في جريدتكم الغراء لعددها 12196 قرأت ما كتبه الأخ شاكر بن صالح السليم تحت عنوان (أعيدوا النظر في التخطيط والتدريب والإشراف)، والذي تضمن عدداً من النقاط الجوهرية ومنها أن إعادة المشرفين التربويين للتدريس غير منطقي، وكان من الأولى أن يتم ذلك بعد المفاضلة المركزية. ولكون هذا الموضوع غايةً في الأهمية فإنني ومن باب المصلحة التربوية والتعليمية أود أن أدلي بدلوي فيه وذلك من خلال النقاط التالية: 1- كان من الأولى والأفضل للوزارة أن يتم مثل هذا القرار في آخر العام الدراسي على أن يسبق ذلك تعميم خاص يشير إلى مغزى الوزارة وهدفها الواضح من هذا الإجراء، وذلك لكي يتسنى لهؤلاء المشرفين التربويين الاستعداد والتهيئة التي تتفق مع وضعهم بين العمل داخل الإدارة التعليمية بحسب الاحتياج أو داخل المدارس أو طلب النقل الخارجي، وذلك لما في هذه الطريقة من وقع طيب على نفوسهم نتيجة لما تتيحه لهم من تفكير سليم في حرية اختيار الأنسب لهم بدلاً من مباغتتهم في نصف العام الدراسي وفوات الفرصة من أمام بعضهم لطلب النقل الخارجي إذا ما رأوا في ذلك فائدة لهم، حيث لا يؤخذ في الاعتبار مسمى عمله كمشرف تربوي عند تحقيق النقل سوى معلم وهو أمر مقبول لدى الجميع بعكس ما حدث لهم حالياً حيث شعر بعضهم بأن هذا الإجراء انتقاصة في حقهم وأن بعض الناس خارج هذه المؤسسة التعليمية قد نظروا لذلك على أنه نوع من التأديب، وهو ما كان ينبغي لمتخذي القرار الالتفات إليه حفاظاً على مكانة هؤلاء التربوية والتعليمية والاجتماعية. 2- من المعروف لدى الأوساط التربوية أن أي مشرف تربوي يتم ترشيحه وبالطبع وفق معايير معينة يزود بخطاب رسمي يتضمن تميزه أو الإشادة بأعماله ومدة تكليفه والتي غالباً ما تكون سنة واحدة ما لم يرد من رئيسه المباشر خلافاً لذلك الأمر الذي يجعل من هذا المشرف التربوي في وضع من الارتياح النفسي وبالتالي ما عليه إلا أن يجتهد ويعمل بتفانٍ وإخلاص من أجل أن يستمر في هذا العمل التربوي أو يكون على العكس من ذلك فيزود حينئذ بخطاب آخر يطالبه بتحسين أدائه مستقبلاً وإلا يحول إلى مكان آخر أو يتجاوز هذا الأداء المنخفض إلى تهاون وتقصير أو إخلاء في النظام فيزود بعد ذلك بخطاب بتضمن توقيع العقوبة عليه من لفت نظر إلى إنذار وما شابه ذلك حتى طي قيده الوظيفي. فما لم يخضع المشرف التربوي لهذه الإجراءات النظامية فإنه وبحكم ترشيحه طبقاً للمعايير المعتبرة أعلاه فإنه لا شك سيصبح في دائرة الظلم وهو ما نتوقع أن يشعر به معظم هؤلاء المشرفين التربويين إن لم يكن كلهم حيث تم إعادة بعضهم إلى المدارس ودونما ذنب اقترفوه أو تقصير منهم، وهو ما نحسبه نوعاً من التجني الذي لا يقره دين ولا نظام. 3- لم يُنظر في هذا القرار إلى ما هو متوقع من هؤلاء المشرفين داخل المدراس التي يوجهون إليها من حيث العطاء من عدمه، وذلك من منظور الأجواء النفسية التي يعايشونها لحظة إعادتهم إلى معلمين، وخاصة إذا ما كانوا تحت إمرة أحد من تلاميذهم أو يكون مدير المدرسة أقل منهم خدمة وتجربة وخبرة وتفهماً في العملية التربوية والتعليمية، وما يمكن أن يحدث من جراء هذه المفارقات من تضاد بينهما في الفكر وطريقة المعاملة وعدم القبول وما يترتب على ذلك من حدوث مشاكل مختلفة فضلاً عن النظرة التقويمية والتباين في وجهات النظر أو المحسوبية أو تصفية الحسابات وخاصة في حالة كون مدير المدرسة كان بالأمس القريب تحت إشراف ومتابعة مثل هؤلاء المشرفين أو كان هذا المدير معلماً وقد نال منهم ما لا يعجبه وها هي الفرصة قد أتت لأخذ الثأر منه. وكل ذلك على حساب مصلحة الطلاب الذين هم يمثلون حجر الزاوية في العملية التربوية والتعليمية. 4- لم يراعِ هذا القرار فارق الخدمة التي أمضاها بعض هؤلاء المشرفين التربويين والتي قد تصل إلى ثلاثة عقود من عمر الزمن عوضاً عن الخبرة التي اكتسبوها بالممارسة، وبين نظائرهم في هذا الشأن، الأمر الذي كان من نتائجه أن أحدث شيئاً من الحساسية فيما بينهم وبين أيضاً المسؤولين على مستوى المنطقة الواحدة وذلك من جراء إبقاء أناس دون آخرين بحسب الأعداد المقررة لكل قسم مع تفاوت التخصصات بطبيعة الحال والمحسوبية التي لا زالت إشكاليتها قائمة بيننا وللأسف الشديد. 5- كما أن القرار لم يلتفت إطلاقاً إلى مدى أهمية إشباع حاجات هؤلاء المشرفين ممثلاً في تحقيق الأمن الوظيفي لهم والاعتراف بمجهوداتهم وإحساسهم بقيمتهم الذاتية والتي رأى أكثر علماء الإدارة والباحثين بأنها ضمن الحوافز الأهم للموظف من أجل عطاء مستمر وإنتاج أفضل وهناك كثير من الأمثلة من واقع منهجنا الإسلامي ما يحث على مدى أهمية هذا التحفيز لأي عامل أو موظف والتي لا يتسع المجال لذكرها هنا بشكل تفصيلي بالإضافة إلى مدى أهمية العدل والمساواة بين هؤلاء المشرفين التربويين عند اتخاذ مثل هذا القرار، وبناء عليه فإنه ليس من المعقول البتة أن يبقى مشرف تربوي ذو خدمة أقل في مكانه بينما يعاد زميله الأكثر منه خدمة وخبرة للعمل في أحد المدارس لمجرد أن قسمه قد اكتفى بعدد محدد أو تم إلغاؤه. 6- تشير بعض الدراسات، وهو ما لا يغيب عن ذهن المعنيين بالوزارة بأنه من ضمن مراحل اتخاذ القرار تحديد البدائل والحصول على أكبر قدر ممكن من المعلومات عن كل موظف، وهذه الخطوة نعتقد بأنها لم تفعل بشكل واضح أو دقيق على أرض الواقع بدليل أن العاملين بأقسام البحوث التربوية في بعض المناطق والذين راحوا ضحية لإلغاء هذه الأقسام المهمة على الرغم من ترشيحهم من مبدأ الكفاءة والاهتمام بالبحوث وخاصة المؤسسين لها عام 1418ه لم يوفر لهم البديل حتى في تخصصاتهم الأمر الذي كان من شأنه أن دفع ببعض المناطق إلى إعادتهم للمدارس وهو ما نعتقده غير مناسب في حقهم من منظور ما قدموه من جهود طيبة تذكر فتشكر طوال الفترة الماضية على الرغم من ضعف الإمكانيات المقدمة لهم وخاصة المادية منها. فلو كان هناك تخطيط سليم قبل اتخاذ هذا القرار يُراعى مثل هذا الجانب لما كان هناك متذمر أو متكدر الخاطر أو يشكو ظلماً. ولعلي أختم مقالي هذا بقول أحد علماء الإدارة حينما قال: إذا لم تقدر ما يقوم به العاملون معك - ويعني القائم بأعمال الإدارة أياً كان نوعها فإن اهتمامهم سوف يتوقف وعندئذ سوف تجد نفسك خارج دائرة النجاح.