عندما تكون في مأزق ما لا سمح الله فهذا الرقم يلزمك فهو لك، ومن أجل خدمتك في أي مكان وزمان. من هذا المبدأ اتجهت إلى شرطة النجدة بالرياض لأقوم بحوار مع الرجال الذين يسهرون الليل لخدمة وراحة المواطنين. كانت الساعة تشير إلى الثانية ليلا عندما هممت بالاتصال بهذا الرقم (99) مجرد شقاوة، وأعترف أنها شقاوة مني لأرى هل هم فعلا. عندما تخيلتهم وقبل أن أنهي إشارة الرقم الآخر من (9) وإذا بالمجيب: شرطة النجدة: نعم. عندها قلت النجدة ثم أسرعت بوضع السماعة. ساعتها فقط وجدت المادة: هو أن أذهب لهم، وأرى ماذا سيكون رد فعل هذه المكالمة: التي لم تكتمل. والحقيقة أنني وصلت إليهم وهم في حالة انفعال: وترقب شديد لضبط هذه المكالمة: حيث ما كان مني إلا أن سلمت على العاملين: وهم في حالة ترقب وتفكير ليعرفوا مصدر المكالمة: عندها فقط اقتربت من الرئيس عبدالله الجبير مساعد رئيس شرطة النجدة بالرياض. ******** *قلت: لماذا أنت قلق. ولم تكن كعادتك؟ قال لي بانفعال: إننا نبحث عن مصدر تليفون تكلم معنا، وأغلق الخط. لم يقل عدا النجدة: *قلت وماذا يعني: قال: إننا وجدنا لهذا النداء: ولابد أن نضع جميع حواسنا لعلنا نضبط المكالمة: ليرتاح ضميرنا إنه ليس بالأمر شيء: *قلت أنا المتحدث معكم: عندها وقف فرحا بعدما كان متجهما وجهه وقال: وبكل بساطة تقول لنا هذا قلت أبدا كنت أبحث عن مادة ولم أجد إلا أن أتصل بهذا الرقم لأرى هل هو كما وضع في حالة استنفار تام. قال: طمأنتنا يا رجل هل أنت: من بلاط صاحبة الجلالة: قلت نعم: جئت في منتصف الليل لأنني لم أجد شيئا أقدمه حيث فعلت فعلتي هذه. قال تفضل مرحبا بك، في مكان أداء الخدمة لهذا الوطن ومواطنيه. *قلت: عبارة عن خانات فارغة عليك تعبئتها. قال بكل سرور. الاسم: عبدالله إبراهيم الجبير. العمر: 27 مكان الولادة: المجمعة الحالة الاجتماعية: أعزب. الرتبة: رئيس. الوظيفة: مساعد رئيس شرطة النجدة بالرياض. * متى دخلت الكلية. - في عام 1384ه. * وتخرجك. - في عام 1386ه. * كم دورة أنهيت؟ وماهي وأين كانت؟ - أنهيت ثلاث دورات. دورة تحقيق- دورة إشارة تأسيسية- دورة طبوغرافية.وكلها بداخل المملكة. * ماهي الفائدة التي استفدتها طيلة عملك بالنجدة؟ - استفدت من عملي في هذا الجهاز أشياء كثيرة.. أهمها شرف خدمة مليكي ووطني-الصبر- دراسة الناس الذين أتعامل معهم- دراسة عملية وهي بلا شك تختلف عن دراسة طبائع الناس وسلوكهم في الكتب. *قلت: كيف يتم اختيار رجل النجدة؟ - أجاب: رجل النجدة لا يختلف عن زملائه رجال قوات الأمن الداخلي في شيء حيث كل منهم مؤهل وطبيعة العمل الذي سيمارسه. أما طريقة الاختيار فتقرره الجهات المسؤولة. * قلت: والرجل الناجح في عمله. - قال: الذي ينتج والذي تتوفر فيه مجموعة من الصفات تجعل منه رجلا ناجحا. وأهمها خشية الله، ومراقبة النفس والتحكم فيها ثم إعطاء كل الطاقات للعمل المناط به. * والحكمة التي تتمثل بها. - اتق شر من أحسنت إليه. * قلت كم أقصى حد وصلت إليه المكالمات في يوم واحد وما نوعها؟ - المكالمات التي تصل إلينا كثيرة وغالبا ما تكون نوعين: الأولى أخبار عن حادث، والثانية استفسار عن شيء، وكلها من صميم العمل. * وأغرب مكالمة مرت بك؟ - قال مكالمة طفل لم يتعد الرابعة من عمره يخبرني بأنه قد تاه الطريق إلى منزل أهله، وبسؤالي من أين يتحدث ذكر بأنه من أحد المتاجر وينتظر من النجدة الحضور إليه، وفعلا فقد تم له ذلك، وبذكاء ذلك الطفل استطعنا أن نوصله إلى أهله في وقت قصير. * قلت: والموقف الطريف الذي مر بك في الواجب. - قال: أي عمل له احتكاك مع الناس لا يخلو من الطرافة، وأتذكر الآن أنني قد تبلغت من مجموعة من المواطنين عن صوت آلة تسجيل مرتفع جدا ينبعث من شقة مجاورة لهم، وأضاف بعضهم بأنه حاول إشعار صاحب الشقة لكي يخفف الصوت فلم يجبهم أحد، واضطروا إلى إشعار النجدة فذهبت حيث وجدت غالبية الجيران أمام الشقة، وفيما نفكر ماذا نفعل، وإذا بحضور شخص مسرع وفتح الشقة حيث تأسف لجيرانه وقال: إنه كان يسمع آلة التسجيل وطفت الكهرباء ونسي قفل المسجل وذهب لعمله، عندما عاد التيار الكهربائي اشتغل المسجل وهو في عمله. * قلت: موقف لن تنساه شاهدته؟ - أجاب في أول ليلة من شهر رمضان المبارك في العام الماضي انتقلت لأعاين حادث تصادم، وعندما وصلت إليه وبما أنا أعاينه وحولي مجموعة من المواطنين إذا باصطدام يقع بالحادث الأول حيث أصيب بعض المواطنين وكان أحدهم أنا حيث كان واحد يرقد بجانبي على الأرض ينزف دما بغزارة ويطلب المساعدة وأنا بجواره لا أستطيع أن أقدم له شيئا حيث كنت مصابا، ومهما ذكرت فلن أستطيع أن أصف لك شعوري لما شاهدته وخصوصا عندما لا يستطيع رجل النجدة القيام بواجبه. * قلت: كيف تتصرف عندما تتلقى مكالمة وأنت سيرت جميع السيارات بمهمات ولم يبق إلا أنت؟ - قال: الحقيقة لم يحصل مثل هذا، وذلك لوفرة السيارات الموضوعة لخدمة المواطنين، وإذا افترضت جدلا، فتصرفي هو الاتصال بالفرق وتوجيه أقربها لمباشرة ما أشرت إليه. * قلت: وأمنياتك. - أجاب: أن يحفظ لنا الله قائد مسيرتنا مولاي جلالة الملك فيصل المعظم ورجاله المخلصين وأن تتحرر أولى القبلتين وثالث الحرمين (المسجد الأقصى) وأن أكمل دراستي العالية. * قلت: أتعرف أرقام الإنقاذ جميعها؟ - أجاب: ومن يعرفها إذا لم أكن: على معرفة تامة بها. * قلت: أتذكرها لنا. - أجاب: الرقم 98 للمطافي. الرقم 97 للهلال الأحمر. الرقم 95 استعلامات. الرقم 94 أعطال التليفونات. الرقم 99 النجدة. الرقم 93 لحوادث المرور. * قلت: ماذا تطلبون من المخبر عن حادث ما؟ - أجاب: إذا كان الإخبار هاتفيا فيطلب منه الاسم ورقم التليفون. - أما إذا كان حضوريا اسمه وعنوانه. في هذه اللحظة: التي أهم بسؤالي وإذا بالهاتف يقطع هذا الحديث ليرد الجبير: عندما كان جالسا وإذا هو يقف ويضع يده على رأسه: ويردد الله يستر الله يستر أنا عندكم في ثوان. * عندها انسرف وبقيت وحدي: حيث نظرت إلى حصيلتي ووجدتها: تسد رمق هذه الآلة، وقمت لأعود في اليوم التالي أبحث عن صيد آخر أقدمه.