تواجه الدول العربية مخاطر شتّي ويأتي على رأسها ندرة المياه، حيث تتوقع الدراسات حدوث عجز في الموارد المائية العربية عام 2025 في الدول العربية بالإضافة إلى المخاطر التي تتعرض لها المياه العربية من الدول المجاورة خصوصاً إسرائيل وإثيوبيا وتركيا وتشير الدراسات إلى أن هناك 16 دولة عربية تقع تحت خط الفقر المائي منذ عام 2000 ، حيث انخفض نصيب الفرد فيها من المياه بنسبة 30% في الوقت الذي يصل نصيب الفرد العربي 1278 متر مكعب بنسبة انخفاض 16.6% عن المتوسط العالمي البالغ 7700 متر مكعب في السنة والتحقيق التالي يناقش المخاطر التي تواجه الأمن المائي العربي وكيف يتم التعامل معها؟ في البداية أكد الدكتور محمود أبو زيد وزير الموارد المائية والري المصري أن قضية الأمن المائي العربي تعد من القضايا المهمة التي تحتاج إلى تضافر جميع الجهود سواء الحكومية أو منظمات المجتمع المدني وضرورة تفعيل التعاون العربي والتنسيق بين الأجهزة والوزارات المعنية لتنمية الموارد المائية العربية وحسن إدارتها، وحل مشكلة نقص المياه في المنطقة العربية والتعامل مع المياه بكل جدية واهتمام??، فإذا كان الله سبحانه وتعالى قد حبانا بوفرة نسبية منها فإنه ينبغي علينا صيانتها وحسن استثمارها والتحسب للاحتمالات والتوسعات المستقبلية في ضوء لاحتياجات والمتغيرات الإقليمية والدولية وعلى هذا فإنه ينبغي المواجهة بفكر متجدد غير تقليدي لبحث أفضل السبل لاستعمالات المياه?? وأحدث التقنيات العلمية لاستغلال مياه البحار ولزراعة الصحراء??. وأضاف أنه يجب العمل على إنشاء شبكة معلومات للمياه في الوطن العربي وشبكة ربط بين مراكز القطرية المعنية بشؤون المياه بهدف توفير كافة البيانات والمعلومات عن الموارد المائية العربية المتاحة وأنواعها ومصادرها وتبادل هذه المعلومات والبيانات بين المراكز القطرية وبين الخبراء العرب ودعم التعاون العلمي والبحثي والثقافي والبيئي في مجال الموارد المائية واستخداماتها على مستوى الوطن العربي والتعاون في مجال تنقية المياه خاصة مياه الصرف الصحي، حيث وجد أن معالجتها غير الكاملة تؤدي إلى ضعف وموت النباتات وضعف معدل تكاثر الثروة السمكية في البحار. ويقول الدكتور أحمد جويلي الأمين العام لمجلس الوحدة الاقتصادية العربية: إن التعاون العربي في مجال المياه ركيزة أساسية لتحقيق الأمن الاقتصادي للدول العربية مما يتطلب وضع الخطط والبرامج العربية المشتركة والمتكاملة للاستفادة القومية القطرية من الموارد المائية العربية والقضاء على سوء توزيع المياه داخل الوطن العربي وذلك من خلال إنشاء مشروعات عربية مشتركة للاستثمار في زيادة الموارد المائية عن طريق إعادة استخدام مياه الصرف الزراعي والصحي والصناعي بعد المعالجة المأمونة لها والتعاون في تقليل الملوحة للمياه الجوفية وتهيئتها للاستخدام الزراعي والصناعي وتحلية مياه البحر بتكنولوجيا عربية منخفضة التكاليف ويمكن أن تتولي المؤسسات المالية العربية تمويل هذه المشروعات. وأضاف أن الموارد المائية العربية تعاني من الندرة النسبية ويتوقع أن تشهد عجزاً مائياً ابتداء من عام 2025 ويتزايد عدد الدول الواقعة تحت خط الفقر المائي إلى جانب أن ارتفاع نسبة ملوحة المياه الجوفية تعد عائقاً أمام تحقيق الأمن الاقتصادي العربي وتتوقع بعض الدراسات ارتفاع ملوحة المياه الجوفية في المستقبل بمقدار 15 إلى 20 مليجراماً للتر كل عام وهو ما يعني تركيز الملوحة لأكثر من 70% من المياه ليصل إلى 500 مليجرام للتر الواحد بدلاً من 250 مليجرام وفقاً لتقديرات منظمة الصحة العالمية، كما أن مياه الآبار تتعرض للتلوث البكتيري والطفيلي مما يؤدي إلى إصابة الإنسان بالعديد من الأمراض الفتاكة وهو ما جعل الولاياتالمتحدةالأمريكية تضع ضوابط تنظيمية في حفر الآبار والسماح بتركيب أنبوب للضخ على أن تغلق الفتحة السطحية تماماً لمنع التلوث مع القيام بزيارات ميدانية للتفتيش الصحي على آبار المياه منذ تقديم ترخيص حفر البئر حتى اقفاله. ويحذر الدكتور حمدي عبد العظيم أستاذ الاقتصاد ورئيس أكاديمية السادات من تعرض المياه العربية للمخاطر من قبل الدول المجاورة غير العربية خاصة إسرائيل وتركيا وإثيوبيا وغيرها من الدول الإفريقية في حوض النيل التي أعلنت عن عدم موافقتها على الاتفاقيات الموقعة بشأن المياه قبل الحصول على استقلالها خصوصاً أن غالبية الأنهار تقع منابعها في دول غير عربية بنسبة 88% ، حيث تصل نسبة التبعية المائي في الموارد المائية السطحية للأنهار تبلغ 58.1% بينما تبلغ نسبة التبعية المائية للموارد المستثمرة في الوطن العربي حوالي 54.6% . وتبلغ هذه النسبة في بعض الدول العربية أكثر من 90% وهي مصر والسودان وموريتانيا في المياه السطحية والكويت والبحرين في المياه الجوفية وتعد الصومالوسوريا اقل الدول العربية تبعية للخارج في الموارد المائية، بالإضافة إلى أن المياه الجوفية والآبار العربية تتعرض أيضاً للاستنزاف من جانب إسرائيل التي بدأت في حفر آبار عميقة في كافة أنحاء الأراضي المحتلة لتوفيرها للمستوطنات الإسرائيلية دون مراعاة للآثار السلبية الناتجة عن ذلك بالنسبة للمياه المتاحة للدول العربية التي تحصل آبارها على مياه من الطبقات السطحية الحاملة للدول العربية للمياه تحت الضفة الغربية وتمثل حوالي 25% من الموارد المائية لإسرائيل وقد وجهت الأردن الاتهام إلى إسرائيل بأنها تقوم بضخ مياه ملوثة لمنطقة غرب عمان التي تعتمد على مياه بحيرة طبرية رغم الاعتراض الأردني ورفضها تسييس المشكلة إلى جانب أن تركيا تسعى لي اقتسام مياه نهر الفرات مع سوريا مقابل إقرار سوريا بالحدود التركية الحالية رغم أن تركيا لا يتوقع معاناتها في المستقبل من نقص المياه حتى عام 2025 إلا أنها تستخدم المياه كورقة سياسية في علاقاتها مع دول الجوار، حيث قامت ببيع 500 مليون متر مكعب من المياه إلى إسرائيل. ويرجع المستشار محمود حمدي وزير مفوض بمجلس الوحدة الاقتصادية عجز الموارد المائية في الدول العربية إلى زيادة الاحتياجات بمعدل يفوق معدل زيادة الموارد المائية المتاحة، مشيراً إلى أن الاحتياجات المائية تتأثر بالزيادة السكانية وزيادة احتياجات الزراعة التي تمثل 84% في مصر على سبيل المثال وطبقاً للاحصاءات يتوقع أن تزيد الموارد المائية في مصر عام 2025 بمقدار 0.02 مليار متر مكعب في حين ان الاحتياجات سترتفع بمقدار 32.75 مليار متر مكعب مما يؤدي إلى فجوة تصل إلى 29.20 مليار متر مكعب في السنة وهو ما يؤدي إلى انخفاض متوسط نصيب الفرد من المياه إلى 637 متر مكعب مقابل 1194 متر مكعب عام 2000 ونحو 1221 متر مكعب عام 1990 وتمثل المياه المتجددة حوالي 84% من إجمالي الموارد المائية وسيصل العجز في العراق إلى 15.27 مليار متر مكعب عام 2025 في السنة بسبب زيادة الاحتياجات بمقدار 10.51 مليار متر مكعب عن عام 2000 مقابل زيادة الموارد المائية بنحو 0.01 مليار متر مكعب ويتوقع انخفاض نصيب الفرد إلى 887 متر مكعب في السنة مقابل 1637 متر مكعب عام 2000 و1637 و2240 متر مكعب عام 1990 وتمثل المياه المتجددة حوالي 43% فقط من إجمالي الموارد المائية ويقدّر العجز في السودان بنحو 9.74 مليار متر مكعب عام 2025 بسبب زيادة الاحتياجات من المياه بمقدار 12.54 مليار متر عام 2000 بينما يتوقع أن تبقي الموارد المائية كما هي 24.3 مليار متر مكعب مما يؤدي لانخفاض نصيب الفرد إلى 442 متر مكعب في السنة مقابل 736 متر مكعب عام 2000 و892 متر مكعب عام 1990 ويتوقع وصول العجز في ليبيا إلى 3.29 مليار متر مكعب عام 2025 بسبب زيادة السكان وزيادة الاحتياجات من المياه بمقدار 2.05 مليار متر مكعب مقارنة بعام 2000 بينما يتوقع زيادة الموارد المائية بمقدار 0.36 مليار متر مكعب فقط مما يؤدي إلى انخفاض نصيب الفرد إلى 310 أمتار مكعبة في السنة عام 2025 مقابل 663 متر مكعب عام 2000 و756 متر مكعب عام 1990 والإمارات العربية المتحدة يتوقع عجزها المائي 1.66 مليار متر مكعب عام 2025 مقابل عجز قدره 0.68 مليار متر مكعب عام 2000 وذلك نتيجة لزيادة الموارد المائية بمقدار 0.34 مليار متر مكعب فقط مما يؤدي إلى انخفاض متوسط نصيب الفرد من المياه على 453 متر مكعب عام 2025 مقابل 510 متر مكعب عام 2000 و670 متر مكعب عام 1990 وتمثل المياه المتجددة 48% عام 2000 ويتوقع ارتفاعها إلى 56% عام 2025 كما يتوقع زيادة الاحتياجات المائية في السعودية وعمانوالأردن والبحرين بمعدلات تفوق معدلات الزيادة في الموارد المائية المتاحة نتيجة لزيادة السكان والاستهلاك من مياه الشرب والأغراض الصناعية الأخرى.