ودعت بريدة قبل أيام قليلة موظفاً كفؤاً وإدارياً لبقاً وطالب علم متميزاً هو الأستاذ صالح بن عبد الرحمن البلهي مدير مالية بريدة سابقاً والذي عرف بين أقرانه وزملائه بالصلاح والتقوى والورع والهدوء والسكينة إذا رأيته تذكرت سير الصالحين ومنهج السلف الصالح، هذا وقد وفق إمام المسجد وفقه الله في اختيار آيات من سورة الفرقان، ومنها {وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا} ولقد قلت في نفسي إن ذلك بحق وحقيقة هي سيرة الرجل في حياته التي عرفناه بها وهي سمة واضحة وبينة من سمات وحسنات عباد الرحمن إنهم يمشون على الأرض هوناً مشية سهلةً ميسرة ليس فيها تكلف ولا تصنع ولا أذى ولا بذاء ولا تطاول ولا صلف ولا جلف ولا عنف ولا خيلاء ولذا يقول العلماء (إن كل مشية تعبير عن شخصية صاحبها وعما يكنه من مشاعر وأحاسيس) ويقولون (إن النفس المطمئنة الهادئة الجادة القاصدة تخلع صفاتها وسماتها على مشية صاحبها فيمشي مشية هينة لينة سوية مطمئنة وهذه المشية فيها وقار وسكينة وجد وقوة) رحم الله أبا عبد الرحمن لقد كان أنموذجاً حياً وفريداً للموظف الكفؤ المخلص الناجح والأمين أيضاً على ما في يده والنصح التام لإخوانه وزملائه ومراجعيه، ولذا قيل ليس الإيمان بالتمني ولا بالتحلي ولكن ما وقر في القلب وصدقته الأعمال. ولقد كان رحمه الله يتمتع بصفات وسمات إدارية وقيادية عالية المستوى جيدة المحتوى اتصف بلين الجانب والسماحة والكرم واللطف والعطف وحب الخير وفعل المعروف والإحسان.. يا غائبا في الثرى تبلى محاسنه الله يوليك غفراناً وإحساناً والمرء دوماً عندما يتذكر الراحلين وخصوصاً الخيرين منهم يخطر بباله قول شاعرنا العربي المجيد الذي صور حالهم: والموت نقاد على كفه جواهر يختار منها الجيادا وقول الآخر وأجاد أيضاً وأفاد: إلى الله أشكو أن كل قبيلة من الناس قد أفنى الحمام خيارها والمسلم ينفرد بخاصية بل خصوصيات كثيرة منها على سبيل المثال أنه عندما يموت ويستوفي عمره المقدر له يقدم على رب كريم يعطي الجزيل ويغفر الذنب العظيم إن شاء الله تاركاً أثراً طيباً وذكراً حسناً مقروناً بالدعاء حال أهل السيرة العطرة ولذا قيل: وأحسنُ الحالات حال امرئٍ تطيب بعد الموت أخبارهُ يفنى ويبقى ذكره بعده إذا خلت من شخصه دارهُ رحم الله أبا عبد الرحمن وأسكنه الجنان.. و{إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ } وهو حسبنا ونعم الوكيل.