاري، وذلك بقاعة الاستماع بفندق قصر الرياض بمدينة الرياض. وكان فضيلته قد استهل كلمته حامداً الله سبحانه وتعالى، ومثنياً عليه، ومصلياً ومسلماً على عبده ورسوله محمد- صلى الله عليه وسلم-، وقال: في هذا اللقاء المبارك من لقاءات الخير، الاحتفاء على مائدة القرآن الكريم، على جائزة الأمير سلمان بن عبدالعزيز- حفظه الله- الذي ترعاه هذه الوزارة المباركة، نلتقي في هذا اللقاء المبارك المعتاد سنوياً، نفرح بهذا الفرح، ونشكر الله تعالى على هذه النعمة، ونتذاكر فيما ينفعنا، وينفع الأمة. وأبان فضيلته أن العلم في زمن المصطفى - صلى الله عليه وسلم -، وزمن الصحابة هو العلم بالقرآن، وكانوا يعلمون القرآن، ويحفظونه، ويعملون بما فيه، ولذلك كان العلماء في ذلك العصر يسمون القراء، وكلكم قرأ سبب نزول قول الله تعالى {وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ}، وهي أن بعض المنافقين قال ما رأينا مثل علمائنا ولا قرائنا هؤلاء، فالقراء اسم للعلماء، والعلم الحقيقي النافع هو ما كان متصلا بكتاب الله سبحانه وتعالى، والذي يقرأ القرآن، ويعلم ما فيه من الفقه، وما فيه من التفسير، وما فيه من أحكام الدين والدنيا، يكون قد أحاط بعلم كبير جداً، ينتفع فيه في دنياه وأخراه، وما قسمت العلوم الإسلامية إلا بعد عهد الصحابة، فجاء علم التفسير، علم الفقه، علم الحديث، علم أصول الحديث، وعلم أصول التفسير، علم الفرائض، إلا كانت هذه العلوم كلها في زمن المصطفى- صلى الله عليه وسلم-، وزمن صحابته الكرام، والتابعين كلها علم واحد، ولهذا إخوتي في الله إذا تذاكرنا في هذا اليوم المبارك نتذاكر في ماذا فهم الصحابة من القرآن وماذا فهمنا؟ وماذا عملوا مع القرآن، وماذا عملنا؟ وكيف استفادوا من القرآن، وما مدى استفادتنا منه؟ لأننا نحب أن نلحق بالركب المبارك، الصحبة الطيبة الذين هم قدوتنا ونفخر أنهم قدوتنا، وندين الله تعالى بأن نقتدي بهم، وأن نفخر بذلك ونربي عليه أبناءنا. وأضاف قائلاً: فإذا حفظ القرآن، وكان همه الاستفادة من هذه الحديقة الغناء، وهذا البستان الذي امتلأ بالثمار اليانعة، والأشجار الحسنة استفاد خيراً كثيراً، لكنه إذا لم يكن همه فقط إلا القراءة المجردة، وتحسين الصوت، والله يا إخوتي في الله يخسر أعظم ما في القرآن الكريم، القرآن أنزل ليجود العقل، يعني إذا رأيت إنسانا عاقلا فاعلم أن عقله إنما جاد بفهم القرآن والعمل به، الناس بدون القرآن عقولهم لا تكتمل، وإذا أردتم اقرأوا القرآن وانظروا ثم طبقوا في الواقع، رب العالمين لما قال {قُلْ تَعَالَوْاْ أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ}، ختم الآية بأي شيء {ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ}، في بداية قصة يوسف ماذا قال: {الر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ . إِنَّا أَنزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ}{حم . وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ . إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ}. وأبرز فضيلته أنه ما يحكم العقل ولا يجيد العقل ولا يجعل العقل يهتم بمصالح الدنيا والآخرة ويستفيد منها إلا هذا القرآن، من طبق القرآن جاد عقله وحصل له استثمار جميع ما ينفعه في هذه الدنيا، ومن أفلس من القرآن ظهر عليه ضعف العقل بمقدار ما تحكم الشيطان في سلوكه، أنتم تعلمون ماذا قال الله عن الكفار، قال: {وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِّنَ الْجِنِّ وَالإِنسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لاَّ يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لاَّ يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لاَّ يَسْمَعُونَ بِهَا}والله يا إخواني يبصرون القنوات الفضائية، ويسمعون كل الكلام الذي يقال فيها، لكن ماذا يريد القرآن عندما يقول {وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لاَّ يُبْصِرُونَ بِهَا}، لا يبصرون بها ما ينفعهم، ولا يسمعون بها ما ينفعهم، ولذلك تستغرب من شخص عاقل يسعى في مضرته، الدنيوية والأخروية، وتسأل أين عقله؟ فتعلم أنه قد أسره إبليس. وشدد فضيلته إلى أنه لا يحصل لنا التخلص مما يضعف عقولنا إلا بتطبيق القرآن {إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلاَّ مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ}، وليس هناك كتاب في الوجود أعظم نفعاً من القرآن دنيوياً وأخروياً، أما دنيوياً أن الله جعل حفظه والعمل به باب العزة، ولذلك الذين يحفظون القرآن ويعملون به، وتظهر عليه آثاره، يجعل الله لهم من العزة بين عباده ما ليس لغيرهم، وهذا شيء ملموس، يعاكس هذا الذين يحفظونه ولا يعملون به ويخالفونه، يسلط الله عليهم من الذلة والهوان ما لا يكون لغيرهم، والله قال في سورة الأنعام عن الذي آتاه آياته فانسلخ منها فأتبعه الشيطان فكان من الغاوين، ما مثله كمثل كلب إن تحمل عليه يلهث أو تتركه يلهث، هذا مثل سوء، ضربه الله تعالى للذين يعلمون هذا العلم الذي يزكي العقول وينير السبيل ويوصل إلى رضا الله ولا يعملون به.