ختام مثير لسلسلة بطولة أرامكو للفرق و المقدمة من صندوق الاستثمارات العامة في لندن    جمعية أمراض الكبد تعيّن الشقراني رئيساً لقسم الأطفال    أكد إصراره على الترشح.. بايدن: سأنسحب في حالة واحدة    «الداخلية»: القصاص من مواطن أنهى حياة آخر بإطلاق النار عليه    سفارة المملكة في تركيا نقل مواطن تعرض لوعكة صحية في طرابزون التركية    ضبط (16565) مخالفًا لأنظمة الإقامة والعمل وأمن الحدود خلال أسبوع    الهجرة النبوية    لعدم تكرار سيناريو غاياردو.. بنزيما يختار مدرب الاتحاد القادم    قصيدة للشاعرة هيا الكثيري «نفح»    بالتعاون مع الأردن.. السعودية تنفذ عملية إسقاط جوي ل30 طناً من المواد الغذائية لقطاع غزة    وفاة اللاعب المصري أحمد رفعت.. بعد معاناة من أزمة قلبية    الملك سلمان للرئيس الإيراني الجديد: نتطلع لمواصلة التنسيق في سبيل تعزيز الأمن والسلام    الطقس : فرصة هطول أمطار رعدية على نجران وجازان وعسير    "المركزي الروسي" يخفض سعر الروبل مقابل العملات الرئيسية    عقد اجتماعات مجلس الأعمال السعودي الكازاخستاني المشترك .. 29 الجاري    في أول تصريح بعد فوزه بالانتخابات.. الرئيس الإيراني الجديد: سنمد يد الصداقة للجميع    تعرف على تفاصيل نظام التأمينات الجديد    السعودية تجتذب السياح الصينيين    حريق جبلي يغلق عقبة الباحة    يورو 2024.. فرنسا تفوز على البرتغال وتتأهل لنصف النهائي    "الخلود" يعين "البلوي" مشرفاً عاماً على كرة القدم بالنادي    المجر تلغي محادثات مع وزيرة الخارجية الألمانية    انتشال 89 جثة لمهاجرين غرق قاربهم قبالة ساحل موريتانيا    حدائق ومتنزهات الجوف تجذب الزوار مع اعتدال الأجواء بالمنطقة    كشافة المملكة يبهرون المشاركين بشغفهم بالعلوم والتكنولوجيا    تنظم حفل تكريم للأيتام بمشاركة واسعة من المجتمع المحلي    الطائف مقصد السياح وبوصلة الإستثمار    " تذكرة مغترب" في اليوم الثاني من ملتقى الدمام المسرحي    محافظ حفر الباطن يدشن الحملة الصيفية للتوعية ومحو الأميّة    "الأخضر" تحت 19 عاماً يُتوّج بطلاً لبطولة اتحاد غرب آسيا 2024    الرئيس العام يشكر منسوبي الرئاسة العامة المشاركين في موسم الحج    أكثر من 15 ألف مستفيد من برامج "هداية" بالخبر في يونيو    وكيل مُحافظة وادي الدواسر يٌكرّم الكشافة المشاركين في خدمة الحجاج    اصدقاء البيئة والجمعية السعودية للإعاقة السمعية توقعان إتفاقية تعاون مشتركة    «الأرصاد» تنبه من أتربة مُثارة على أجزاء من الرياض    النائب العامّ يبحث تعزيز التعاون القانوني مع الصين    تحديث ضوابط إعفاء البضائع المعادة من الرسوم الجمركية    الجرائم العابرة للحدود على طاولة نقاش سعودي – صيني    انتهاء مسيرة كروس بشكل حزين بعد إقصاء منتخب ألمانيا من يورو 2024    تحديثات جوجل تغلق المواقع الصغيرة    نائب أمير منطقة الجوف يعزّي محافظ صوير في وفاة والده    أمر ملكي: للوزير رفع طلب تحديد من يحلّ محلّه من نوابه.. والاتفاق معه على الصلاحيات    «الأحوال المدنية»: أمرٌ سامٍ بمنح الجنسية السعودية ل«محمد العنزي»    خطبتا الجمعة من المسجد الحرام والنبوي    طريقة عمل الدجاج المشوي بصلصة الباربكيو والمشمش    الذهب يلمع والنفط بأعلى مستوياته منذ أبريل    أمير القصيم يبارك حصول جميعة الإسكان الأهلية بالقصيم على جائزة الأمير محمد بن فهد    محافظ بيش يتابع تحسين المشهد الحضري لطريق الملك عبدالعزيز    الفجوة التربوية المبكرة    الفنون والآداب السعودية تقتنص الوسام الفرنسي برتبة «فارس»    الجينز الأصفر تقليعة جينزات الصيف    النَّقدُ العربيُّ من القيود إلى الرحابة    خبير طبي يكشف الحقيقة:المرأة أكثر عمقاً وبطئاً من الرجل في النوم !    لا ترضوا أطفالكم بالأجهزة اللوحية.. سلوكياتهم تسوء    العُلا.. الأسرار والعجائب    العنصرية والأنانية والعبثية جزء من المكون الفكري الغربي    محافظ بيش يرأس اجتماع لجنة السلامة المرورية الفرعية بالمحافظة    أمير تبوك يواسي شيخ قبيلة العميرات في وفاة شقيقه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إبراهيم بن عبد الرحمن التركي
من قتل المتنبي..؟!
نشر في الجزيرة يوم 05 - 04 - 2006

** (فلو كانت الديانةُ عاراً على الشِّعر، وكان سوءُ الاعتقاد سبباً لتأخر الشاعر لوجب أن يُمحى اسم أبي نواس من الدواوين، ويحذف ذكره إذا عدت الطبقات، ولكان أولاهم بذلك أهل الجاهلية ومن تشهدُ الآية عليه بالكفر، ولوجب أن يكون كعبُ بن زهير وابن الزِّبعرى وأضرابُهما ممن تناول رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وعاب من أصحابه بكماً وخرساً، وبكاء مفحمين، ولكن الأمرين متباينان، والدين بمعزل عن الشعر..)
أبو الحسن الجرجاني.. الوساطة
** الشعر ومضمونه غيران وليسا شيئاً واحداً، وهذه حقيقةٌ تحرج من درّبه بعض معلميه التراثيين مدى عمره الأدبي بأن الشكل والمضمون لا ينفصلان.. أبو عبد الرحمن بن عقيل - مبادئ في نظرية الشعر والجمال
(2)
** تعرفون شيخَنا العالم الموسوعي (محمد بن عمر بن عقيل) فلا نعرِّفه.. وكذا (الجرجانيَّ) أبا الحسن علي بن عبد العزيز، وهو أستاذ (عبد القاهر الجرجاني) صاحب (أسرار البلاغة) و(دلائل الإعجاز)، وربما أضفنا أنه من كبار القُضاة عند الشافعية ، وله مؤلفات في الفقه والأدب والتاريخ، ووصفه (زكي مبارك) في كتابه (النثر الفني في القرن الرابع) بأنه قاضي القضاة، وسيِّد الفقهاء في الري وأذربيجان..!
** استدلّ أبو الحسن -المولود سنة 290ه - لنظريته بأبياتٍ لأبي نواس تجاوز فيها كل الثوابت، ومنها:
إني بعاجل ما ترين موكلٌ
وسواه إرجافٌ من الآثارِ
ما جاءَنا أحدٌ يخبِّر أننا
في جنةِ مذْ ماتَ أو في نار
** لا فنّ ولا إبداع ولا قيم على حد سواء، ومع هذا استشهد بها (القاضي الجرجاني) لنرى أننا قبل أحد عشر قرناً، أي قبل إحدى عشرة مرتبة من الخيريّة وفقاً للأثر الكريم: (خير القرون قرني ثم الذين يلونهم).. كنّا أكثرَ تسامحاً مع الإبداع، ولم يولد بيننا من قرأوا الشعر بعين الوعظ، أو بعين المصلحة التي قادت النّظم والنظّامين للواجهة، وأوجدت للإبداع تصنيفات مؤدلجة، وأدخلت (العامة) - من غير المتخصصين - في دائرةٍ ضيِّقة، ترى الشعر درساً في الأخلاق، والشعراء مجموعةً من الوعاظ والوُصّاف والزهّاد..!
** ولعل (زكي مبارك) - في كتابه المرجعيّ المشار إليه الذي نال به درجة الدكتوراه عام 1931- قد أشار إلى معضلة (الخلط) حين كتب:
* (وماذا تريدون من الشعر والأدب أيها الناس..؟ أتريدون أن تعلنوا الأحكام العرفية على الكتّاب والشعراء والفنانين لئلا ينظروا بعيونهم، ويفقهوا بقلوبهم فيكون من آثارهم ما ينقض ما تواضعتم عليه منذ أجيال..؟)
(3)
ذو العقل يشقي في النعيم بعقله
وأخو الجهالة في الشقاوة ينعمُ
لا يسلُم الشرف الرفيع من الأذى
حتى يراقَ على جوانبه الدمُ
ومن البليّة عذل من لا يرعوي
عن غيّه وخَطاب من لا يُفهمُ
** مجتزءاتٌ من نصٍّ سارت ببعض أبياته الركبان -كما قالت العرب- فأصبحت من محفوظات العامة والخاصة، وهي لأبي الطيب ومطلعها:
لهوى النفوس سريرةٌ لا تُعلمُ
عَرضَاً نظرت وخلتُ أني أسلمُ
وخاتمتها:
أفعال من تلدُ الكرام كريمةٌ
وفَعَالُ من تلدُ الأعاجم أعجمُ
** كان على مبدأ التصنيف الأخلاقي أن يطمر هذه القصيدة التي امتلأت بالإسفاف والبذاءة وقذف الأعراض حين غضب المتنبي من (إسحق بن إبراهيم الأعَور) المعروف (بابن كَيْغلغ) فهجاه، ولمن شاء قراءتها إذْ لا يُمكنُ - في مثل حالنا اليوم - الاستشهادُ بها أو حتى الإشارة إلى بعض معانيها..!
** والمفارقةُ هنا أن (العكبري) -أحد شرّاح شعر المتنبي حين مرّ على الأبيات - أشار إلى أبيات مماثلةٍ (مليئة بالسقوط -على مذهب التصنيف - فأورد بيتاً للفرزدق، وأبياتاً أخرى قال عنها: (وقد أبدع (علي الربعي) في مثل هذا في امرأة يوسف بن المعلم) ثم ذكر أبياتاً تسعة اشتملتْ على وصف فاضح جداً لما يُفعل بالمرأة، وتأملوا معها مفردة (أبدع).. وتذكروا أنهم مسلمون يخشون الله ويعبدونه دون أن يلتفتوا عن الإبداع الفنيّ ويحاكموه من الوجهة الأخلاقية..!
(4)
** في برنامج مرئي استشهد الشيخ سلمان العودة - وهو يناقش هوانَ الأمة - ببضعة أبيات لم يُشرْ إلى صاحبها، لا جهلاً منه بل سهواً ربما، أو درءاً لمشاعر الجماهير التي ترى أن العناية بشاعرها حيدةٌ عن الطريق الصحيح..!
** الأبيات لنزار قباني من قصيدته (دمشق) التي مطلعها:
فرشتُ فوق ثراك الطاهِر الهُدبُا
فيا دمشقُ لماذا نبدأُ العتبا
حبيبتي أنت فاستلقى كأغنيةٍ
على ذراعي ولا تستوضحي السببا
** استشهد الشيخ بقول نزار:
أدمت سياط حَزيرانٍ ظهورَهم
فأدمنوها وباسُوا كفّ من ضربا
وطالعُوا كتب التاريخ واقتنعوا
متى البنادقُ كانت تسكن الكتبا
سقَوا فلسطين أحلاماً ملونة
وأطعموها سخيف القول والخطبا
** في مذهب التصنيف يبدو نزار شاعر المرأة الموغل في توصيف الحس واللذة والجسد، وهو نفسه شاعر الثورة على المبادئِ والقيم، وربما وجد بعض المصنفين له أبياتاً ضمه بها مع الفئة الضالة التي تريد هدم كيان الأمة الإسلامية وإضاعة شبابها، أوليس بين المذهبين مذهب توسطي ينهى عن المنكر دون أن يتنكر للإبداع..؟
(5)
** بقياس مذهب التصنيف سيُلغى الشعر كُلُّه من لدن (امرئ القيس) إلى (مظفر النواب)؛ فإما أن يكون صاحبُه مشكوكاً في عقيدته، أو شعرهُ خارجاً على الدين، و(المتنبي) - على سبيل المثال - ليس من أهل السنة والجماعة، ولم يمتنع أحد قديماً أو حديثاً عن دراسة وتدريس شعره، بل ربما كان (المشايخ) هم أكثر الناس إلماحاً لأبياته، رغم ما فيها وما فيه مما قد يبلغُ درجة الخروج عن المِلّة..!
** أبو الطيب مَثَلٌ، وفي سواه أمثلة، وفي ديوان (حافظ إبراهيم) - الذي يردد كثيرون قصيدته عن اللغة العربية التي أولها:
رجعتُ لنفسي فاتهمت حصاتي
وناديت قومي فاحتسبتُ حياتي
قصائدُ عديدة في الغزل بالغلمان مما تحرمه كل الأديان وتنفر منه النفوس السويّة..!
** للإمام جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي - صاحب (الإتقان) و(لباب النقول في أسباب النزول) وأحد الجَلاليْن صاحبي التفسير المعروف - كتب (لا يمكن - في أوضاعنا - حتى ذكر عناوينها، وقد حصر له أحد الباحثين 1194 مؤلفاً طبع منها 331 عنواناً، بينما بقي 431 من كتبه مخطوطة، ومثلها (432) مفقودة أو مجهولة المكان، ولو أوردنا أسماء كتبه (الجنسية) الفاضحة في أسمائها بله محتوياتها لكانت كافيةً أمام التصنيفيين لوضع علامات استفهام أمام هذا العالم الموسوعي الذي قل أن يجود الزمن بمثله، ولو أوردنا ما له من آراءٍ في التصوف، وما خالف به الجمهور من قضايا لوضع اسمُه في القائمة السوداء..!
(6)
** ظلت قضية (الشعر والأخلاق) مثيرةً لحوارات المهتمين، وتباينت الآراء حول دوره الثقافي، وآمن الأكثرون أن قراءة الشعر تتم عبر بوابة (علم الجمال ونظرياته) دون أن تحكم بمعايير الخير والشر أو الحق والباطل..!
** وفي كتابه (مبادئُ في نظريّة الشعر والجمال) الصادر عن نادي حائل الأدبي قال أبو عبد الرحمن ابن عقيل:
(.. يظلُّ فسق أبي نواس في فنه الشعري شعراً لأنه حقق مدلولاً ما هو جميل في التعبير الكلامي وفق أصول مأخوذة من علم الجمال العامة، ثم من علوم الفنون الجميلة، ثم من خاصية الجمال في التعبير الكلامي، ومعاذ الله أن أكون داعية للباطل والشر والقبح وإنما أقول: قبح السلوك الفكري والعملي من قيم أخرى خارج دائرة التخصص الشعري يقوم بها المربون والمصلحون ونبراسُهم الدين والأخلاق وعزائم الفكر..)!
(7)
** الحديث لا ينتهي، لنتوجه إلى المسكونين بحب الحقيقة في أن يُحسنوا الظنّ بغيرهم، وألا يأخذهم (التصنيف) في غلوائه، فالاحتفاءُ بالإبداع لا يعني الاتباع، والإعجاب بنص لا يستلزمُ الاقتناع، ومثله البحث فيما وراء الكلمات من ممارسات مما قد يهدمُ رموزاً طالما ادّعت الفضيلة، ولتبق القضية - مثلما كانت عند كثيرٍ من السلف والخلف - قابلة للتمييز بين الصُّورة والمعنى..!
** الإعجاب غيرُ الاستلاب..!
E:Mail: [email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.