جعل الله في الارض سبلاً فجاجا تسير فيها وعليها الدواب والانسان, هذه السبل اما معابر بين الامصار او بين الاملاك, والتعدي على السبيل منهي عنه في الشرع الاسلامي, وتعاني المجتمعات الزراعية ذات السمات الجبلية والمسطحات المتدرجة في سراة الحجاز وعسير والباحة وجيزان من ازمات قد تصل الى التناحر بسبب السبل التي تفصل بين الاملاك التي هي حيازات صغيرة الحجم والمساحة فالمتعارف عليه بالعرف الاجتماعي انها طرقات للسير ونقل المعدات المستخدمة في الحرث والحصاد, وهي الثور والجمل, واليوم حل محل الثور والجمل الجرار والحراثة والحصادة وعربة النقل وصهريج الماء، وما كان من مساحة يعبر من خلالها الثور والجمل والحمار لا تكفي للمعدات الآلية السابق الاشارة اليها, فلابد من طريق لا يقل عرضه عن 4 امتار على الاقل حسب المواصفات للطرق القروية. لقد ادى هذا الحال الى تعطيل وصول خدمات هامة جدا بسبب الحرص على الملكية الخاصة وهذا حق مباح, ومن المميزات للحكومة السعودية الحرص على صيانة الملكية والتعويض المادي لما يستقطع لصالح المشروعات العامة، هذا بخلاف تنامي الشقاق والمنازعات حتى بين الاشقاء والذي قد يتعدى القطيعة الى ما اكبر ناهيك عن المرافعات لدى الحكومة او لدى العرف القبلي, ان كثيرا من الاملاك التي يتحاشى اصحابها السماح بتوسعة السبيل المار بها حولها لا تساوي كل ما يبذل من جهود من المرافعة والمخاصمة مقارنة بالمكاسب التي سوف تعود على الملك من مرور الطريق, هذا من جانب؛ اما كرم النفس والجود بين المتجاورين التعاون فلا حسابات لها لدى الخيرين وهم في ظني كثر ان شاء الله, وبشائر الخير والنماء والتنمية سوف تترى فالطريق اساس البنى التحتية من تمديد لشبكة المياه والكهرباء والهاتف والمجاري!! وخطوط النقل العام!!؟ على الاقل نقل الطلبة والطالبات والمرضى ومندوبي الضمان الاجتماعي. ولا شخصية بقدر هذا الحال قد يكون مقبولا في السروات بحكم التكوين الجغرافي، لكنه موجود ايضا في السهول والنجود والنجوع, فترى شح الانفس في معارضة مرور طريق بين مزارع ضخمة بمساحات بآلاف بل ربما ملايين الامتار وفي اراض منبسطة لا لمصلحة عامة وما الآمر الا تحاسد واظهار للتعالي وعدم التعاون رغم ما في الارض من سعة. لقد تبدل حال المجتمعات الريفية الى ريف مدني متطور بفعل التواصل والاتصال الحضري والخدمي فلم يعد من مواصفات القرية الانعزال ولو ان التخطيط الحضري قد عوض ما فاته في المدن الكبيرة بالتركيز على تخطيط يسير وسهل لأمكن تلافي ما يعانيه الناس والحكومة من متاعب في تردي الخدمات البلدية والحضرية في الاسكان والزراعة والكهرباء والهاتف وبقية البنى التحتية التي يصعب الآن وصولها، وبقاء الحال هكذا محال في الواقع المعيش الذي يسير بالمجتمع السعودي قدما ولابد من حل جذري يعود بالامر سريعا الى الواقع المنظور بشكل عاجل لتلافي ما حدث من قصور في ايصال الخدمات والتنمية بكل اشكالها وانماطها, ولعل التساؤل مشروع هنا عن الدور المفترض الذي كان يجب ان تمارسه وزارة البلديات لاسيما وكالة الشؤون القروية التي لها واجب مهني في شأن المجمعات القروية وكذا وكالة تخطيط المدن ان كان من مهامها التخطيط الحضري للريف فحسب علمي لم اجد انه قد تم تخطيط لأي مجمع قروي!! وحتى تتحقق مصالح كثيرة تعطلت بسبب ما سبق طرحه فانني اعتقد انه من المناسب ان تتولى وزارة البلديات الشؤون القروية بالتعاون مع البلديات/ المجمعات القروية القيام بتخطيط حضري شامل للمدن الصغيرة والمجتمعات الزراعية بحيث تضع مسارات للطرق بين الاملاك الزراعية هذا على المستوى التخطيطي الاستراتيجي الشامل، اما على المستوى الاقليمي فلابد من القيام بحملات توعوية الى السكان بأهمية التعاون من اجل وصول الخدمات والتشديد على حرمة منع المصلحة العامة وتعطيل وصول الخدمات وحرمان الجمع منها لحساب المصلحة الفردية ولعل قيام رجال الحسبة بهذا الدور فيه مجال لممارسة عمل نافع للمجتمع وللحكومة ولا احبذ غياب شيوخ القبائل عن المساعدة في هذا المجال.