الكثير من النساء أو الفتيات يعانين من الاكتئاب دون أن يعطين هذا الأمر ما يستحق من الأهمية. فهذا المرض بدأ ينتشر بسرعة مذهلة في هذا العصر، ولكن أكدت الدراسات أن النساء أكثر عرضة للإصابة بالاكتئاب من الرجل، وذلك ربما يعود إلى تعرضهن إلى ضغوط اجتماعية وبيولوجية. والبعض ينظر إلى الاكتئاب على انه مرض عرضي، أو أنه نوبة من القلق تصيب الشخص لا تلبث أن تنقشع، ولكن للأسف هذه النظرة هي المسؤولة بالدرجة الأولى عن تداعيات حالة المريض، حيث أثبتت الدراسات أن من 80 - 90% ممن يعانون من الاكتئاب ويعالجون لدى أطباء اختصاصيين يمثلون إلى الشفاء ويعودون إلى حياتهم الطبيعية. وتتسبب عدة عوامل في اصابة الإنسان بمرض الاكتئاب المدمر بعضها عوامل عضوية تتعلق بتغيرات في كيميائيات المخ، وبعضها أسباب وراثية، حيث أثبت الطب أن قابلية التوأم للإصابة بالاكتئاب تصل إلى 70% إذا كان توأمه مصاباً، وهناك عوامل بيئية، حيث تأثير التعامل الأسري والضغوط النفسية واستخدام أساليب العنف سواء داخل الأسرة أو في المدرسة أو في إطار الحياة الزوجية.. كل ذلك يؤدي إلى الإصابة بالاكتئاب. ولهذا المرض أعراض واضحة، بعضها يظهر لدى كثير من الناس، بينما يشعر البعض بالكثير من تلك الأعراض التي أبرزها الإحباط والشعور بالملل والقلق الدائم وفقدان الشهية للأكل، أو على العكس من ذلك: الأكل بنهم وشراهة. ومن أعراضه التفكير في إيذاء النفس أو الغير أو التفكير في الانتحار، وكذلك الشعور بالذنب والعصبية، وعدم التركيز، وسرعة التعب والشعور بالإرهاق من أقل مجهود يبذله المريض، وكذلك اضطرابات النوم أو النوم المتقطع أو الأرق.. ومجملاً يحس المريض بفقدانه شعور الاستمتاع بمباهج الحياة، أي يكون خارج اطار بهجة الناس ورفاهيتهم وتذوقهم لطعم الحياة. ولكن مهما كانت هذه الأعراض سيئة ومحبطة بالفعل، فإن ذلك لا يقطع الأمل في إمكانية العلاج، وهنا تحتاج الأسرة إلى ثقافة صحية، ونفسية، خصوصاً المرأة الأكثر عرضة له، والأكثر تعرضاً لضغوط الحياة المختلفة، وهنا جملة من الملاحظات إذا أحسن المرء اتباعها ومراعاتها فقد تكون مدخلاً لعلاج الكثيرين ممن يعانون من هذا المرض الذي لا يحس به غير صاحبه، بل لا يشخصه الكثيرون، ويعتبرونه عاملاً نفسياً عارضاً أو يلقون باللوم على صاحبه، ويصفونه بأنه انطوائي، غير أن الأمر أكبر من ذلك، بل أخطر من ذلك بكثير. ومن العوامل التي تساعد في العلاج، التعبير عن الانفعالات: الفرح، الغضب، والألم، وغير ذلك؛ لأن كتم تلك الانفعالات يعمق الأزمة.. وبما أن الأرق وقلة النوم يساعد على وجود المرض، ويقلل من افراز الناقلات العصبية في الدماغ ويجهده، فإن المريض يحتاج إلى قدر كاف من النوم، بل حتى الشخص غير المريض لا بد أن يحرص على أخذ حصته الكاملة من النوم حتى لا يقع فريسة لهذا المرض الخطير، كما أن تناول شيء من الحلويات والسكريات والشيكولاته يخفف الضغط النفسي - ولكن ليس بإسراف - ويوجد جواً من الارتياح العصبي، وبالتالي يقلل من احتمالات الاصابة بالاكتئاب. وأثبتت التجارب أن ممارسة الهوايات المختلفة تعيد التوازن النفسي وتعين المرء على مواجهة مشكلات الحياة، وتقلل من فرص الوقوع ضحية للاكتئاب. اهتمام الفتاة أو المرأة بنفسها، والاعتناء بجمالها وبشرتها وشعرها ومظهرها، كل هذا يساعد على جعلها إيجابية في نظرتها للحياة، ويضعف قابلية اصابتها بالاكتئاب، ويخفف عنها الآثار إذا كانت مريضة.. ويلعب الاسترخاء دوراً مهماً في درء أخطار المرض، ويعيد التوازن النفسي، وكذلك المشي بهدوء والتفكير بتركيز من شأنه إبعاد شبح الوقوع في فخ الاكتئاب. ومن العوامل المساعدة على الشفاء او الوقاية من المرض تقليل الكلام والنقاشات الحادة، والحرص على اضفاء ابتسامة عند مقابلة الآخرين؛ فهذا يعين على الحفاظ على التوازن النفسي ويترك الانطباع الجيد الذي يؤثر إيجابياً على النفس. أخيراً.. فإن مرض الاكتئاب يستشري في المجتمعات بصورة ملفتة للنظر.. لكن التعامل معه والتحوط منه ما زال لا يرقى لمستوى خطورة المرض.