كما فوجئ غيري فوجئت بنبأ وفاة معالي هذا الأمير هذا الرجل المواطن الكبير فالذين ترددوا على منطقة الجوف عدة مرات مثلي وفي الغالب في مهمات رسمية لم يستقبلهم - رحمه الله - فقط على أنه أمير منطقة ففي الصباح يستقبلهم هكذا، أما في المساء وفي جزء من قصره الذي خصصه لضيوف المنطقة وإكرامهم وتقديرهم فهو يستقبلهم على أساس واعتبار أنه مواطن يقدم لهم كل وسائل الراحة والحفاوة ويتناول معهم كل وجبات الطعام ويتبادل معهم أحاديث الود وقصص الرجولة وتاريخ المملكة الذي يجهلونه وبطولات وإنجازات ملوك المملكة ورجالاتها وعلى رأسهم المؤسس الكبير عبدالعزيز - رحمهم الله جميعاً - والأهم من ذلك أنه لا يخلد إلى الراحة والنوم إلا بعد أن ينصرف ضيوفه إلى أماكنهم المعدة لهم وبعد أن يطمئن على أن كل ما يحتاجونه مهيأ لهم؛ ولا يقتصر الحديث معه على أمور الحكم والتاريخ بل يتعداه إلى الأدب والشعر والنواحي الاجتماعية وغيرها مما يخرج به الضيف بفوائد كثيرة للغاية، لا أقول إن هذا ما يُقال وينسب لي عنه فهذا واقع عايشته بنفسي أثناء ترددي على منطقة الجوف وقبل ذلك نقله لي عنه والدي لعلاقته الوطيدة بمعاليه وبإخوانه وخاصة معالي الأمير خالد بن أحمد السديري الذي كما يُقال شهرته تكفي عن تحديده - رحم الله الجميع وأسكنهم فسيح جناته - ولهذا فإنَّ المملكة بوفاته فقدت رمزاً من رموز الوفاء والوطنية والإخلاص فقدت رجلاً ساهم بكل أمانة وإخلاص في بناء هذا الوطن وأمنه واستقراره ضمن المنظومة الطيبة التي وثق بها المؤسس واعتمد عليها بعد الله وكانوا عند حسن ظن المليك والمواطنين بهم ولم يقتصر نشاطه على أمور الإمارة التي كان يتابع أمورها وأمور المنطقة بنفسه عندما يكون بالرياض يتنقل من وزارة إلى أخرى بل أضاف إليه جوانب خيرية أخرى وعلى رأسها مؤسسة عبدالرحمن بن أحمد السديري التي ودع بها الجوف وأراد أن يذكره الناس بها وهي مؤسسة متعددة الأغراض الدينية والاجتماعية والتربوية والعلمية، قسم منها للنساء وآخر للرجال، وتعتبر صرحاً كبيراً مميزاً كان لي شرف زيارتها أثناء إمارة معالي أخي وصديقي الأمير سلطان بن عبدالرحمن السديري وإلقاء محاضرة بها، ولا شك أن لمعالي الأمير عبدالرحمن من المميزات الطيبة ما يعجز القلم عن حصره. هذا ما أردت أن أستعرض عما أعرفه عنه وفي الوقت نفسه أعتبرُ مصابي وأسرتي به مثل مصاب ذويه به بحكم علاقة الأسرتين المميزتين والصداقة الممتازة القائمة بينهما (أقصد أسرة السدارى كافة)؛ والله أسألُ أنْ يتغمدَ الفقيدَ بواسع رحمته، وأن يسكنه فسيح جناته، وأن يضيفه بدار كرامته.{إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ }