التعليم مسؤولية شاملة تحتاج إلى تواصل مستمر لتهيئة جيل يشعر بروح الانتماء لمحيطه الذي يعيش فيه، والمربون هم المسؤولون بالدرجة الأولى لأنهم تعلموا أبجديات التربية الحقة. وفي هذه المقالة بالذات أرفع شراع قلمي لأبحر في أرجاء الحرف متحدثة عن هموم المرأة العاملة في المناطق النائية. وحيث إن دعم المملكة للتعليم ينصب في بوتقة دعمها المستمر لبناء المرأة السعودية فقد خطا التعليم في المملكة خطوات واسعة حتى أصبحت المرأة السعودية تتولى مناصب قيادية في حقل التعليم. ولكن ما يؤرق صفو المرأة العاملة قضية تعيينها في المناطق النائية وما يترتب على ذلك من متاعب وهموم ورحلة شاقة تبدأ منذ الصباح الباكر تستغرق الساعات الطوال فالعمل في مناطق بعيدة عن سكن المعلمات يستنزف الشيء الكثير من دخلهن وراحتهن إلى جانب الحوادث المؤلمة التي أزهقت أرواح العديد منهن فكم من المرات تناقلت وسائل الاعلام المقروءة والمسموعة والمرئية تلك الأخبار المؤسفة والحوادث المؤلمة بصرف النظر عن السبب وراء تلك الحوادث ولكن ما نريده هو الحل.. نعم الحل!! تلك العاملة في المناطق النائية لها رحلة شاقة تبدأ قبل أن تعانق الشمس السماء تقطع الفيافي حتى تصل إلى مدرستها بعد أن يأخذ منها التعب ما يأخذ ثم تبدأ في نقل خطواتها المتعثرة من فصل لآخر وهمها الأول والأخير رحلة العودة الشاقة التي تنتظرها بعد عدة سويعات، فامنياتها يعاندها الواقع وأحلامها قد انكسرت وتثنت أمامها.. ان الحديث عنهن يدمي القلب فهن بحاجة إلى الوظيفة بحكم ظروفهن ولكن الوظيفة أصبحت بالنسبة لهن بمثابة الفخ الذي يقعن فيه فيقضي على أحلامهن وييتم أطفالهن ويزرع الحسرة في نفوس من حولهن.. ففي بداية هذا العام كم فقدنا من معلمة رحلت في ريعان شبابها وكفنت أحلامها في مهدها قبل أن تعايش تلك الأحلام؟؟ انني حينما اسمع بذلك يتلجلج الصوت بين جوانحي يحاول الخروج ولكن عبثاً يحاول!! فلا أجد أمامي سوى قلمي لأنني أؤمن بأن الكلمة لها تأثير في النفس ولها ايقاع متناغم على وتر الضمير.. أليس ذلك الفقد مؤلما حقاً؟؟ بل أليس من المؤلم ان نتجاهل تلك القضية ونغض الطرف عنها؟؟ وهل من السهل أن نفقد فلذات أكبادنا من أجل الوظيفة؟؟ نحن نؤمن بالقضاء والقدر ولكن الأخذ بالأسباب واجب المؤمنين وديدن الصالحين!! إن تلك المعاناة تتزايد عاماً بعد عام في ظل زيادة أعداد الخريجات وارتفاع نسبة استيعابهن للوظائف والذي أصبح من الطبيعي معها ان تقبل المعلمة بوظيفة في القرى والهجر بعد أن فاق عدد الخريجات في المدن حاجتها. إن بعد المسافة بين المدرسة وسكن المعلمة يجعل المعلمة محطمة نفسياً لا تستطيع العطاء بالشكل المطلوب وينتج من ذلك عدة أمور ليست في صالح الطرفين قد يكون منها: 1- قلة عطاء المعلمة بسبب الارهاق الذي تعانيه خلال الرحلة وعدم أخذ القسط الكافي من الراحة. 2- الابتعاد عن القيادات الادارية لأنها تخشى تحمل المسؤولية. 3- ضعف العلاقة بين الطالبة والمعلمة مما ينتج شرخاً في العملية التعليمية. 4- كثرة غياب المعلمة بسبب بعض الظروف القاهرة والخارجة عن ارادتها مما يؤثر على سير المنهج الدراسي. 5- كثرة الاجازات الاضطرارية او الاستثنائية التي تنعكس سلباً على المدرسة فتتأثر بذلك المعلمات والطالبات. عفواً قرائي!! لا تلجموا أحرفي ولا تحملوها مالا تحتمل فقد تقولون تحدث الكثير عن هذه القضية فلماذا تبحثينها، وأقول حتى وإن تحدث عنها الغير فهي قضية متشعبة مهمة في حد ذاتها مطروحة للنقاش فنحن في هذا المجتمع كالجسد الواحد لابد ان تلتحم أقلامنا لندافع عن معلماتنا.. لابد أن تهرول بيننا عبارات الحب للآخرين وتحوم في أفئدتنا أمواج الدفء والحنان لأننا لا نريد جيلاً ينثني للريح بل نريد جيلاً من المعلمين يأخذ الحياة بهمة ونشاط ليستطيع أن يعطي.. نريد أن نزرع الخير داخل من حولنا لأننا نتطلع إلى مستقبل مشرق يحلق في سمائه الأمل وتنبعث منه رائحة التفاؤل وتمحى منه آثار الحوادث الدامية التي أصبحت كابوساً مؤلماً يؤرق مضاجع الأسر لتطمئن على مشاعل العلم واللاتي آلين على أنفسهن خدمة الوطن والسعي في رقيه. فهل يتحقق أمل كل معلمة مغتربة في النقل خصوصاً ان حركة النقل ستصدر قريباً؟؟ وهل سيرين معايير جديدة للنقل تسعدهن وتروي ظمأهن!! هذا هو أملي حيث إن المعلمة تستحق الكثير والكثير فهي معلمة الأجيال وصانعة الأبطال وصدق الشاعر حين قال: ما أشرقت في الكون شمس حضارة إلا وكانت من ضياء معلم