جلست الطفلة على المكتب بعد أن أحست بالضيق والملل لأنها لم تجد من تتحدث معه ومن يشعر بها فقد كانت تتزاحم بداخلها كثير من الخواطر والمشاعر والهموم، أمسكت بالقلم، نظرت إليه وهي تحدثه قائلة: ما رأيك أيها الصديق أن تساعدني في الحديث وأن تكتب معي ما يدور بداخلي من أفكار وبدأت تخط: أشعر أنهم يشعلون حولي دائرة من النار يهاجمونني.. هل تعرف لماذا؟ يلومونني لأنني أحاول أن أعرف المشاعر والكلمات أعريها من رداء الكذب والرياء أخرجها من وراء الأقنعة الكثيرة التي تتخفى وراءها ويلومونني لأني اقتحمت الحياة بقلب طفلة وعقل طفلة، قلب طفلة يعشق الحياة، يبحث عن الحب في عيون الآخرين ويهفو إلى مبادلتهم مشاعرهم، يوجد حيث يوجد الحب ودفء المشاعر وصدقها. وعقل طفلة يرفض الخداع وزيف المشاعر وأن يلوّن مشاعره حسب الظروف والأوضاع وحسب المصالح كما يرفض أن تحمل الكلمات أكثر مما تعني أو تفقد معانيها الحقيقية لتصبح سلعة مستهلكة باهتة المعاني خالية من الأحاسيس مجرد هياكل خاوية وعندما رفضت التعامل معهم من خلال منطقهم ورؤيتهم المعكوسة نظروا لي باندهاش واعتبروني معتوهة لأنني واجهتهم بالحقيقة ورفضت أن أكون اثنين أو نصفين، نصفاً أواجه به الناس ونصفاً أتعامل به مع نفسي، صدقوني لم أستطع أن أزيف مشاعري وأخدع نفسي لأكسب رضاكم. لذلك لا أطلب منكم سوى أن تتركوني أعيش كما أنا فلا تنتظروا مني أن أصبح مثلكم واتركوني أعيش بقلب طفلة وعقل طفلة فعقل الطفلة يرى كل شيء مقدساً في هذه الحياة وكل شيء له حرمته فالمشاعر لا يجب أن نخدشها وكذا العقل الإنساني لا يجب أن نبرمجه ببرامج المصالح الخاصة والكسب على حساب الآخرين.