يشكل العنف المدرسي ظاهرة خطيرة تنامت وازدادت في السنوات الأخيرة وخصوصا فيما يتعلق باعتداءات الطلاب على معلميهم، هذه الظاهرة لم تحظ بالعناية التي تستحقها من الدراسة والتشخيص الدقيق من قبل المعنيين وأصحاب القرار في الوزارة ذاتها، ولأن الحلول المعمول بها الآن هي جزء من مسببات تفشي هذه الظاهرة وانتشارها مما جعل كثيراً من الطلاب لا يبالون بالاعتداء على مديري المدارس أو المعلمين أو التهديد وإطلاق عبارات سوقية وكلمات بذيئة، ولأن المقولة المشهورة (من أمن العقوبة أساء الأدب) وهذا هو الواقع الذي يعانيه المربون والمربيات في حقول التربية والتعليم لأن النظم والتعليمات المعمول بها الآن تشجع على التمرد والتمادي لكونها عقوبات معنوية فقط، فالطلاب والطالبات بهذه السن العمرية لا تعني لهم العقوبات شيئا فأقساها إيقافه عن الدراسة لمدة عام، ونقله إلى مدرسة أخرى، وهذا ما يتمناه كثير من الطلاب.. اعتداء طالب على مدير مدرسة أو معلم لا يحرك ساكنا، ولا يثير ولا يستثير همم المسؤولين عن التربية والتعليم، ولا يوجد نظاما رادعا وزاجرا يحمي المعلم، كما هو الحال النظام القاسي الذي يحمي جانب الطالب من أي اعتداء من معلم أو أحد منسوبي المدرسة الذي تقوم الدنيا، وتقعد من أجله، وتهديدات يطلقها مسؤولو التعليم تشكل للجان العاجلة للتحقيق وإصدار العقوبات الفورية والمتمثلة بإحالة المعلم إلى عمل إداري ناهيك عن الحسم واللوم، أما اعتداء الطلاب على المعلمين فإن المجالس المدرسية ترفع تقرير إلى المعنيين في إدارات التعليم وثم يصدر قرار بإيقافه لسنة واحدة! هذا النظام الذي جلبه عدد من المسؤولين الذين أمضوا سنوات طويلة في بلاد الغرب ونقلوها لنا نصا وروحا دون أن تراعى الفوارق الثقافية والظروف البيئية والأنماط الاجتماعية التي هي أصلا من مكونات النظام فمنع الضرب جاء فجأة دون مقدمات، وإحلال نظام (التدليل والتدليع) وفرض عقوبات قاسية على المعلم مع وضع نظام واضح كان جله حماية للطالب من أي اعتداء حتى وإن كان لفظا مما جعله يتمرد ويثير الفوضى مرفوع الرأس مهدداً ومتوعداً كل من يحاول تأنيبه أو تأديبه، وظل المعلم يحاول مداراة الأشقياء وقليلي الأدب مستجيبا لرغباتهم مستعطفاً لهم.. مما أوجد تربية هشة وتعليما متدنيا، وهذا ما يشهد به مخرجات التعليم.. إن التعليم الذي لا يحترم ولا يقدر ولا يجلل وليس له هيبة، فهذا تعليم لا يتعدى دوره إلا منح شهادة، كما تمنح المعاهد الأهلية طلابها شهادات ربما أغلبها منحت لأصحابها في منازلهم.. إعادة النظر في لوائح العقوبات والمخالفات للسلوك والمواظبة ضرورة تستدعيها الحالة التي يمر بها الميدان التربوي لإنقاذه من خطر محدق سيقلب التعليم رأسا على عقب لكونها الآن مائلا الذي لا يمر أسبوع إلا ونطلع على قرار عمم من منطقة أو محافظة على جميع إدارات التعليم بحرمان طلاب من الدراسة جراء اعتدائهم على معلميهم.. وكما قلنا: إن الطالب في هذه المرحلة من عمره لا يدرك أثر الايقاف بل ربما كان متشوقاً له ناهيك ما يسببه هذا الايقاف من خطر أسري واجتماعي وأمني بسبب الفراغ والشباب، فهل تعيد الوزارة وهذا هو المأمول والمطلوب في كافة الأنظمة والتعليمات التي جلبها مسؤولون سابقون ب(بكرتونها) كما يقولون من الغرب وطبقوها بحذافيرها في واقع تعليمنا و(ضاعت الطاسة) فلا نحن الذين بقينا على مشيتنا ولا نحن الذين أتقنا مشية الآخرين؟!.