شهدت الأربع والعشرين عاماً من عهد خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز - رحمه الله - نهضة حضارية شاملة في جميع نواحي الحياة الاقتصادية والاجتماعية تمثل امتداداً للنهضة الحضارية التنموية التي شهدتها المملكة العربية السعودية منذ بداية التخطيط التنموي في عام 1390-1391ه (1970م) والتي استطاعت تحقيق أهداف كثيرة، من أبرزها رفع مستوى المعيشة، وتحسين نوعية الحياة للمواطنين مع تنويع القاعدة الاقتصادية، وتخفيض الاعتماد على إنتاج النفط وتصديره كمصدر رئيس للدخل الوطني من خلال تنمية الصادرات غير النفطية، والمحافظة على الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي وتنمية الموارد البشرية وتعزيز دور القطاع الخاص، وتحقيق التنمية المتوازية، واستكمال تنمية التجهيزات الأساسية. وقد شهد عهد خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز رحمه الله تنفيذ خمس خطط تنموية، وذلك حينما تولى خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز رحمه الله الحكم عام 1402ه/1982م، ليستكمل خطة التنمية الثالثة، ثم التخطيط والتنفيذ للخطط الرابعة والخامسة والسادسة والسابعة، والإعداد للخطة الثامنة التي وافق عليها مجلس الشورى قبل وفاته رحمه الله، وجميع هذه الخطط ركزت في مجملها على المحافظة على القيم الإسلامية وتطبيق شريعة الله، وترسيخها ونشرها، والدفاع عن الدين والوطن، والمحافظة على الأمن والاستقرار الاجتماعي للبلاد، وتكوين المواطن العامل المنتج بتوفير الروافد التي توصله لتلك المرحلة، وتنمية الموارد البشرية، والتأكد المستمر من زيادة عرضها، ورفع كفاءتها لتخدم جميع القطاعات، ودفع الحركة الثقافية إلى المستوى الذي يجعلها تساير التطور الذي تعيشه المملكة، والاستمرار في إحداث تغيير حقيقي في البنية الاقتصادية للبلاد بالتحول المستمر نحو تنويع القاعدة الإنتاجية بالتركيز على الصناعة والزراعة، وتنمية الثروات المعدنية، وتشجيع استكشافها واستمرارها والتركيز على التنمية النوعية بتحسين أداء ما تم إنجازه من منافع وتجهيزات والعمل على تطوير وإكمال التجهيزات الأساسية اللازمة لتحقيق التنمية الشاملة (خلال تلك الفترة من الخطط التنموية التي عاصرها رحمه الله). كما عملت المملكة العربية السعودية في عهد الفهد رحمه الله على تحقيق المزيد من الرقي والتطور الاقتصادي والاجتماعي الداخلي، فقد حرصت على المحافظة باستمرار على مكانتها اللائقة عربياً وإسلامياً وعالمياً، والنهوض بواجباتها تجاه الأسرة الدولية، سواء كان ذلك في تقديم الدعم والمؤازرة للقضايا الإسلامية، أم في تبني قضايا الحق والعدل والانتصار لها أينما كانت، وكله بفضل توفيق الله سبحانه وتعالى أولاً ثم بفضل ما حظيت به تلك المسيرة المباركة من توجيه دائم من القيادة الحكيمة لهذا البلد، وتفاعل من مواطنين تزكيهم قيم الولاء والانتماء. تولي الفهد - رحمه الله - منصب وزارة المعارف ووضع أسس التعليم بالمملكة ركّز خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز رحمه الله منذ بداياته الأولى على الارتقاء بالإنسان السعودي عبر التعليم، لأنه يعلم أهمية التراكم الثقافي في النهضة التنموية وأن الأمم إنما ترقى وترتفع ببيارقها في الأعالي بفضل العلم والمعرفة، والعمل ولقد كانت اللبنات الأولى في إدارة الدولة للتعليم بفضل من رب العالمين ثم من خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز رحمه الله هي الأساس المتين لكل ما نشاهده الآن من رقي وتطور في كافة الأصعدة الحياتية على الأخص فيما قدمته الجامعات والمراكز التعليمية الثقافية السعودية من علماء وأطباء ومثقفين ومفكرين سعوديين استطاعوا أن يقدموا الخير والمعرفة لبلادهم بل وتجاوزت أطروحاتهم العلمية الحيز الجغرافي للمملكة، واستقطبت الدوائر العالمية والمنظمات الدولية العديد من تلك الكفاءات السعودية. وكما هو معروف للجميع فقد تولى الفهد رحمه الله منصب وزير المعارف فور تحويلها من مديرية عامة للمعارف إلى وزارة للمعارف في 18-4-1373ه. وقد وجد الفهد رحمه الله الوزارة عند تسلمه لها نفسه أمام تحديات وعقبات جمة، ووجد معضلات كثيرة كان من أهمها مشكلة المعلم المؤهل، ونمو المدارس وانتشارها، ومواجهة طلبات أبناء الوطن بفتح المدارس والمعاهد في أنحاء المملكة، وواجهت هذه العقبات وزارة حديثة العهد، ولكن من نعم الله على هذه البلاد أن هيأ لها الفهد رحمه الله رائداً وراعياً لرسالة التعليم، تلك الرسالة السامية التي تحمل مسؤوليتها وكافح من أجلها متحدياً كل الصعوبات والعقبات ورسم لها سياستها ومساراتها وتوجهاتها وقاد انطلاقتها الأولى محققاً الكثير من الإنجازات. فما حققته وزارة المعارف في عهد وزيرها الأول الفهد رحمه الله يعتبر نهضة شاملة بكل المعايير، شملت المعلم والمنهج والمؤسسة التعليمية، فأهلت المعلم ورفعت من مستوى أدائه فارتقت بالتعليم وأكملت مراحله، واهتمت بالتخصصات وخططت للمستقبل وما يحتاجه من أنواع التعليم ومستوياته فأوجدت - ولله الحمد - التعليم الثانوي والجامعي ثم العالي في فترة قياسية. وكان الفهد رحمه الله يؤكد دائماً على حكومته على مساواة الفتاة تعليمياً وتدريبياً بحقوق الشاب، حيث أولت حكومته هذا الجانب اهتماماً كبيراً إيماناً منها بتوجه الفهد رحمه الله لكون ذلك يتطابق مع ما كفله الإسلام للمرأة، لذا فقد لقي تعليم الفتاة كل الدعم من حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز رحمه الله وخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز ولي العهد - آنذاك -، للنهوض بتعليم الفتاة تعليماً وتربية وتدريباً لتحقيق معادلة موازاة المرأة لنصف المجتمع مقابل الرجل. وهذه النظرة الواقعية وبعيدة المدى لمفهوم المساواة، التي تقوم على أسس صحيحة ومسلك قويم لا يبالي بالدعاوى الباطلة التي يطلقها أعداء الإسلام وأعداء المملكة العربية السعودية عليها زاعمين أنها سبب للرجعية والإرهاب، ويطالبونها فيه بالمساواة التي تؤدي بالمرأة إلى الانقلاب والخروج عن الهدي الواضح الذي سنته لها شريعة رب العالمين، وكفله الإسلام لها. واستمرت في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز رحمه الله وخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز ولي العهد - انذاك - وسمو ولي عهده الأمير سلطان بن عبدالعزيز النائب الثاني - آنذاك - مسيرة الفتاة حتى وصلت الجهة المشرفة على تعليم الفتاة وهي الرئاسة العامة لتعليم البنات إلى تحقيق الأهداف السامية من إنشائها جهة مستقلة مشرفة على تعليم البنات تحت إشراف المغفور له بإذن الله الملك فهد رئيس مجلس الوزراء مباشرة حتى أصبح من الضروري أن يكون لتعليم البنات تمثيل في مجلس الوزراء بصدور أمر الفهد السامي رحمه الله بتاريخ 10-1-1423ه بدمج الرئاسة العامة لتعليم البنات بوزارة المعارف (وزارة التربية والتعليم حالياً) لضمان المساواة الكاملة والواقعية لتعليم البنات بتعليم البنين مع وجود نائبين للوزير، واحد لتعليم البنات والآخر لتعليم البنين، وميزانيتين مستقلتين لكل من تعليم البنين وتعليم البنات. إن علاقة خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز رحمه الله بالتعليم علاقة وطيدة فهو الذي وضع أساسياته وحدد اتجاهاته، واهتمامات خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز رحمه الله بالتعليم تجاوزت المساحة المرسومة للتعليم، يتضح ذلك جلياً من خلال التوقف عند أهم الاتجاهات التربوية التي تبناها وعمل على إقرارها وتنفيذها ومنها: التركيز على العقيدة الإسلامية التي يوليها كل اهتمامه ويجعل التمسك بها واجباً وسبباً لكل خير، ولذا نجده يقول في أحد لقاءاته بأبنائه الطلاب: (أهم شيء أود أقوله لأبنائنا الطلبة هو الالتزام بالعقيدة الإسلامية معنى وروحاً وبمفهومها الحقيقي). ونظرته إلى التربية وأنها الاستثمار الحقيقي الذي تنهض به الأمم وتعتلي به أعلى مراتب النهضة لأنها استثمار للعقول البشرية فهو يقول - رحمه الله -: (إن صناعة الإنسان هي الأساس فالمال يذهب والرجال وحدهم هم الذين يصنعون المال) ويؤكد على هذا المبدأ رغم صعوبته بقوله: (لو أرادت الدولة أن تصرف مبالغ بالملايين لا يمكن أن توجد الطاقات العلمية بسهولة). وكذلك اهتمامه بإيجاد المواطن الصالح وأن الوطن لا ينهض إلا بسواعد أبنائه المخلصين لعقيدتهم والمتفانين في أداء واجبهم تجاه وطنهم فهو يقول: (ليس المهم فقط بناء المباني وخلافها لكن الأهم من ذلك إيجاد المواطن السعودي الصالح). ثم نظرته إلى التربية وضرورة ربطها بالتأهيل وذلك من أجل إعداد المواطن السعودي للمشاركة في خطط التنمية، ويؤكد رحمه الله على أن (مفهوم التربية ليس قاصراً على تعليم الفرد دون أخذ متطلبات التنمية بعين الاعتبار). هذه لمحة وإطلالة سريعة على الآفاق الرحبة والرؤية الصحيحة والفكر التربوي السليم الذي كان يحمله خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز رحمه الله ثم ترجمته إلى واقع علمي أصبحنا نجني ثماره فيما نشاهده من تطور كبير في مختلف المجالات العلمية والثقافية في بلادنا المباركة وقد تم مراجعة جميع الخطط اللازمة للتعليم منذ تولي خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز رحمه الله مقاليد وزارة المعارف، ويؤكد ذلك كلمته التي جاء فيها: (إني قائم بدراسة الخطط والترتيبات التي ترتفع بوزارة معارفنا إلى مصاف زميلاتها في العالم العربي من حيث النهوض الشامل بالتعليم تعميقاً وسمواً). وقد حقق ذلك خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز رحمه الله بتنفيذ ما اشتملت عليه هذه الخطط وذلك بالتوسع في إنشاء مدارس التعليم الابتدائي والمتوسط والثانوي، والمباشرة في وضع الأساس لأول جامعة في شبه الجزيرة العربية وهي جامعة الملك سعود، واعتماد الأساليب الحديثة في التدريب والتأهيل والأنشطة الشبابية، وإنشاء المعاهد المتخصصة لإعداد جيل سعودي مؤهل ومتعلم. أقوال الفهد - رحمه الله - عن تعليم الفتاة السعودية منذ كان وزيراً للمعارف نبدأ بقول الفهد رحمه الله: (الفتاة السعودية لها حقها وواجبها مثل أخيها الطالب السعودي، وأي شيء يرفع مستواها إلى المستوى اللائق الذي سوف تستفيد منه البلاد، لا شك أنه محبب للنفس، ولا أعتقد أن هناك موانع من أن تتعمق في الدراسة المفيدة البناءة التي تتفق مع عقيدتنا الإسلامية، وتفيد وطنها بمجهودها، ولذلك ما هناك ولا اعتقد أن هناك أي موانع أبداً في أن تصل الفتاة السعودية إلى ما تصبو إليه في حدود العقيدة الإسلامية، وما تبيحه العقيدة الإسلامية للمرأة السعودية). ومن أقوال الفهد رحمه الله عن تعليم الفتاة السعودية قوله: (قد يكون المقصود بالتخصص أن الفتاة لا تعرف في أي مجال تتخصص أو ما هو الأصلح لها، فنحن دولة إسلامية ونتقيد بالشريعة الإسلامية فلذلك هناك دراسات لا تصلح للفتاة السعودية فمثلاً هناك الهندسة الزراعية، من الصعوبة بمكان أن تمارس الفتاة مثل هذا العمل في الزراعة أو في الطرق أو في غيرهما، ونحن لا نقارن أنفسنا بالدول الأخرى التي أباحت مثل هذه الأمور، ولا أعتقد أن الفتاة السعودية تريد لنفسها كما حصل في بلدان أخرى، لكن يمكن توجيهها التوجيه السليم والصحيح في أن تتطور في دراستها إلى أن تبلغ المراحل العليا من الدراسة، على أن تتفق هذه الدراسة وروح العقيدة الإسلامية، وتعطي الفتاة السعودية مجالاً أكبر لكي تساهم في بناء وطنها). ومن أقوال الفهد رحمه الله: (لا شك أن المدرس (المعلم) هو أساس يعتمد عليه بعد الله، وأي شيء يهيئ المدرس (المعلم) الصالح أو المُدرسة (المعلمة) الصالحة، أعتقد أنه بالإمكان إيجاد أي حوافز تؤدي إلى الانضمام إلى كليات التربية أو غيرها لإيجاد المدرس أو المُدرسة الصالحة له فوائده في المستقبل، وأي أمر يدفع نخبة من المواطنين إلى الالتحاق بهذه الكليات سوف يكون محل اهتمام). ومن أقوال الفهد رحمه الله: (دور المرأة السعودية في نظري كبير جداً، ويجب أن يكون دوراً فعالاً وبناءً، ولكن في حدود شريعتنا الإسلامية، نحن في هذا البلد أنعم الله علينا وجعلنا في خدمة الحرمين الشريفين، وفي منطلق الوحي والقاعدة الرئيسية العقيدة الإسلامية، وما أباحته العقيدة الإسلامية للمرأة أن تعمل فيه سوف يكون هو الأساس والقاعدة التي تنطلق منها المرأة السعودية للعمل على أساس أن يتفق هذا مع شريعتنا الإسلامية ولا يخرج عن نطاق الشريعة الإسلامية والأعمال الكثيرة التي تجيزها العقيدة الإسلامية لعمل المرأة، وأظن إذا وصلت إلى هذا المستوى وحددت الأمور بما أباحته الشريعة الإسلامية للمرأة لا المرأة ولا ولي أمرها إلا سوف يكون في وضع مريح). ومن أقوال الفهد رحمه الله: (ونستطيع أن نقول ونفتخر بأن مستوانا العلمي والفكري - ولله الحمد - لا يقل تماماً بأي حال من الأحوال عن مستوى الدول المجاورة لنا في آسيا أو إفريقيا التي سبقتنا بعشرات السنين في الناحية العلمية، نحن لا ندعي التفوق، ولكنني أؤكد أن هذا البلد يعتمد بعد الله على عقيدته الإسلامية. ومن اعتمد على عقيدته الإسلامية الصحيحة لا يمكن بأي حال من الأحوال إلا أن يكون نصيبه كبيراً جداً من الرقي والاندفاع لما فيه خير مواطنيه في جميع المجالات). ومن أقوال الفهد رحمه الله: (إن من الأشياء التي أعتز بها انتسابي لأسرة التعليم، وإذا كنت قد أديت واجباً من الواجبات فيما يتعلق بالنهضة التعليمية في المملكة العربية السعودية، فلا أدعي أنني أنا - فحسب - الذي أديت هذا الواجب الذي وصلنا إلى مركز مشرف جداً بالنسبة للمملكة العربية السعودية، لكن هناك مشاركون لي في هذا العمل أدوا الأمانة، منهم من تغمدهم الله برحمته، ومنهم من يعملون الآن في مختلف القطاعات سواء كانوا في وزارة المعارف أو في أماكن أخرى). ومن أقوال الفهد رحمه الله: (إن السبب فيما تشهده المملكة من تقدم وازدهار في جميع المرافق يرجع إلى اعتمادها في جميع أمورها على ما تستمده من العقيدة الإسلامية، والتوجه إلى رب العزة والجلال بأن ينعم على هذه البلاد دائماً بأن تكون في طليعة الدول الإسلامية التي تستطيع أن تؤدي دورها الإسلامي، وفي نفس الوقت يستطيع المواطن أن يجد في وطنه الذي كان في يوم من الأيام قاحلاً، بلداً صناعياً وزراعياً وتعليمياً). مدخلات تعليم الفتاة في عهد الفهد نما تعليم البنات في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك فهد رحمه الله نمواً عظيماً فخلال الأربع والعشرين عاماً الماضية ابتداء من عام 1402ه وهو العام الذي تولى فيه خادم الحرمين الشريفين مقاليد الحكم في البلاد - وحتى نهاية العام الدراسي عام 1424- 1425ه حدثت قفزات مذهلة في قطاع التعليم بصفة عامة، وتعليم البنات بصفة خاصة، هذه القفزات أذهلت المتابعين، حيث قدمت نموذجاً فريداً للتعليم الملتزم وفقاً لمبادئ شريعتنا الإسلامية السمحة، وفي إطار عاداتنا وتقاليدنا الإسلامية والعربية الأصيلة. كل ذلك بفضل الله سبحانه وتعالى ثم بفضل ما لقيه التعليم في المملكة عموماً، وتعليم البنات على وجه الخصوص من دعم متواصل من لدن خادم الحرمين الشريفين. رائد التعليم الأول. ورعاية كريمة دفعت إلى مضاعفة الإنجازات في جوانبها الكمية والنوعية. المناهج والمقررات والكتب الدراسية للبنات خلال الأربع والعشرين عاماً الماضية ابتداء من تولي خادم الحرمين الشريفين الملك فهد - رحمه الله - مقاليد الحكم في البلاد عام 1402ه حتى نهاية العام الدراسي 1424-1425ه حدث تطور كبير في المناهج، ونقلة نوعية جيدة تحت إشراف عدد كبير من رجال التربية والفكر في بلادنا الغالية، شمل هذا التطور جميع مناهج التعليم العام لتكون ملائمة لطبيعة الفتاة، وأكثر تمشياً مع التطورات العلمية والتربوية الحديثة، بما لا يتعارض مع تعاليم الدين الإسلامي الحنيف. كما تم إدخال التقنية الحديثة ضمن المناهج، حيث تم إقرار تدريس مادة الحاسب الآلي ضمن مقررات المرحلة الثانوية لتصبح مادة مستقلة تدرس في هذه المرحلة. وقد خضع مشروع تطوير المقررات الدراسية للبنات للأهداف التالية: تطوير المقررات الدراسية بما يتماشى مع المستجدات الحديثة في المجالات العلمية والتربوية والنهضة الكبرى التي تعيشها المملكة العربية السعودية وطموحات التنمية وفق أهداف وسياسة التعليم من أجل إحداث نقلة نوعية في التعليم، وإعطاء المقررات الدراسية مزيداً من العناية بخصوصية المرأة وتهيئتها لتكون ربة منزل ناجحة وزوجة مثالية وأُماً صالحة، ثم معالجة عيوب المقررات الدراسية كالحشو في بعض الكتب، وعدم ملاءمة بعض المعلومات لقدرات الطالبات وعدم ترابطها، وربط المقررات الدراسية بالحياة العملية، وتحديث المعلومات التي اشتملت عليها المقررات الدراسية، وأخيراً تحسين مستوى عرض المادة بالاستعانة بالوسائل التوضيحية الفعالة. المباني المدرسية لمدارس البنات ولأن ما يشيد من هذه المباني لا يغطي حاجة انتشار التعليم بمختلف مراحله الدراسية في أرجاء المملكة المترامية الأطراف، فقد لجأ تعليم البنات لحل هذه المعضلة عن طريق بناء المدارس المناسبة لكل مرحلة دراسية أو استئجار مبانٍ لاستخدامها مدارس وفق شروط وضوابط محددة. وخلال الأربع والعشرين عاماً الماضية ابتداء من عام 1402ه وحتى نهاية العام الدراسي 1424- 1425ه حدثت قفزات هائلة في تشييد المباني المدرسية، سايرت القفزات الهائلة في نمو التعليم بمختلف مراحله الدراسية، إلا أن هذه القفزات في تشييد المباني لم تكن بحجم القفزات في توسيع التعليم مما أبقى الفجوة قائمة بين عدد من المؤسسات التعليمية القائمة وبين المباني المدرسية الحكومية. وخلال هذه الفترة شيد تعليم البنات (2416) مبنى مدرسياً، حيث كان عدد المباني الحكومية المدرسية القائمة للبنات في عام 1402ه (169) مبنى مدرسياً إضافة إلى المباني المدرسية المستأجرة التي بلغت (6278) مبنى مستأجراً. الصحة المدرسية للبنات لقد شهدت الصحة المدرسية في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك فهد - رحمه الله - قفزات سريعة ومتزنة، فمع مسيرة النهضة التعليمية المباركة في هذه البلاد، أولت الدولة اهتمامها بكل ما تتطلبه العملية من رعاية صحية، وتجسيداً لهذا الاهتمام قامت بإنشاء الخدمات الصحية المدرسية لتضطلع بدورها في تقديم الرعاية الصحية لمنسوبي التعليم في مراحله المختلفة من بنين وبنات. ففي تعليم البنات كانت بداية تقديم خدمة الصحة المدرسية في عام 1384ه، حيث تم افتتاح أول وحدة صحية للبنات بمدينة الرياض، ثم توالت الوحدات الصحية المدرسية، بعد ذلك، حتى بلغ عددها في نهاية العام الدراسي 1424-1425ه (66) وحدة صحية مدرسية موزعة على مناطق ومحافظات المملكة. وتعد هذه الوحدات الصحية المدرسية إحدى العلامات المميزة لتعليم البنات لما تتسم به من خصوصية تتواءم وخصوصية الفئة التي تخدمها من منسوبات تعليم البنات (طالبات وموظفات).. وتشمل هذه الرعاية الخدمات الوقائية والعلاجية والتطويرية بجانب الخدمات المطلوبة لفئات من اللائي يعانين من بعض الإعاقات السمعية أو البصرية أو الحركية أو الفكرية. رياض الأطفال بنين وبنات هي مؤسسات تربوية اجتماعية تقوم على رعاية الأطفال في السنوات الثلاث التي تسبق دخولهم المرحلة الابتدائية، وتهتم بنواحي نموهم المختلفة من لغوية، وبدنية، واجتماعية، ونفسية، وإدراكية وانفعالية، وغيرها وهي تهدف إلى توفير أفضل الظروف التي تمكن من النمو السليم المتزن في هذه النواحي، وذلك بتقديم برنامج يشمل اللعب والتسلية والترويح. وعند إنشاء تعليم البنات في عام 1380ه كانت هناك بعض المدارس الأهلية التي تضم ضمن مراحلها مرحلة رياض الأطفال، حيث كان عدد الأطفال في هذه المدارس في عام 1380ه- 1381ه (8300) طفل. أما في قطاع تعليم البنات فلم تفتح هذه المرحلة إلا في عام 1395-1396ه بافتتاح روضة واحدة في مكةالمكرمة، بها عشرة فصول تضم (200) طفل، قام على رعايتهم وتعليمهم (16) معلمة وإدارية واحدة، وقد وصل عدد رياض الأطفال في العام الدراسي 1425ه (1396) روضة تضم (96.073) طفل وطفلة، وقد صدر أمر الفهد السامي الكريم رقم 7/ب/5388 وتاريخ 3-3- 1423ه باعتبار رياض الأطفال مرحلة مستقلة، وتعمل الوزارة حالياً على وضع هذا الأمر موضع التنفيذ. المرحلة الابتدائية للبنات التعليم الابتدائي هو القاعدة التي يبنى عليها إعداد الناشئين للمراحل التالية من حياتهم، وهي مرحلة من تزودهم بالأساسيات من العقيدة الصحيحة، والاتجاهات القويمة والخبرات والمعلومات والمهارات اللازمة لهم في حاضرهم ومستقبلهم. وتمثل هذه المرحلة نافذة السلم التعليمي وأساسه، والبداية الحقيقية لعملية التنمية الشاملة لمدارك الأطفال وتزويدهم بكل ما من شأنه تحقيق النمو الشامل المتزن لشخصيتهم، روحياً واجتماعياً وعقلياً ووجدانياً وجسمياً. ففي عام 1402ه (العام الذي تولى فيه الفهد - رحمه الله - مقاليد الحكم) كان عدد المدارس الابتدائية (2194) مدرسة يدرس بها (396.312) طالبة فأصبح عدد المدارس عام 1425ه (6555) مدرسة يدرس بها 1.143.661 طالبة. المرحلة المتوسطة للبنات المرحلة المتوسطة هي المرحلة الثانية من مراحل التعليم العام، وهي مرحلة ثقافية عامة غايتها تربية النشء تربية إسلامية شاملة لعقيدته وعقله وجسمه وخلقه يراعي فيها نموه وخصائص التطور الذي يمر به، وهي تشارك غيرها في تحقيق الأهداف العامة من التعليم. والمدارس المتوسطة التي هي امتداد للمرحلة الابتدائية فقد بدأ افتتاحها في عام 1383- 1384ه، حيث افتتحت (خمس) مدارس متوسطة, كانت تضم (13) فصلاً دراسياً، ويدرس بها (235) طالبة، فأصبح عدد المدارس عام 1424ه (3194) مدرسة، بها (504.033) طالبة. المرحلة الثانوية للبنات وهي المرحلة الثالثة من مراحل التعليم العام، وفيها يتم تزويد الطالبة بالمعلومات، والمعارف والمفاهيم الأساسية، والخبرات والمهارات اللازمة، التي تتوافق مع خصائص نموها الذهني والفسيولوجي، بما يمكنها من أداء دورها في الحياة الاجتماعية، ويساعدها على مواصلة دراستها العليا. ومدة الدراسة في هذه المرحلة ثلاث سنوات تنقسم بدءاً من الصف الثاني إلى قسمين (علمي وأدبي). وقد بدأ تعليم البنات بافتتاح مدارس لهذه المرحلة اعتباراً من العام الدراسي 1383- 1384ه، حيث افتتحت (ثلاث) مدارس تضم (5) فصول، بها (42) طالبة فأصبح عدد المدارس عام 1424ه (1974) مدرسة فيها (426.309) طالبات. تحفيظ القرآن الكريم للبنات بعد تأسيس تعليم البنات، وحرصاً على قراءة القرآن الكريم وحفظه وتجويده وتفسيره واتباعاً لما أمر الله سبحانه وتعالى به من حث على تلاوة القرآن الكريم وتدبر معانيه، وبعد انتشار مدارس التعليم العام للبنات في مراحلها المختلفة، افتتح تعليم البنات مدارس تحفيظ القرآن الكريم للبنات وصارت هذه المدارس توازي السلم التعليمي لمراحل التعليم العام كما يلي: 1- مدارس تحفيظ القرآن الكريم الابتدائية، ومدة الدراسة بها ست سنوات دراسية تدخلها الطالبة بعد أن تكمل السادسة من العمر. 2- مدارس تحفيظ القرآن الكريم المتوسطة، ومدة الدراسة بها ثلاث سنوات دراسية تدخلها الطالبة بعد أن تحصل على شهادة المرحلة الابتدائية بمدارس تحفيظ القرآن الكريم. 3- مدارس تحفيظ القرآن الكريم الثانوية، ومدة الدراسة بها ثلاث سنوات دراسية تدخلها الطالبة بعد أن تحصل على شهادة المرحلة المتوسطة بمدارس تحفيظ القرآن الكريم. مدارس تحفيظ القرآن الابتدائية ففي العام الدراسي 1399-1400ه قام تعليم البنات بافتتاح أربع مدارس ابتدائية لتحفيظ القرآن الكريم بمعدل مدرسة واحدة في كل من الرياض، وبريدة، ومكةالمكرمة، والمدينة المنورة ثم توالى افتتاح هذا النوع من المدارس عاماً بعد عام حتى أصبح عدد المدارس الابتدائية عام 1425ه 437 مدرسة يدرس فيها 6028 طالبة، وعدد المدارس المتوسطة 181 مدرسة يدرس فيها 16.263 طالبة، وعدد المدارس الثانوية 113 مدرسة يدرس فيها 7997 طالبة. تعليم الكبيرات ومحو الأمية للمرأة أولى تعليم البنات تعليم الكبيرات ومحو الأمية اهتماماً خاصاً مع بداية العام الدراسي 1392-1393ه، حيث افتتح تعليم البنات (5) مدارس مشتملة على (47) فصلاً، التحقت بها (1400) دارسة. وقد شهد تعليم الكبيرات ومحو الأمية قفزات هائلة خلال السنوات المتتالية، فقد كان عدد المدارس عام 1402ه 1294 مدرسة وعدد الطالبات 54.366 طالبة، فأصبح عام 1425ه 73299 طالبة وعدد المدارس 2361 مدرسة. ويؤخذ بعين الاعتبار التحولات الحاصلة في عدد الأميات ومراكز تركزهن، والمراحل التي يترقين فيها في تعليمهن، هذه الاعتبارات هي مرتكز التطور الهائل في معالجة مشكلة الأمية بين النساء هو الذي أهل المملكة العربية السعودية في عهد الفهد - رحمه الله - للحصول على جائزة (نوما) التقديرية لتعليم المرأة من منظمة الأممالمتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو) لعام 1419-1998م. كما حظيت جهود المملكة العربية السعودية في عهد خادم الحرمين الشريفين بتقدير عربي حيث منحت المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم جائزة (محو الأمية الحضاري) لعام 1998م لتعليم البنات تقديراً وإشادة بالبرامج التي تقدمها في هذا المجال، والتي أدت إلى انخفاض نسبة الأمية بين النساء حتى وصلت بنهاية العام الدراسي 1424-1425ه إلى 22.85% ولله الحمد. كليات البنات لم تمض سنوات قليلة على إنشاء أول مدرسة حكومية للبنات حتى ظهرت الحاجة إلى إعداد معلمات للمرحلة المتوسطة والثانوية فقام تعليم البنات عام 1390ه بإنشاء أول كلية تربية جامعية للبنات بالرياض حتى أصبح عدد كليات البنات التابعة لقطاع تعليم البنات بوزارة التربية والتعليم (102) كلية منها (87) كلية جامعية و(15) كلية مجتمع وبلغ عدد خريجات كليات البنات منذ إنشائها (888) طالبة دكتوراه، و(1407) طالبة ماجستير، و (196.767 ) طالبة بكالوريوس وبلغ عدد طالبات المرحلة الجامعية في جميع كليات البنات للعام الجامعي 1425ه( 223.769) طالبة منتظمة و (40.140) طالبة منتسبة. رحم الله الفهد على ما قدم للتعليم ولتعليم البنات بصفة خاصة. *وكيل وزارة التربية والتعليم للتخطيط والتطوير