السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أطلعت على صحيفتكم الغراء بالعدد (12100) ليوم الاثنين الموافق 12 شوال 1426ه في صفحة مدارات شعبية على (زاوية بيت القصيد) التي أعدها الشاعر (تركي المريخي) وقد لفت انتباهي البيت الشهير للشاعر المعروف (الحميدي الحربي) الذي يقول فيه: (ما عاد أنا الطفل الذي تخبرينه يزعل وترضينه متى ما بغيتي) والذي قال عنه المريخي (أقل ما يمكن قوله عن هذا البيت أنه يفتح قمرا جديدا ولا شك أن الشاعر الحميدي كتبه بشغاف القلب وبلغة بسيطة ولكنها ليست سهلة). وهذا الكلام من وجهة نظري مخالف للصواب الذي أراه, علما أن مخالفتي وحتى مخالفة غيري للشاعر الحميدي لا يمكن أن تقلل من قيمة شاعريتة فهو علم من أعلام الشعراء البارزين من قبل أن أعرف أنا شخصيا الساحة الشعبية ولكن هذا لا يمنع من أن يكون لي وجهة نظر مخالفة لما يراه ويراه معه الآخرون في هذا البيت الشهير، فأقول مستعينا بالله عز وجل إن هذا البيت بصيغته الحالية أرى أنه (ناقص التصوير الإبداعي) إلا في حالة واحدة فقط وهو أن كان الشاعر الحميدي قاله مخاطبا به والدته حفظها الله فهذا ربما يقبل منه ك(تصوير للحالة فقط) أما إذا كان يخاطب به محبوبته فلا يصح من أي شاعر أن يصف نفسه أمام محبوبته ولا غيرها بالطفل لأن الطفل لا يدرك الحب العاطفي وبخاصة في الفترة المحصورة (بين فترة الولادة وحتى تمام سن الخامسة عشرة) وبعد هذه السن تأتي مرحلة الشباب بحكم البلوغ الذي يترتب عليه التكليف الشرعي, الأمر الذي لا يمكن لأي شخص في هذه المرحلة أن يتصف بالطفولة فضلا عن الأكبر عمرا ولهذا أصبح هذا البيت الشهير لا يحمل أي (ميزة فنية تميزه عن غيره) كما قال عنه الكثيرون ومن ضمنهم كاتب هذه الزاوية بل إن كلمة (الطفل) هي العامل الأساسي في عدم تميزه وصيغة النقص ولكي تستقيم الصورة الإبداعية في هذا البيت أرى أنه لو قال: (ما عاد أنا الرجل الذي تخبرينه يزعل وترضينه متى ما بغيتي) أو قال: (ما عاد أنا ذاك الذي تخبرينه يزعل وترضينه متى ما بغيتي) كان أبلغ من البيت الحالي لسببين: أولا: إن كلمة (الطفل) تنفي عن الشاعر الحب العاطفي تجاه المحبوبة لكون الطفل لا يحب في هذه الدنيا إلا والديه والمحيطين به من إخوة وأخوات بالإضافة إلى الألعاب والحلوى. ثانيا: أن رجاحة عقل الرجل تجعله يتعامل مع محبوبته تعامل خاص مثل غض الطرف عن بعض الهفوات البسيطة بالإضافة إلى تفعيل خاصية التسامح معها فيما لو أخطأت خطأ لا يتعلق بشرف أو كرامه, فعندما يتكرر منها الخطأ بصورة تتجاوز حد التسامح أصبح إلزاما عليه أن يقول لها: (ما عاد أنا الرجل الذي تخبرينه يزعل وترضينه متى ما بغيتي) بهذا كما أسلفت يستقيم (التصوير الإبداعي) وأرجو أن لا تأخذ البعض المجاملة الزائدة على حساب (الأدب) لأن (الأدب الشعبي) في هذا الزمن سيصبح في المستقبل (تاريخ) يحوي جميع ما يدخل في نطاقه من (قصائد أو قصص أو دراسة نقدية) وسيسجل جميع ما فيه لنا أو علينا كشعراء ومهتمين ب(الأدب الشعبي), فلنكن منصفين في آرائنا ف(التاريخ) لا يجامل وفي نفس الوقت لا يظلم أحدا, وعليه فأني آمل أن لا يأتي من يقول أن كلمة (الطفل) جاءت ك(ضرورة شعرية) لأننا نعلم أن (الضرورة الشعرية) لا يجب أن تكون إلا في (صدر أو عجز البيت) فقط أما (الجمل اللفظية) التي تأتي في سياق القصيدة لا يحتاج الشاعر فيها إلى شيء من (الضرورة الشعرية) لكون استبدال هذه الجمل ممكنا ومتاحا والاختيار فيها مفتوح. عموما لا أقول إلا كما قال الامام الشافعي رحمه الله: (رأيي صواب يحتمل الخطا ورأي غيري خطا يحتمل الصواب) في نفس الزاوية تسأل الأخ تركي المريخي قائلا (هل فعلا الشعر يشترى وخاصة الشعر الغنائي؟) فأجيبه, نعم، نعم (الشعر يباع ويشترى سواء غنائي أو غيره) ويباع علنا، ومنذ زمن وقد صرح أكثر من شاعر بذلك وإعلانات الصحف تطالعنا يوميا عن استعداد بعض الشعراء لكتابة الشعر للمناسبات المختلفة وحسب الطلب أضف إلى ذلك (شعراء الرد) المشاهير منهم والمغمورون الذين يتقاضون مقابل إحياء ليلة لا يتجاوز عمرها (ثلاث ساعات) مبالغ خيالية تدفع لهم مقدما من خلال التنسيق مع المكاتب الخاصة بمثل هذه المناسبات. وهذا كله أرى أنه لا بأس به لأن (الأدب بشكل عام والشعر بشكل خاص) (موهبة) من الممكن توظيفها للكسب المادي مثلها مثل أي موهبة أخرى ك(موهبة الكرة) و (موهبة الغناء) و (موهبة التمثيل) و (موهبة الرسم) و (موهبة الكتابة الصحفية).... الخ, لأننا لا نستطيع عزل (موهبة الشعر) عن هذه (المواهب) - وبخاصة الموهبة المتعلقة بالأدب ك(القصة والرواية والمقالة) باعتبار أن هناك أناسا يحتاجون إلى المساعدة لإظهار (مشاعرهم الوجدانية) لأي غرض (خاص أو عام) بواسطة الشعر فلو أن الشاعر أخذ مقابل ذلك (شيئا من المال سواء بشرط أو بغير شرط) فلا ضير في ذلك البتة بل أني أرى أنه (فعل محمود وطريقة كسب جيدة) طالما أنها لا تتعارض مع الشريعة ولا مع المروءة.. وأخيرا وفي نفس الزاوية أبدى الأخ الفاضل تركي المريخي تذمره من إظهار الصور الشخصية مع القصائد للشعراء المبتدئين والذي اسماهم متشاعرون وبصراحة لا أعلم كيف بنى هذا الحكم على هؤلاء وهو لم يسبق له أن وضع أي قصيدة من قصائدهم (تحت المجهر) حتى نقتنع برأيه فيهم, فنحن نرى أنهم مبدعون ولو لم يكونوا كذلك لما نشر لهم في (أبرز المجلات المتخصصة في الشعر), أما بالنسبة لإظهار الصورة برفقة القصيدة فليس في ذلك بأس ولا محذور إعلامي بدليل أن أكثر الإعلاميين يضعون صورهم برفقة كتاباتهم وقصائدهم والأخ تركي أحدهم. وفي الختام أقول وبكل ثقة: إن جميع ما ورد في تعقيبي هذا هو ما أراه بقناعة وقد يراه معي آخرون وقد يختلف معي حوله آخرون ولكن ما أرى أنه يجب علي قوله هو أن (اختلاف الرأي لا يفسد للود ولا للاحترام قضية). والسلام عليكم,,, معاذ المطيري ص.ب 69540 الرياض 11557 [email protected]