فإن الحزن يمنعه من أن يبوح فتكفي منه أدمعه واستبدلي حيرة العينين معذرة فليس يعرف ماذا بات يدفعه لكي يلوذ بصمت آثم زمناً يمزق الحزن فينا ما يرقعه؟! يا أيها الشعر يا جمراً حملت به كرهاً وكرهاً أتاني كيف أرضعه؟! قد كنت في سالف الأيام تطربنا بلحنك الصفو حراً إذ توقعه وكنت تنفحنا طيباً بأغنية من العبير شذا حلو تضوعه وكان بالشط نخل كنت أحسبه يميل زهواً ويهفو حين تسمعه كأنما الريح ساست خيل نزوتها بين الخمائل حتى لا تفزعه وكأن ضحك السواقي حين تلثمها لحناً على الناي ممراحاً ترجعه يا أيها الشعر ماذا قد دهى كبدي؟ مفتتاً صار هذا البوح يوجعه ما بال لحنك محزوناً يبادلني آها بآه فتبكينا مقاطعه كأن خيل المنى أطلقتها بدمي هماً يدك ضلوعي حين أبدعه يا سلوتي لست أدري كيف يدهمني في ليلك الحزن من بالقلب يطلعه ومن يغلق بالظلماء مدخلنا إلى صباحك من بالشوق يزرعه.. وأين زهو القوافي حين أنشدها!! درويش الأسيوطي