جدير بالمسلم أن يكون له حظ من صيام قَلَّ أو كَثر: وَصُمْ يومَك الأَدْنى لَعَلّك في غدٍ تفوز بعيدِ الفطر والناسُ صُوَّمُ وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله: (إِنَّ اللَّهَ قَالَ: ?مَنْ عَادَى لِي وَلِيًّا فَقَدْ آذَنْتُهُ بِالْحَرْبِ وَمَا تَقَرَّبَ إليّ عَبْدِي بِشَيْءٍ أَحَبَّ إليّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ وَمَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إليّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ فإذا أَحْبَبْتُهُ كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطِشُ بِهَا وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِي بِهَا وَإِنْ سَأَلَنِي لَأُعْطِيَنَّهُ وَلَئِنْ اسْتَعَاذَنِي لَأُعِيذَنَّهُ) (رواه البخاري). هذا حديث جليل، فيه أن من سعى في نوافل العبادات تقرباً إلى الله أحبه الله، وقربه منه، ووفقه في سمعه وبصره، وكان الله معه، يجيب دعاءه ويعيذه مما يخاف ويحذر، وكفي بالله حسيبا. والصيام من أحب الأعمال إلى الله عز وجل، قال تعالى في الحديث القدسي: {كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ إِلَّا الصَّوْمَ فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ؛ يَدَعُ شَهْوَتَهُ وَطَعَامَهُ مِنْ أَجْلِي}(رواه مسلم). فمن صام يوما تطوعاً حاز الدرجات العلى، وأحبه الرحمن، والاستمرار على ذلك جالب للأجر الجزيل والتوفيق العظيم. صيام شهر الله المحرم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أفضل الصلاة بعد المكتوبة الصلاة في جوف الليل، وأفضل الصيام بعد شهر رمضان شهر الله المحرم)(1). وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أفضل الصيام بعد رمضان الشهر الذي تدعونه المحرم)(2). صوم شعبان وفي الصحيحين - أن عَائِشَةَ - رضي الله عنها - قَالَتْ لَمْ يَكُنِ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - يَصُومُ شَهْرًا أَكْثَرَ مِنْ شَعْبَانَ، فَإِنَّهُ كَانَ يَصُومُ شَعْبَانَ كُلَّهُ. ومقصودها بكله: أي أكثره. والله أعلم، كما في الرواية الأخرى: (كَانَ يَصُومُ شَعْبَانَ إِلاَّ قَلِيلاً). وعن أُسَامَة بْن زَيْدٍ قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ لَمْ أَرَكَ تَصُومُ شَهْرًا مِنَ الشُّهُورِ مَا تَصُومُ مِنْ شَعْبَانَ. قَالَ: (ذَلِكَ شَهْرٌ يَغْفُلُ النَّاسُ عَنْهُ بَيْنَ رَجَبٍ وَرَمَضَانَ وَهُوَ شَهْرٌ تُرْفَعُ فِيهِ الأعمال إلى رَبِّ الْعَالَمِينَ فَأُحِبُّ أن يُرْفَعَ عَمَلِي وَأَنَا صَائِمٌ)(3). صيام ستة أيام من شوال عَنْ أَبِي أَيُّوبَ الأَنْصَارِيِّ - رضي الله عنه - ُ أن رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: (مَنْ صَامَ رَمَضَانَ ثُمَّ أَتْبَعَهُ سِتًّا مِنْ شَوَّالٍ كَانَ كَصِيَامِ الدَّهْرِ)(4). صوم عشر ذي الحجة وروى البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله من هذه الأيام - يعني أيام العشر - قالوا: يا رسول الله ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: (ولا الجهاد في سبيل الله، إلا رجلاً خرج بنفسه وماله ثم لم يرجع من ذلك بشيء). وقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: (صِيَامُ يَوْمِ عَرَفَةَ أَحْتَسِبُ عَلَى اللَّهِ أن يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ وَالسَّنَةَ الَّتِي بَعْدَهُ وَصِيَامُ يَوْمِ عَاشُورَاءَ أَحْتَسِبُ عَلَى اللَّهِ أن يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ)(5). صوم يوم عاشوراء روى البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: (ما رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يتحرى صيام يوم فضّله على غيره إلا هذا اليوم - أي يوم عاشوراء - وهذا الشهر يعني رمضان). صوم أيام البيض: ثلاث عشرة وأربع عشرة، وخمس عشرة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا صمت من الشهر ثلاثاً فصم: ثلاث عشرة، وأربع عشرة، وخمس عشرة)(6). صيام الاثنين والخميس عن أبي قتادة الأنصاري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سُئل عن صوم الاثنين فقال: (فيه ولدت وفيه أنزل عليّ)(7). وعن حفصة - رضي الله عنها - قالت: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أخذ مضجعه جعل كفه اليمنى تحت خده الأيمن، وكان يصوم الاثنين والخميس)(8). وعن عائشة - رضي الله عنها -: (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتحرى صيام الاثنين والخميس)(9). وعن أبي هريرة رضي الله عنه: (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصوم الاثنين والخميس)(10). وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: كان أكثر ما يصوم الاثنين والخميس، فقيل له فقال: (الأعمال تعرض كل اثنين وخميس، فيغفر لكل مسلم إلا المتهاجرين، فيقول: أخروهما)(11). صوم يوم وإفطار يوم (صوم داود عليه السلام) قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أحب الصيام إلى الله صيام داود، وكان يصوم يوماً ويفطر يوماً، وأحب الصلاة إلى الله صلاة داود، وكان ينام نصف الليل ويقوم ثلثه وينام سدسه)(12). الأيام المنهي عن صيامها 1 - يوم الفطر، ويوم الأضحى قال صلى الله عليه وسلم: (لا يصلح الصيام في يومين: يوم الأضحى،ويوم الفطر في رمضان)(13). 2 - إفراد يوم الجمعة عن محمد بن عباد بن جعفر: سألت جابر بن عبد الله رضي الله عنهما وهو يطوف بالبيت: (نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صيام يوم الجمعة؟ فقال: نعم ورب هذا البيت وزاد البخاري - يعني أن ينفرد بصومه)(14). 3 - صوم يوم السبت قال صلى الله عليه وسلم: (لا تصوموا يوم السبت إلا في فريضة، وإن لم يجد أحدكم إلا عود كرم أو لحاء شجرة، فليفطر عليه)(15). وقد أعلّه جمع من الأئمة بل قال مالك: هذا كذب. ووصفه النسائي بالاضطراب، وقال أبو داود: هو منسوخ، وعلى القول بثبوته وهو ضعيف فيكون المقصود ما ذكره النووي -رحمه الله- من أن المراد تعمد صيامه منفرداً. 4 - يوم الشك عن صلة قال: كنا عند عمار فأتى بشاة مصلية، فقال: كلوا فتنحى بعض القوم، قال: إني صائم، فقال عمار: (من صام يوم الشك فقد عصى أبا القاسم صلى الله عليه وسلم)(16). 5 - صيام الدهر وقال صلى الله عليه وسلم: (لا صام من صام الأبد)(17). وقال صلى الله عليه وسلم: (لا صام من صام الدهر، صوم ثلاثة أيام صوم الدهر كله)(18). [email protected] 1- رواه مسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه ورواه الروياني في مسنده والطبراني في (الكبير). 2- رواه النسائي عن جندب، وصححه الألباني في صحيح الجامع رقم (1121). 3- أخرجه النسائي وأبو داود وصححه ابن خزيمة، وحسنه الألباني في (صحيح الجامع) رقم (3711). 4- رواه أحمد، ومسلم، وأبو داود، والترمذي، وابن خزيمة، وابن حبان، وصححه الألباني في (صحيح الجامع) رقم (6328). 5- رواه مسلم، والترمذي، والنسائي، وأبو داود، وابن ماجه، وابن حبان عن أبي قتادة. 6- رواه أحمد والترمذي والنسائي وابن حبان عن أبي ذر وصححه الألباني في (صحيح الجامع) رقم (673). 7- رواه مسلم. 8- رواه النسائي وصححه الألباني في (صحيح الجامع) رقم (2 - 498). 9- رواه أبو داود والترمذي والنسائي وصححه ابن حبان وصححه الألباني في (صحيح الجامع) رقم (4897). 10- رواه ابن ماجه وصححه الألباني في (صحيح الجامع) رقم (4970). 11- رواه أحمد، وصححه الألباني في (صحيح الجامع) رقم (4804). 12- رواه البخاري ومسلم. 13- رواه البخاري ومسلم. 14- رواه مسلم واللفظ له والبخاري وأحمد، وعند النسائي (ورب الكعبة)، وليس عند البخاري إلا قوله: (نعم). 15- قال النووي في (المجموع) (6-481 - 482): (يكره إفراد يوم السبت بالصوم، فإن صام قبله أو بعده لم يكره، صرح بكراهة إفراده أصحابنا، منهم الدارمي. 16- أخرجه أبو داود والترمذي والنسائي والدارمي والطحاوي وابن حبان والدارقطني والحاكم والبيهقي وابن خزيمة وصححه. 17- رواه البخاري ومسلم والنسائي وابن ماجه عن ابن عمرو.