أكتب للصغار والكبار من عرب الأمام والوراء، واليمين واليسار للأميين منهمُ وغير الأميين للخادمين منهمُ والمستخدمين لكنهم جميعهم يا إخوتي لا يقرءون لا يمنحونني أُذْنا، ولا إذْنا، (ولا ما يحزنون)..!! فما أكتبه يطير بعضه هباء في كبد السماء وعَرَض الصحراء..!! وبعضه يظل في دفاتري سجين يَشْرَق بالسنين في نبضة الوتين، وقبضة السكين كالأمل الدفين..!! وهكذا تموت في دفاتري الأحلام والكتابه وتألف القصائدُ الرتابه تنبذ كفي الحبر والأقلام والورق وتهجر الكِتاب والكتّاب والكتابه كمن يبيع يائسا شرابه وينسب الجهل إلى الصحابه أو عاشق مستنزِفٍ شبابه وعازف حياتُه الربابه..!! لكنني برغم ما أعرف من مصاعب الكتابه وما تفعله فصائل الكتابه برغم ما تتركه من عدد القتلى من الرواة والنسّابه وما يثيرالحرف من صدام بين حد السيف والنشّابه فإنني أحبذ الكتابه كأنني أتيت هذا الكون نقطةً منسابه من عالم الكتابه ولا أحب أن أكون عاطلا (بدون..!) كغصن الزيزفون فذاك وايْم الله غاية الجنون في عالم جنونه فنون وعقله مزاده تنقصها الإراده تسأل: من تكون؟ *** أكتب للصغار من شباب أمتي.. أكتب للزهور.. أكتب للكهول والشيوخ والنسور وللنساء والأطفال.. وللعصافير الصغيرة الملونة وأسأل الجميع عن دموع المئذنة وعن خطاب فات أن نعنونه..!! لكنهم - وا أسفا - لا يقرءون لا يعبأون بي لا يحفلون بالذي أكتب أو أقول.. وأستمر في جرائر الكتابه أصنع من جراحها منابرا وغابه كموجة ملتاثة ترنو إلى سحابه آلت إلى جندٍ من الكآبه لعلهم يوما يغامرون ويحسرون عن وجوههم ويدفعون عن وجودهم يقتنعون بالقراءة ( ق ر أ - ك ت ب - ز ر ع) هل يقرأون؟ يكتبون؟ يزرعون؟ لو فعلوا لانحلت العقد ولصحا الموتى، وعاذوا بالصمد الواحد الأحد وانطلق البلد..! وما أدراك ما البلد..! وهب من عقاله يصارع الأبد..! ولاستدار الواقدي بالتاريخ دورة (الأسد) وجدّ، واجتهد وصاغ من تاريخنا المقروء والمسموع والمرئي ما نود واستل من فصوله موارد الجُفاء والزبد وثار بابن خلدون الأمد فجد وانتقد وكسر الأقلام والمحابر وأحرق الورق وسار كيفما اتفق مروحة في رحلة الغسق ينادم الأرق.. *** وأكد الأشياخ للجميع أن لونا ثالثا بين السواد والبياض يزاوج الألوان يخلق حالا ثالثا يسمى (بين بين) ويحقن الدماء لكنه غاب بكربلاء وتاهت عنه العين في صفين ودار ذي النورين..! وكم يود الناس أن يعيشوا هذا (البين بين) أن يكتبوا أسماءهم على جبين البين قالوا: وهذا البين في التعريق هو المنتفق ما شطّ من ألواننا وما اختلط فنمط عرَّفتَ قل فيه النمط *** أكتب للغبي، والعادي، والنبيه وأرفض التمويه .. أعشق التنويه والبسط في الكتابه لعلني في ذروة الصبابه أذكر الغيابةَ الغيابه فيغلب الناي على الربابه ويعلم الجاهل والفقيه لكنهم - وا أسفا - لا يقرءون.. لا يقرءون وتستمر رحلة الأفيون والمليون وتزحف الأيام والقرون وتوغل الأحلام في الجنون *** أكتب للترويح، للتشكيل، للتلوين للتطوير، للتكوين، للتطريز بالذهب الإبريز وتنتهي لندن، في نيويوركَ .. في باريز لكن لحوم الموتى في حقائب الأحزان تأبى أن تموت والملح مستعص على شراب التوت في الجهر والخفوت ما أضيع الأهداف إذ تفوت ومصرع الخيام في الخبوت والقوم من جهالة سكوت لا يقرءون، لا يكتبون يخبئون سر الحرف في التابوت ويكتمون السحر عن هاروت وماروت ويعلنون أن لا خير في الكتابه وعالم الكتابه..! وذات مرة دعوت للدعابه أكدتها بإصبعي السبّابه فأبحرت بداخلي الكآبه كجملة مذعورة مرتابه ندت بنا عن أعين الرقابه *** وتلتقي النعوش والأموات والأكفان وبيت العنكبوت فإن أوهن البيوت بيت العنكبوت لكننا يا إخوتي الآن نعيش عصر العنكبوت أقوى شباك العنكبوت ولتسألوا الحاسوب..! فمن لنا، لصوتنا المبحوح والمكبوت وعنكبوت اليوم غير ذاك العنكبوت..؟ ومن سفوح جبل المرجان والياقوت جاءت رسالة جليلة مهيبة غريبة التوقيت ومعها حكايتي مع الذين يقرءون وقصتي مع الألى لا يقرءون، لا يكتبون { وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لاَ يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إِلاَّ أَمَانِيَّ وَإِنْ هُمْ إِلاَّ يَظُنُّونَ } والسادة الموتى يهرولون يبكون مثلي سطوة الأعوام والسنين