معالي الدكتور عبد الله بن عبد المحسن التركي أمين عام رابطة العالم الإسلامي اسم لامع ومعروف على المستوى المحلي والعربي والإسلامي، تقلد مناصب كبرى، وكان له باع طويل في العمل الإسلامي الرسمي والتطوعي، وكانت جهوده بارزة في ميادين العمل المؤسسي الإسلامي، وله مؤلفات في هذا الشأن، وله مشاركات متعددة متشعبة هدفها خدمة جليلة لنشر الدعوة الإسلامية وترسيخ مبادئها وتعميم فوائدها. هنا نتحدث مع فضيلته عن جملة من النقاط: ******* جهود داخلية * النشاط الذي تقوم به رابطة العالم الإسلامي نشاط إسلامي عالمي فما الدور الذي تقوم به داخل المملكة؟ - الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد: فأشكركم على متابعتكم مناشط رابطة العالم الإسلامي، وأشكر لجريدة الجزيرة اهتمامها بشؤون المسلمين وبالقضايا الإسلامية، وحرصها على التواصل والتعاون مع الرابطة. وفيما يتعلق بسؤالكم عن الأعمال التي تنفذها الرابطة داخل المملكة فإن المستغرب أن البعض يظن أن الرابطة والمؤسسات التابعة لها لا تقوم بجهود داخل المملكة والحقيقة أن هناك العديد من الأعمال والمناشط التي تنفذها الرابطة داخل المملكة من خلال الهيئات والمؤسسات والمجالس التابعة لها، وشواهد ذلك كثيرة، فالرابطة عندما لحظت كثرة المشكلات التي تحصل في موسم الحج بسبب الزحام، بادرت لعقد ندوة لعلاج هذه المشكلة التي يذهب ضحيتها في كل عام العديد من حجاج بيت الله الحرام، وقد تم عقد الندوة في مقر الرابطة بمكةالمكرمة بعنوان: (مشكلة الزحام في الحج والحلول الشرعية لها) وقد نظم هذه الندوة المهمة المجمع الفقهي الإسلامي التابع للرابطة في الفترة من 25-27 من ذي القعدة 1423ه حيث شارك فيها عدد كبير من العلماء والفقهاء ببحوث علمية تحدد الحلول الشرعية لمشكلة الزحام في مواسم الحج، وما ينتج عنها من مشكلات، وقد دعي للمشاركة في الندوة ممثلون عن الجهات الرسمية التي تشرف على تنظيم الحج، كما شارك فيها مهندسون وخبراء فنيون ببحوث خاصة قدمت مرئيات ومقترحات مفيدة لحل مشكلة الزحام، وقد أصدرت الندوة عدداً من التوصيات والمقترحات الشرعية والعلمية، حيث قدمتها الرابطة إلى الجهات المختصة بشؤون الحج. وكانت الرابطة عندما بدأت إصدار كتب سلسلة دعوة الحق الشهرية، أصدرت كتاباً خاصاً بشأن مشكلات الحجاج عنوانه: (التوعية الشاملة في الحج). أما هيئة الإغاثة الإسلامية العالمية، وهي إحدى الهيئات التابعة للرابطة فإنها قدمت وما زالت تقدم وتنفذ برامج إنسانية عديدة في مناطق المملكة تشمل كفالة الأيتام ومساعدة الأرامل والمحتاجين وتقديم العلاج للمرضى، وغير ذلك من الأعمال الإنسانية. كذلك أسهمت الأمانة العامة للرابطة وهيئاتها في علاج آفة الغلو والتطرف التي تسللت إلى مجموعات من الشباب، فنظمت المحاضرات والندوات بالتعاون مع جهات عديدة في مختلف مناطق المملكة، كما أصدرت الكتب والبيانات وأعداداً خاصة من صحفها ومجلاتها لعلاج هذه الآفة، وبيان موقف الإسلام من الأعمال الإرهابية التي نفذتها الفئة الضالة في المملكة، وغير ذلك من الجهود التي تقوم بها الرابطة وتتعاون فيها مع الجهات المختصة. بلاغ مكة رؤية لإصلاح الأمة * عقد خادم الحرمين الشريفين مؤتمر القمة بمكةالمكرمة حضره رؤساء دول العالم الإسلامي، هذه القمة تمخضت عن توصيات كيف ستترجم هذه التوصيات إلى واقع ملموس وما الدور الذي ستؤديه رابطة العالم الإسلامي؟ - إن مؤتمر القمة الإسلامية الاستثنائي الثالث الذي دعا خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود - حفظه الله - لعقده في مكةالمكرمة من أهم المؤتمرات التي عقدها زعماء الأمة الإسلامية، وإن ما صدر في بيانه الختامي من توصيات وما تضمنه بلاغ مكةالمكرمة من رؤية لإصلاح حال الأمة المسلمة، ومعالجة المشكلات التي تعيشها والتحديات الداخلية والخارجية التي تواجهها، ومن أهمها مشكلات التفرقة والتمزق والضعف الذي تعاني منه الأمة، إلى جانب التحديات الخارجية ومنها الحملات على الإسلام وعلى أمة الإسلام وقيمها وحضارتها ومؤسساتها وشعوبها، إن ذلك من أهم ما تعنى به الرابطة بل إن ذلك هو الهدف الأساسي لإنشائها. وفيما يتعلق بسؤالكم عن الجهد الذي يمكن أن تقدمه رابطة العالم الإسلامي في هذا الشأن، فإن الرابطة كونت فريقاً لدراسة ما صدر عن المؤتمر للاستفادة من ذلك في جانبين: الجانب الأول: بذل الجهد لتنفيذ ما أوصى به المؤتمر العلماء والمثقفين والمؤسسات الإسلامية في مجالات توحيد جهود الأمة العلمية والثقافية والإعلامية والاقتصادية وغيرها ودعم مؤسسات الوحدة الإسلامية الشاملة، ونقل شعوب الأمة من حال التمزق والتشتت والتشرذم المزرية إلى درجات ومراحل من التنسيق والتعاون التي تقرب هذه الشعوب إلى تحقيق العمل الإسلامي المشترك، هذا إلى جانب التعريف الصحيح بالإسلام والدفاع عن مبادئه وقيمه التي تواجه حملات إعلامية غربية مغرضة. الجانب الثاني: الاستفادة مما توصل إليه قادة الأمة وما قرروه أو أوصوا به في المؤتمر الإسلامي العالمي الذي ستعقده رابطة العالم الإسلامي في شهر ربيع الأول هذا العام 1427ه إن شاء الله برعاية كريمة من خادم الحرمين الشريفين - أيده الله - وذلك بعنوان: (وحدة الأمة الإسلامية) حيث من المقرر أن يتم خلال فترة المؤتمر تكوين الهيئات واللجان المنبثقة عن الملتقى العالمي للعلماء الذي كونته الرابطة للبحث في القضايا والنوازل الكبرى التي تتعرض لها الأمة المسلمة، وسوف تتم دراسة القضايا الأساسية في ضوء ما أوصى به مؤتمر قمة مكة علماء الأمة. مؤتمر وحدة الأمة * أشرتم إلى عزم الرابطة عقد مؤتمر عن وحدة الأمة، فما سبب اختيار الرابطة هذا الموضوع؟ - لقد اختارت الرابطة وحدة الأمة الإسلامية موضوعاً لمؤتمرها الذي سوف تعقده - إن شاء الله - في شهر ربيع الأول القادم؛ لأن الوحدة أهم المقومات الأساسية لتقدم الشعوب ونهضة الأمم، وقد حث الإسلام المسلمين على الوحدة والتضامن والتعاون في مختلف المجالات والميادين، يقول الله عز وجل: {وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ} (103) سورة آل عمران. ويقول سبحانه وتعالى: {وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِِ} (2) سورة المائدة. وحث الرسول - صلى الله عليه وسلم - على وحدة الأمة الإسلامية في حديثه الشريف: (المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً) وشبك بين أصابعه، وقال - صلى الله عليه وسلم -: (مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى). والمسلمون اليوم يواجهون تحديات جمة بسبب تفرقهم؛ مما يوجب عليهم مراجعة أوضاعهم، ومعالجة أسباب الفرقة، والحرص على جمع الكلمة ووحدة الصف، ورابطة العالم الإسلامي استشعاراً منها بما يعيشه المسلمون من ظروف صعبة من أبرز أسبابها الفرقة، وتقديراً لأهمية استنهاض همة المسلمين: علماء، وحكومات، جماعات، وشعوباً، لاستعادة وحدة الأمة الإسلامية وتقوية شوكتها وتوثيق عرى الأخوة الإيمانية حتى تجتمع إمكاناتها الفكرية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية، ويستعيد المسلمون مكانهم الريادي في هذا العالم الذي تتنازعه مختلف التكتلات، فقد قررت أن تعقد الملتقى الأول لعلماء المسلمين، بعنوان (وحدة الأمة الإسلامية) تحت رعاية كريمة من خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود. إن المشاركين في المؤتمر سوف يناقشون موضوع وحدة الأمة الإسلامية من خلال خمسة محاور أساسية، تتفرع منها بحوث متخصصة عديدة، وهذه المحاور هي: وحدة الأمة الإسلامية في القرآن والسنة، ونماذج مضيئة للوحدة في التاريخ الإسلامي، ودواعي الوحدة ومسؤولية تحقيقها، ومعوقات الوحدة وسبل علاجها، وبرامج عملية لتحقيق الوحدة. * علمت (الجزيرة) أن الرابطة ستعقد اجتماعات مصاحبة للمؤتمر، فما هي هذه الاجتماعات؟ - نعم سيتم عدد من الاجتماعات المصاحبة للمؤتمر هي: الاجتماع الأول للجمعية العمومية لهيئة التنسيق العليا للمنظمات الإسلامية، وسيكون الموضوع الرئيس لهذا الاجتماع (المنظمات الإسلامية وما يواجهها من تحديات معاصرة)، واجتماع الدورة العشرين للمجلس الأعلى العالمي للمساجد، واجتماعات الدورة الثامنة عشرة لمجمع الفقه الإسلامي التابع لرابطة العالم الإسلامي. * رابطة العالم الإسلامي هي همزة الوصل بين الشعوب الإسلامية والحكومات، بل هي رائدة في مجال العمل المشترك، والسؤال: ما الأولويات التي تهتم بها الرابطة في هذا المجال؟ - أؤكد هنا أن معرفة الأولويات وتحديدها والتعامل معها وفق خطط تراعي الزمان والظرف والأحوال من الأمور المهمة التي تهتم بها الرابطة، وأشير إلى أن تحديد الأولويات مرتبط بمعرفة التحديات التي تواجه الأمة، وهي تحديات خارجية وداخلية، وإن مواجهة التحديات الخارجية تعتمد في الأساس على معالجة التحديات الداخلية، ومن أهمها تفرق الأمة، وتضارب مناهجها، وابتعادها عن النهج الذي اختاره الله - سبحانه وتعالى - لها. وسيتدارس مؤتمر وحدة الأمة هذه التحديات، وتحديد الأولويات التي ينبغي أن يعمل المسلمون على تحقيقها، ومن أهمها: تقوية التعاون بين الحكومات والشعوب في كل مجال يصلح حال الأمة، ويدفع عنها الضر والأذى، وصيغ العمل الإسلامي المشترك بين المؤسسات الإسلامية الشعبية والرسمية في مجالات الدعوة والتعليم والثقافة والإعلام، وغير ذلك من المجالات الحيوية التي تتعلق بحياة الأمة، ومحاربة الإرهاب، وتحقيق الأمن للناس، والتعاون في ذلك مع المنظمات الدولية الساعية لتحقيق الأمن للمجتمعات الإنسانية، والدفاع عن الإسلام ومواجهة الحملات الظالمة التي تستهدفه، بغية تشويهه، والتعاون في نشر أحكام الإسلام الصحيحة وقيمه التي تدعو إلى التواصل والتعارف والتعاون بين الأمم لما فيه مصلحة الإنسان، والسعي لإنهاء معاناة الشعوب والأقليات المسلمة المظلومة بسبب العدوان، ومساعدتها، والتخفيف من معاناتها، وعونها، وذلك بالتعاون مع المنظمات الدولية المعنية بحرية الشعوب وأمنها. عالمية رسالة الإسلام * عندما تسلم معاليكم مهام رابطة العالم الإسلامي أخذ في نشر العالمية كهيئة تحفيظ القرآن العالمية والمسلم الجديد وغيرهما من الهيئات، لماذا وما الهدف من نشر هذه الهيئات؟ - إن الاتجاه نحو العالمية في العمل الإسلامي مرتبط بعالمية رسالة الإسلام وتبليغها للناس جميعاً، وهذا من أهم الأهداف التي قامت الرابطة من أجلها. إن عدداً من هيئات الرابطة تعمل منذ عشرات السنين في الساحة العالمية، ومن أهم هذه الهيئات هيئة الإغاثة الإسلامية العالمية والهيئة العالمية للإعجاز العلمي في القرآن والسنة النبوية المطهرة، وقد قرر أعضاء المجلس التأسيسي للرابطة، وهم من علماء الأمة ودعاتها العاملين إنشاء هيئات عالمية متخصصة مثل الهيئة الإسلامية العالمية للإعلام، والهيئة الإسلامية العالمية للتعليم، والهيئة العالمية للمسلمين الجدد، والهيئة العالمية لتحفيظ القرآن الكريم، وغيرها من الهيئات التي أنشأتها الرابطة لتعمل تحت مظلتها، وتحقق الأهداف المرتبطة بتخصصها وتعمل كل واحدة من هذه الهيئات على تنفيذ برامج وخطط تلبي حاجات ملحة في المجتمعات الإسلامية والمجتمعات التي تعيش فيها أقليات مسلمة؛ فالمسلمون في كل مكان إخوة، وإن تقديم هيئات الرابطة الخدمة للمسلمين من خلال مناشط عالمية يحقق التواصل والتضامن والترابط والتعاون بين المسلمين، وهذا من الأهداف الأساسية التي أنشئت رابطة العالم الإسلامي من أجلها؛ {إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ} (92) سورة الأنبياء. * ينادي أعداء الدين بحرية المرأة وأن الإسلام يقيد هذه الحرية، كيف ردت الرابطة على هذه النداءات؟ - اهتمت الرابطة بقضايا المرأة وشؤونها وأنشأت هيئة عالمية خاصة بشؤونها وهي (الهيئة العالمية للمرأة والأسرة المسلمة)، وتنفذ هذه الهيئة برامج لحماية المرأة المسلمة مما يحيط بها من مخاطر، كما تهتم بالدفاع عن حريتها، وحقوقها التي كفلها الإسلام، وتسعى الرابطة بالتعاون مع هذه الهيئة إلى عقد مؤتمر دولي خاص بالمرأة المسلمة؛ وذلك للتعريف بحقيقة موقف الإسلام من المرأة ورعايتها وضمان حقوقها. واهتماماً من الرابطة بشأن المرأة والدفاع عنها والتعريف بحقوقها أصدرت عدداً من الكتب في سلسلة دعوة الحق التي تصدرها الأمانة العامة للرابطة شهرياً ومن هذه الكتب: - المرأة وحقوقها في الإسلام. - المرأة المسلمة بين نظرتين. - شقائق الرجال وحل مسألة المرأة في المنهج الإسلامي. - المرأة بين الجاهلية والإسلام. - زواج المسلمة بغير مسلم وحكمة تحريمه. - الماسونية والمرأة. - زينة المرأة بين الإباحة والتحريم. - الحقوق المتقابلة بين الزوجين في الشريعة الإسلامية. * شاركت الرابطة في العديد من المؤتمرات الدولية التي ناقشت موضوع المرأة والأسرة ومن أهم هذه المؤتمرات قمة الأرض التي عقدت قبل عامين في جوهانسبرج بجنوب إفريقيا، فماذا قدم وفد الرابطة في هذا المؤتمر؟ - كونت الرابطة وفداً إسلامياً، وكلفت الأمين المساعد للمساجد بتمثيل الرابطة في مؤتمر قمة الأرض، وقد قدم وفد الرابطة مذكرة ضافية شرح فيها المبادئ الإسلامية المتعلقة بالمرأة والأسرة تضمنت صيغة لمعالجة شؤون المرأة تكون بديلة عن صيغ التحلل والانفلات التي قدمتها جهات أخرى. وقد ركزت هذه الصيغة على أن للمرأة رسالة حيوية ومسؤولية بالغة الأهمية في البيئة والتنمية من خلال التأكيد على رسالتها الطبيعية والأساسية في تنشئة جيل مؤمن واع ومدرك لهذه المسؤولية، مما يتطلب تعزيز كيانها وحمايتها من أنواع القهر والعنف والاستغلال البدني والجنسي وتمكينها من القيام برسالتها الحقيقية في تنشئة الأجيال. وشرحت مذكرة الرابطة عناية الإسلام بالأسرة وتركيزه عليها باعتبارها نواة المجتمع والخلية الأولى التي يجب أن تبنى على الإيمان والمودة والثقة والمسؤولية المتبادلة، حتى يجد الرجل والمرأة في أحضانها طيب الحياة واستقرار النفس، وحتى يتغذى أطفال اليوم ورجال الغد بهذه العواطف الإنسانية النبيلة، ويشيعوها في المجتمع، وينقلوها في مختلف الميادين التي يتعاملون معها. وبينت المذكرة أن الإسلام أوجب على المرأة مسئوليات كثيرة للمشاركة في الحياة العامة في مختلف ميادينها العلمية والاقتصادية والاجتماعية، دون أن تفقد وظيفتها الأولى وهي رعاية البيت وتنشئة البنين والبنات وإعدادهم النفسي والثقافي، والتصور الإسلامي لمهمة الأسرة ولوظيفة الوالدين والمرأة ومسؤولياتها بصفة خاصة يعتبر أحد المنطلقات الاجتماعية التي يقدمها الإسلام اليوم لمجتمع حديث يفقد التوازن، وينتقل من تطرف لآخر، ويلبس الشهوات والأهواء أقنعة زائفة. الإساءة إلى الرسول * تقوم الصحافة الغربية بين الفينة والأخرى بالتعدي على الدين الإسلامي والانتقاص من شخص الرسول - صلى الله عليه وسلم - فماذا فعلت رابطة العالم الإسلامي إزاء الإساءات البالغة التي نشرتها بعض الصحف في كل من الدنمارك والنرويج؟ - كانت الرابطة أول منظمة إسلامية تصدت للإساءة التي وجهتها صحيفة (بلاندز بوسطن) الدنماركية إلى الرسول محمد - صلى الله عليه وسلم - والإساءة التي وجهتها صحيفة (ماغازينت) النرويجية لشخصه الكريم - عليه الصلاة والسلام - في أول أيام عيد الأضحى المبارك، يوم أداء حجاج بيت الله الحرام مناسكهم. لقد عبرت الرابطة عن استياء المسلمين واستنكارهم الشديد هذه الإساءات الصحفية التي تطاولت على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو الرحمة المهداة للعالمين: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ } (107) سورة الأنبياء. وبينت للرأي العام العالمي ولحكومات العالم ومنظماته خطر هذه الحملة الإعلامية المغرضة على التعايش بين الناس وعلى الحوار بين الحضارات والثقافات العالمية المختلفة، وطالبت الأممالمتحدة بالتصدي لهذه الحملة والعمل على منعها وإيقافها، وذلك وفق القانون الدولي الذي يمنع التطاول على الأديان، وإثارة الكراهية وممارسة التمييز بسبب الدين. وطالبت الرابطة المنظمات والحكومات الإسلامية بالتصدي لهذه الحملة الظالمة، وقد حصلت استجابة واسعة لدعوتها - ولله الحمد - وتعدّ الرابطة في الوقت الحاضر (كتاباً مفتوحاً) سوف تبعث به إلى الأمين العام لهيئة الأممالمتحدة وقادة المنظمات الدولية المهتمة بالأديان والثقافات وحقوق الإنسان، يتضمن طلباً بتنفيذ القانون الدولي الذي يمنع التطاول على الأديان وإثارة الكراهية بين أتباعها، وسوف تعمم الرابطة ذلك على الرأي العام العالمي من خلال وسائل الإعلام ومواقع الإنترنت الإسلامية والدولية في وقت قريب إن شاء الله. * ماذا نتج عن زيارتكم لإندونيسيا في إطار جولاتكم في الدول الإسلامية؟ - لقد قام الوفد الإسلامي العالمي الذي كونته الرابطة بناء على قرار المجلس التأسيسي والمؤتمر الإسلامي العام الرابع الذي عقدته الرابطة في عام 1423ه بزيارة عدد من البلدان العربية والإسلامية، حيث التقى بالمسؤولين فيها، واجتمع مع القيادات الدينية والثقافية والاجتماعية المؤثرة في تلك البلدان ومن أهم البلدان الإسلامية التي تم اللقاء مع قياداتها ومسؤوليها المملكة العربية السعودية، والمملكة الأردنية الهاشمية، وإندونيسيا، وباكستان. وكان الوفد قد التقى في بدء تحركه وذلك في شهر جمادى الآخرة من عام 1425ه بخادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود - حفظه الله - كما التقى بسمو الأمير نايف بن عبد العزيز وزير الداخلية، وسمو الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية، للوقوف على آرائهم وتصوراتهم. على أن أهم ما أنجزه الوفد من خلال سلسلة لقاءاته مع قادة الأمة المسلمة تعزيز مفاهيم العمل الإسلامي المشترك، وعقد اتفاقات تسهم في تحويل هذه المفاهيم إلى عمل ميداني، إضافة إلى التقريب بين الشعوب والأقليات المسلمة التي تمثلها الرابطة وحكومات الدول الإسلامية والاتفاق على دعم مؤسسات الوحدة الإسلامية، واللجان المشتركة لتنفيذ برامج التعريف بالإسلام والدفاع عنه. إدانة الإرهاب * الإرهاب لا دين له ولا وطن، ما موقف الرابطة منه؟ وكيف تعاملت مع عمليات الإرهاب؟ - إن الرابطة بادرت إلى تدارس هذه الظاهرة من خلال مجالسها والهيئات التابعة لها، حيث استعرضت أسبابها، وتوقفت عند وقائعها، وأدانتها إدانة واضحة في العديد من البيانات والتصريحات المنشورة، ودعت إلى مواجهة الإرهابيين وملاحقتهم، وبينت موقف الشريعة الإسلامية من إجرامهم، وعندما كثر الكلام عن الإرهاب وحقيقته، أصدرت الرابطة من خلال الدورة السادسة عشرة لمجمع الفقه الإسلامي في شهر شوال 1422ه بيان مكةالمكرمة، وقد تضمن البيان تعريفاً للإرهاب، وإدانة علماء الأمة له، وبيان حكم الإسلام في فاعليه، وبين علاج الإسلام له، وقد لقي هذا التعريف قبولاً وتقديراً لدى المؤسسات الدولية المعنية، وفي مقدمتها الأممالمتحدة. * هل لكم أن تذكروا نص تعريف مجمع الفقه الإسلامي في الرابطة للإرهاب؟ - إن النص الذي اتفق عليه العلماء والفقهاء أعضاء المجمع الفقهي الإسلامي هو: (الإرهاب هو جميع صور العدوان الذي يمارسه أفراد أو جماعات أو دول بغياً على الإنسان (دمه، وماله، وعرضه)، ويشمل الإرهاب التخويف والأذى والتهديد والقتل بغير حق وما يتصل بصور الحرابة وإخافة السبيل وقطع الطريق، وكل فعل من أفعال العنف أو التهديد أياً كانت بواعثه أو أغراضه، يقع تنفيذاً لمشروع إجرامي فردي أو جماعي، ويهدف إلى إلقاء الرعب بين الناس، أو ترويعهم بإيذائهم، أو تعريض حياتهم أو حريتهم أو أمنهم للخطر، أو إلحاق الضرر بالبيئة أو بأحد المرافق والأملاك العامة أو الخاصة، أو تعريض أحد الموارد الوطنية، والطبيعية للخطر، وكل هذا من صور الفساد في الأرض التي نهى الله - سبحانه وتعالى - المسلمين عنها: {وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ}. جائزة السودان سنة بدأتها المملكة بجائزة الملك فيصل * تم اختيار معاليكم لجائزة رئيس جمهورية السودان في مجال الدعوة وقلدكم فخامته كذلك وسام العلم والآداب.. وإذ أهنئكم بهذا الاختيار أود أن أسأل: ماذا تعني لكم هذه الجائزة؟ وهل تعتقدون أن معناها يتضمن تحملكم مسؤوليات إضافية؟ - تعني بالدرجة الأولى مدى الاهتمام الذي يوليه الإخوة في رئاسة جمهورية السودان الشقيق بقيادة فخامة الرئيس عمر حسن البشير، للدعوة الإسلامية والتقدير لما يبذل في مجالها من الجهود وما كان لها من الأثر العظيم في انتشار الوعي بين أبناء الأمة، وتعني بدرجة ثانية أن هذه السنة الحميدة والمأثرة الجميلة التي سنتها المملكة العربية السعودية بداية من (جائزة الملك فيصل) وما تلاها، قد أصبحت تحتذى في العديد من الحكومات الإسلامية، تشجيعاً لخدمة القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة، والأدب الإسلامي والدعوة، وحرصاً على ربط الأمة بمصدر دينها وتراثها الحضاري. وهذه الجوائز الممنوحة على هذه المستويات لها معنى أبعد من التقدير الشخصي، إنها تذكير يصدر من مستويات عليا في الأمة، بالمسؤولية العامة المشتركة تجاه ديننا وأمتنا، ولابد من التجاوب مع هذا التذكير بمضاعفة الجهود وتحمل المزيد من المسؤوليات، والتفكير الدائب المتواصل في آفاق التعاون، وسبل التنسيق بين المؤسسات الإسلامية المختلفة، ورجالها وأعمالها، إذ غاية الجميع واحدة، والله الموفق لكل خير.