إن الارتقاء بجودة التعليم لا يتم بزيادة حجم التمويل أو إنشاء مزيد من المدارس وتوفير الكتب الدراسية للطلاب، ولكن التعلم بحاجة للاهتمام بمخرجات التعليم الجيدة التي تخدم المجتمع وتلبي حاجة المتعلم وتستثمر الوقت والجهد والمال. والوصول إلى ذلك يحتاج إلى التعاون من مختلف الأطراف المرتبطة بالعملية التعليمية وقناعتهم بأهمية الاستمرار في التقويم والتطوير، سواء كان ذلك من جانب الحكومة أو المعلمين وأولياء الأمور، والاهتمام بتنمية العلاقة بين المدرسة والبيئة المحيطة بها؛ لأن انخفاض جودة التعليم يعدُّ من أهم أسباب التسرب، فإذا ساد الاعتقاد بين أفراد المجتمع بعدم جدوى التعليم انعكس ذلك على المتلقي وعلى المجتمع، وخصوصاً الأسرة الفقيرة التي تصرف المال على أبنائها وتتطلع إلى استثمار ذلك المال في مجالات أخرى، فيؤدي تدنِّي مستوى التربية والتعليم إلى انتشار الأمية، وعندما يكون التعليم لا يؤدي إلى التشغيل (أي بطالة المتعلمين) فإن هذا يؤثر على انخفاض الإنتاجية والاستثمار والادخار، ويسهم في التأثير كذلك على المهارات الإدراكية، ولا يشجع على التنافس والإبداع. ولا يخفى على المهتمين بالتربية والتعليم مساوئ الأمية على المجتمع، فقد يلاحظ في بعض الدول أن معدل التمدرس، وخصوصاً في المرحلة الابتدائية، لم يصل إلى شمول كافة الأطفال. هذا من جانب، ومن جانب آخر عدم الاهتمام بتطوير مهارة المعلمين باستمرار ومتابعة التقويم السنوي لملاحظة مواطن الضعف لديهم وإلحاقهم بدورات متخصصة ينعكس على دورهم داخل الفصل الدراسي؛ حيث إن ظاهرة الدروس الخصوصية دليل على خلل في العملية التعليمية سواء من المعلم أو من كثافة الطلاب أو قلة المرشدين المختصين، فالأسرة الآن هي التي تتحمل مساوئ عدم التقويم التربوي، فتقوم بالصرف على الطالب والاهتمام بتوفير متطلبات المدرسة والمواصلات بالإضافة إلى الدروس الخصوصية، فأصبحت المدرسة تهتم بمتابعة الطالب والبيت يقوم بعملية التدريس. ومن جانب آخر كذلك لا يوجد في أغلب الأنظمة التعليمية في هذه الدول النماذج والبدائل للتدريس أو متابعة الجدول الدراسي أو المنهج المحسوب في مدة معينة، فمثلاً إذا غاب المعلم أو المعلمة لمدة أسبوع أو شهر فإن المتابعة من قِبل المدرسة تتوقف حتى عودة المعلم أو المعلمة، ومن ثم الضغط على الطلاب وعلى البيت الذي يقوم بعملية التدريس؛ مما سبب الارتباك في إيصال المعلومة إلى المتعلم، ويكون ذلك على حساب الجانب التربوي المنشود. فمشكلات التربية والتعليم تولد لدى المتعلمين عدم الاستقرار وعدم الثقة بالنفس، وهذا يؤثر عليهم في مجال عملهم في المستقبل وعلى أمتهم ومجتمعهم، ولذا فإن الدول التي لا تهتم بمخرجات العملية التعليمية تفقد التربية الجيدة وتفقد المجتمع المثقف الواعي الواعد.