ما أن تقع عيناك على كتاب (مداخل بعض أعلام الجزيرة العربية في الأرشيف العثماني) لمؤلِّفه الدكتور سهيل صابان حتى تشكر للمؤلِّف هذه الخطوة وهذا الجهد الكبير الذي كف به عناء الباحثين في الوصول إلى الوثائق التي يحويها الأرشيف العثماني، والتي تتحدث عن معلومات تشمل ما تشمل الحديث عن شخصيات لها علاقة بشبه الجزيرة العربية سواء من أهلها أو من غيرهم. والحديث عن الوثائق العثماينة حديث ذو شجون يعرفه كل مختص، ففي الوقت الذي يسرت معظم الأرشيفات العالمية محتوياتها للباحثين ما زال الأرشيف العثماني يعاني من قصور في هذه القضية، ووفقاً لكلام د. صابان فإن محتويات هذا الأرشيف تبلغ (مائة وخمسين مليون وثيقة لم يتم تصنيفه بالكامل، بل المصنف منه حتى تاريخ إعداد هذا العمل - أي كتاب مداخل بعض أعلام الجزيرة العربية في الأرشيف العثماني - حوالي 42% وبين فترة وأخرى تُفتح تصانيف جديدة لخدمة الباحثين). ولعل الإشارة السابقة إلى ضخامة ما يحويه الأرشيف العثماني من وثائق تطلعنا على حجم العمل الذي قام به الدكتور صابان لوضع كتابه موضوع الحديث. وكتاب (مداخل بعض أعلام الجزيرة العربية في الأرشيف العثماني) صدر عن مكتبة الملك عبد العزيز العامة عام 1425ه - 2004م، بطباعة فاخرة من القطع المتوسط، وجاء في 273 صفحة، وألحق به كشَّاف للأعلام، وآخر للأماكن والبلدان مع ثبت للمصادر التي استعان بها المؤلِّف. أما فكرة الكتاب فقد بدأت في ذهن المؤلِّف منذ زمن بعيد كما يقول حيث: (تبلور الإطار العام للموضوع بعد البحث والتمحيص في وثائق الأرشيف العثماني الذي يعود عهد الباحث به إلى عام 1411ه - 1990م وتكرَّرت الزيارة إليه في كل إجازة صيفية استغلها الباحث في الاستفادة من مقتنيات الأرشيف النادر المحتوى. وكان ما لقيه الباحث من التشجيع على إتمام هذا المشروع من الباحثين أكبر الأثر في إكماله). وعن خطوات هذا العمل الكبير يوضِّح المؤلِّف أنه بدأ بترتيب مادته العلمية التي جمعها من آلاف الوثائق العثمانية. ثم أجرى مسحاً للكتب التي تتحدث عن الأعلام سواء العربية منها أو التركية؛ لأن الهدف الأساسي من عمله: (إيراد نبذة عن سير أعلام الجزيرة العربية في العهد العثماني، وإيراد مداخلهم من خلال وثائق الأرشيف العثماني، بغية تسهيل وصول الباحثين إليها لا الترجمة لهم، إذ إن سيرة الكثيرين منهم متوافرة في كتب التراجم، ولذلك فكان إيراد نبذة مختصرة أو مطوَّلة من تراجم أعيان الجزيرة العربية في هذا العمل أمراً ثانوياً للاستئناس به، مع أن البدء في التدوين كان به، ومن هنا فإن التركيز على الإشارة إلى الرقم التصنيفي للوثيقة العثمانية لتسهيل وصول الباحث المتخصص إليها من مجموع مائة وخمسين مليون وثيقة يحويها الأرشيف العثماني - (أرشيف رئاسة الوزراء) باستانبول - هو الهدف الذي رمى إليه الباحث من هذا العمل). ولقيمة الكتاب العلمية فسوف أواصل الحديث عنه إن شاء الله في الأسبوع القادم.