توالى ارتفاع أسعار النفط من مستوى قياسي لآخر حتى أن التوقعات ببلوغها مائة دولار للبرميل لم تعد أمرا مستغربا. وبعد أن بلغت الأسعار مستوى قياسيا عند 68 دولارا للبرميل تزايد ميل المحللين لقبول أن السوق العالمية التي تعاني من ضغوط في الإمدادات ستشهد (قفزة كبيرة). وقال جيف باين مستشار الطاقة في ستاندارد بنك: (ليس هناك قيود على الأسعار في الأجل القصير. المضاربون يدفعون سعر النفط لأعلى وليس هناك ما يمنعه من الارتفاع). وأضاف: (العرض والطلب سيكونان عاملين مهمين في الأجل الطويل، لكن السوق لا توليهما اهتماما في الوقت الراهن). والسوق معرضة للخطر بسبب أي اضطرابات في الإمدادات أيا كان حجمها في الوقت الذي تنتج فيه منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) بكامل طاقاتها تقريبا. وقال كيفين نوريش من باركليز كابيتال: (ليس هناك سوى قدر محدود من الطاقة غير المستغلة لحماية السوق... إذا شهدنا تراجعا كبيرا في الإنتاج في العالم قد يحدث ذلك). وتقول شركات المراهنات المالية إنه فور اختراق السعر لمستوى 70 دولارا للبرميل فإنها ستفتح دفاترها للمراهنات على سعر مائة دولار. ويبدو أن المراهنات على وشك أن تبدأ نظرا لقوة دفع السعر التي رفعته إلى مثليه. وقال وكيل مراهنات في لندن: (لم نحدد سعرا بعد لكننا بالتأكيد سنفكر في الأمر عندما يتجاوز السعر 70 دولاراً). وعندما طرح بنك جولدمان ساكس الاستثماري فكرة (القفزة الكبيرة) لأول مرة في مارس اذار حظيت بتأييد محدود وكان سعر الخام الأمريكي يبلغ 54 دولارا للبرميل لكن تزايدت احتمالات ارتفاع السعر إلى مستوى يصل إلى 105 دولارات. وقال جيم روجرز خبير السلع الأولية والشريك السابق للملياردير جورج سوروس لرويترز الأسبوع الماضي: (لا أعلم بشأن الربع المقبل من العام أو حتى العام المقبل... لكن السعر سيرتفع عن مائة دولار وليس لدي أي فكرة كم من الوقت سيستغرق ذلك). وفي حين يجاهد العالم لضخ وتكرير كميات كافية من الخام لتلبية الطلب المتزايد في الولاياتالمتحدة وآسيا قد يصل السعر إلى 70 دولارا في غضون بضعة أيام. وقالت ديبورا وايت كبيرة الاقتصاديين في اس. جي كومودتيز: (لا أعتقد أن من الجنون الاعتقاد بأن السعر قد يرتفع إلى 75 دولاراً). وأضافت: (أغلبنا أذعن لحقيقة أننا قد نشهد أسعارا تعادل أعلى سعر من حيث القيمة الحقيقية). وقد لا يكون هذا اليوم بعيدا إذ أصبحت الأسعار قريبة من سعر 82 دولارا للبرميل بعد حساب فروق التضخم في عام 1980 العام الذي أعقب الثورة الإيرانية. وكان سعر البنزين الأمريكي يبلغ نحو ثلاثة دولارات للجالون في ذلك الوقت مقارنة مع نحو 2.60 دولار حاليا. وقال جولدمان ساكس في وقت سابق إن أسعار البنزين الأمريكي ربما تحتاج لتجاوز أربعة دولارات للجالون وهو ما يعني ضمنا وصول سعر الخام إلى 135 دولارا للبرميل قبل أن يبدأ الطلب في التراجع. ويتفق محللون آخرون مع هذا الرأي. وقال باين: (سائقو السيارات سيتضررون من أسعار البنزين لكن الأمر سيستغرق بضعة أسابيع أو بضعة أشهر قبل أن نشهد تأثيرا ملموسا على الطلب). وأضاف (لم تؤثر أسعار النفط الخام المرتفعة حتى الآن على النمو الاقتصادي بالخفض بدرجة كبيرة وبدأت فقط في التأثير على الطلب على النفط بشكل هامشي). لكن آخرين يقولون إن أسعار النفط المرتفعة بدأت في الحد من الاستهلاك تاركة نطاقا محدودا لاستمرار الأسعار على مستوى أعلى من 70 دولارا للبرميل. وأكدت بيانات أشارت لارتفاع التضخم الأمريكي وتحذيرات من سلسلة متاجر وول مارت بشأن الأرباح الأسبوع الماضي مخاوف السوق من أن أسعار النفط المرتفعة بدأت تؤثر على الاقتصاد. وقالت جوليان لي من مركز دراسات الطاقة العالمي: (ليس هناك أي تحليل أعددناه عن أساسيات السوق يدعم وصول السعر إلى مائة دولار وبالتأكيد ليس لفترة طويلة). وأضافت: (الأسعار المرتفعة تؤثر بوضوح على نمو الطلب ونتوقع أن يتراجع بدرجة أكبر العام المقبل). وأظهر استطلاع أجرته رويترز لآراء محللين نفطيين هذا الأسبوع أن متوسط الآراء يشير إلى توقع ارتفاع متوسط سعر النفط في عام 2006 متجاوزا 50 دولارا للبرميل لأول مرة. وأظهر الاستطلاع الذي شمل 28 محللا أنهم يتوقعون أن يبلغ متوسط سعر النفط 50.49 دولارا للبرميل في عام 2006 في حين قدر جولدمان ساكس أنه سيبلغ 68 دولارا.