نيابة عن ولي العهد.. وزير الخارجية يشارك في القمة الثالثة لحوار التعاون الآسيوي    زلزال بقوة 4.8 درجات يضرب الفلبين    أكَمَةُ إسرائيل الجديدة..!!    استمرار فرصة هطول أمطار رعدية على مناطق المملكة    «هيئة الصحفيين» تُعدّل نظام عضويتها باستمرارها لعام كامل من تاريخ الحصول عليها    سدايا: نحو مستقبل أذكى لخدمة البشرية    الخط العربي.. فنٌ عريق يتألق مجدداً عبر منصة "هاوي"    زراعة عسير: تدشن مهرجان الرمان الرابع بسراة عبيدة    زوجة أحمد القاضي إلى رحمة الله    حب وعطاء وتضحية.. «الصقري» يتبرع بكليته لشقيقته    خادم الحرمين يهنئ رئيس غينيا بذكرى الاستقلال ويعزي رئيس نيبال في ضحايا الفيضانات    الجدعان في «حوار برلين»: التنمية المستدامة تتحقق بالتخطيط طويل المدى    إلزام كل تاجر بتعيين اسم تجاري.. و50 ألفاً غرامة المخالفين    الاتحاد في اختبار الأخدود.. والاتفاق يواجه الرائد    وزير الخارجية يبحث مع الرئيس الإيراني مستجدات أوضاع المنطقة والعالم    اشترِ الآن وادفع لاحقاً !    معدلات الخصوبة بين المدن الصناعية والزراعية    هل بدأ اليوم التالي في المنطقة؟    أميرٌ شاب    حفلات التخرج: استلاب وانطماس هوية !    برعاية الملك.. انطلاق المنتدى الدولي للأمن السيبراني    الاتحاد يلعن غياب "كانتي" عن مواجهة الأخدود للإصابة    يونايتد وتن هاغ للخروج من النفق المظلم أمام بورتو    دوري أبطال آسيا للنخبة .. التعاون يتعثّر أمام القوة الجوية العراقية بهدفين    «الصحة اللبنانية» : 46 قتيلاً حصيلة الغارات الإسرائيلية على لبنان الأربعاء    أعيرف.. ذكريات تاريخية في قلب حائل    اتفاقية شراكة بين كرة المناورة واتحاد الجامعات    القهوة تقي من أمراض القلب والسكري    جراحة السمنة تحسن الخصوبة لدى النساء    البنك المركزي السعودي يصدر مبادئ "الالتزام"    مبادرة «قهوة مع الأمين» حرية.. شفافية.. إنجاز    "مهوب حلال أبوك"!    المطوف جميل جلال في ذمة الله    رواد الكشافة باالطائف يطمئنون على الرائد عطية    عمر يدخل القفص الذهبي في مكة المكرمة    هل بدأ حريق سوق جدة الدولي من «محل أحذية»؟    وداعاً يا أم فهد / وأعني بها زوجتي الغالية    الفرج ينقل تعازي وزير الداخلية لذوي شهيد الواجب السبيعي    وطن خارج الوطن    «مايكروسوفت» تتصدى لهلوسة الذكاء الاصطناعي    يوميات معرض    الرياض "تقرأ"!    جادة القهوة    العلا.. حماية التراث الطبيعي والإنساني    تثمين المواقع    لماذا لا تبكي؟    المفتي العام يستقبل مفوّض الإفتاء بجازان    بعدما أصبح هداف الهلال آسيويا.. الدوسري يقترب من صدارة هدافي القارة الصفراء    صلاح يقود ليفربول للفوز على بولونيا بثنائية في دوري أبطال أوروبا    مملكة العز والإباء في عامها الرابع والتسعين    شركة أمريكية تدعم أبحاث طبيب سعودي    نملة تأكل صغارها لحماية نفسها من المرض    العيسى في معرض «كتاب الرياض»: وثيقة مكة ترسي حقيقة الإسلام    والد الشهيد أكرم الجهني ل«عكاظ»: نبذل الغالي والنفيس فداء للوطن    الحياة الزوجية.. بناء أسرة وجودة وحياة    أمير مكة المكرمة ونائبه يعزيان أسرتي الشهيدين في حريق سوق جدة    أمير الشرقية يثمن دعم القيادة للقطاع الصحي    المملكة.. الثبات على المبدأ    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عيديات شعرية
نشر في الجزيرة يوم 05 - 11 - 2005

وبمناسبة العيد السعيد (كل عام وأنتم بخير) أقدم باقة شعرية قيلت بها، بعضها سعيد وبعضها حزين وبعضها بين بين، أبدؤها بقصيدة جميلة لابن الحباب الغرناطي يرحب بها في العيد، مع تعليق يسير وشرح مختصر.
مرحباً بالعيد
يا قادماً عمَّت الدنيا بشائرُهُ
أهلاً بمقدمكَ الميمونِ طائرُهُ
قدمت فالخلق في نُعمى وفي جذل
أبدى بك البشر باديهِ وحاضرُهُ
والأرض قد لبست أثواب سندسها
والروض قد بسمت منه أزاهرُهُ
حاكت يد الغيث في ساحاته حللاً
لما سقاها دراكاً منه باكرُهُ
فلاح فيها من الأنوار باهرها
وفاح فيها من النوار عاطرُهُ
وقام فيها خطيب الطير مرتجلاً
والزهر قد رصعت منه منابرُهُ
موشيُّ ثوبٍ طواه الدهر آونةً
فها هو اليوم للأبصار ناشرُهُ
يرحب الغرناطي بالقادم الذي عمت بشائره الدنيا، قدم على الطائر الميمون، والخلق في نعمة مسرورون، والبشر بادٍ على حاضرهم وباديهم، وكأن العيد يومها جاء في الربيع فالأرض موشاة بالسندس الأخضر والأزهار تبسم في الرياض وكانت هذه الحلل البهية بعد هطول الغيث المبكر. فلاحت الأنوار الباهرة، وأينع النوار العاطر وارتجل خطيب الطير أغاريده، على منبر مرصع بالزهر بثياب موشاة كانت مطوية فنشرت اليوم.
هدية العيد
وهذه أبيات يقدمها الشاعر إبراهيم الطباطبائي(؟) لابن أبي العلياء(؟) راجياً منه قبول هدية بمناسبة العيد.
هدية أرتجي منك القبول لها
إن الهدايا على مقدار مهديها
وافاك ذا العيد يزهو في تطلعه
ببهجة تملأ الدنيا وما فيها
يرنو إليك بعيني شادن رشأ
أحوى المدامع ساهي العين ساجيها
فالبس له جدد الأبراد وانضِ به
مخرقات على الأعوام تلقيها
واسلم ودم واعط واسعف واستدرَّ حياً
فالسحب عنك غدت تروي غواديها
يرجو الطباطبائي ابن أبي العلياء قبول هديته في العيد، ويظهر أن الهدية على قد الحال، ولذلك يعتذر بأن الهدايا على مقدار مهديها لا المهداة إليه، ويذكر أن العيد جاء زاهياً طالعاً ببهجة تملأ الدنيا ومن جماله كأنه ينظر بعيني غزال دمعت عيناه المسجاة المسبلة، ويطلب أن يلبس الجديد ويخلع ما عليه من ثياب مخرقة، وينهي القصيدة بالدعاء بخمسة أفعال أمر معناها (السلامة.. وطول العمر.. واعطاء الناس من كرمه.. وإسعاف المكروبين.. وأن يمطر كرماً مثل السحب المرسلة الأمطار).
إبراهيم طوقان يعطف على ديك الحبش
وهذا أبو جعفر إبراهيم طوقان، وقد رأى ديك الحبش يذبح ثم يلقى على الأرض يتعفر بدمائه، وكان ذلك في العيد فقال:
برقت له مسنونةٌُ تتلهبُ
أقوى من القتلِ المتاحِ وأغلبُ
حزّتْ فلا حدُّ الحديد مخضَّبٌ
بدم ولا نحرُ الذبيح مخضَّبُ
متدفقٌ بدمائه متقلبٌ
متعلقٌ بدمائه متوثبُ
أعذابهُ يُدعى حلاوة روحِهِ
كم منطق فيه الحقيقة تقلبُ
إن الحلاوة في فم متلمظٍ
شَرَهاً ليشرب ما الضحيَّةُ تسكبُ
هي فرحةُ العيدِ التي قامت على
ألمِ الحياةِ وكلُّ عيدٍ طيبُ
يقول الشاعر مبتدئاً بوصف السكين مسنونة (لتصير حادة) تتلهب شوقاً إلى الذبح فحزت رقبة ديك الحبش (هكذا يسمى في فلسطين ويسمى الديك الرومي) وبالانجليزية turkey.
والناس ما كانوا يعرفون المجمد فيشترون الدجاج والحمام والتركي ويذبحونها، يقول حزت السكين رقبته ولمضائها لم يخضب نحر الذبيح ولم تتلوث السكين بالدماء (الدماء تخرج فيما بعد) ثم تدفق الدم وأخذ الديك يتقلب به، وعندنا في نابلس عندما يرون الذبيح ينقلب من الألم ويعلو ويهبط يقولون: من حلاوة الروح، فقال ابراهيم: هل عذاب الديك حلاوة؟ إنه لمنطق مقلوب، فالحلاوة في فم آكل الديك الشره (طبعاً هو مبالغ ويشبه آكل اللحم بشارب دم الديك) والدم محرم ولله الحمد.
وينهي أبياته بأن فرحة البشر بالعيد بأكل اللحوم قامت على ألم الطيور، ثم يعايد قراءه (كل عيد طيب) وأنا أقول: سبحان من أحل الحلال وحرم الحرام، وقد هربت شاة من يد جزارها وذهبت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال عليه السلام للجزار: ارفق بها، وقال للشاة اصبري لأمر الله.
مدافع العيد
وهذه صورة لشاعر بائس بعيد عن أهله يستقبل العيد وقد تذكر أهله فحزن حزناً شديداً، وأخيراً يتجلد:
سألتُ لمن هذي المدافعُ تُطلَقُ
فقالوا بشيرٌ قام بالعيد ينطقُ
فقلتُ وما للعيد في نفس بائسٍ
بعيدٍ عن الأهلين بالحزن يُحرقُ
بلى إنها هاجت دفين صبابتي
إلى ما قلبي والمُعنَّى معلقُ
تذكرت أهلي والصحابَ وغربتي
وداراً عليها شمس بيروتَ تشرقُ
فسالت دموع العين مني كأنها
لآلئ حتى كدت بالدمع أشرَقُ
لك الله من عيدٍ أعاد لي الأسى
وهمّاً وآلاماً وشجواً يؤرقُ
وكيف يطيب العيد في نفس نازحٍ
غريب بأغلال المكاره يوثقُ
ولولا رأيتُ الصبر في المجد والعلا
يليق بمثلي كادت النفس تزهقُ
سمع الشاعر إطلاق المدافع فسأل وكأنه لا يعرف السبب، فقالوا له إنها بشائر العيد، فقال إن العيد يسعد غيره أما هو فماذا يفعل له العيد بعيداً عن الأهلين يحترق بغربته، كما أن المدافع هيجت صبابته (واشتياقه) وزادت على قلبه المعنى عناءً، تذكر أهله في بيروت فسالت دموعه اللؤلئية حتى شرق بها، ويخاطب العيد الذي أعاد له الأحزان والهموم والشجو المؤرق إلى أن يقول: إن الصبر شيء من المجد والعلا فتمسك به وإلا لكادت نفسه تزهق (يموت).
الأمن والعيد
ونختم بهذه الأبيات التي قالها الشاعر الأندلسي ابن الحباب الغرناطي الأندلسي مخاطباً الحاكم:
عيدٌ وكلُّ زماننا بك عيدُ
للدين والدنيا به تمهيدُ
فالأمن قد عم البلاد وأهلها
وضفا عليها ظله الممدودُ
والجود قد غمر البسيطة فيضه
فبكل صقع بحره مورودُ
يقول: إن اليوم عيد، وأيامنا في عهدك أعياد حيث أقمت تمهيداً وتطبيقاً للدين والدنيا (ولا ينبغي للحاكم أن يزهد في الدنيا بل يقبل عليها ويدبر أمرها)..
مدح شاعر المأمون العباسي ببيت قال فيه:
أضحى إمام الهدى المأمون مشتغلاً
بالدين والناس بالدنيا مشاغيلُ
فنظر إليه بغضب، فسأل أحدهم عن سبب غضب المأمون، فقال له:
ما زدت على أن جعلته عجوزاً على سجادتها ماسكة سبحتها، إذا لم يدبر المأمون الدنيا فمن يدبرها؟ حسن أنه لم يؤدبك.. ألا قلت مثلما قال الشاعر:
فلا هو في الدنيا مضيع نصيبهُ
ولا عرضُ الدنيا عن الدين شاغلُه
ويصف البلاد (غرناطة) في عهده وقد عمها الأمن في ظل حاكمها الذي غمر جوده البلاد والعباد فبحر كرمه امتد ليغمر كل الأصقاع.
نزار رفيق بشير


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.