الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين وعلى آله وصحبه أجمعين، ومن تبعهم إلى يوم الدين .. أما بعد فإنني إذ أبث - من خلال هذه الصحيفة المباركة - إلى مقام خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز وولي عهده الأمين.. تعازينا في المغفور له- بإذن الله تعالى- الملك فهد بن عبدالعزيز رحمه الله رحمة واسعة، وأسكنه فسيح جناته، وإننا مؤمنون بالقضاء والقدر، فلله ما أخذ، وله ما أبقى وكل شيء عنده بمقدار. وإن القلب ليحزن وإن العين لتدمع وإننا لفراقك يا أبا فيصل لمحزونون، ولا نقول إلا ما يرضي ربنا، فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. وإنه من باب قوله تعالى: { وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ} (11) سورة الضحى. فمن نعمة الله تعالى على هذه البلاد الاستقرار والأمن واتباع الشريعة، فالبلاد لم يحصل فيها شيء مما يخل بأمنها واستقرارها عند إعلان وفاة فقيدنا رحمه الله فتمت مبايعة خادم الحرمين الشريفين وولي عهده بكل سلاسة وهدوء واستقرار، وهذه نعمة تستحق التأمل والعرفان والشكر لله رب العالمين.. فلله الحمد من قبل ومن بعد، فلم يحصل فيها ما يزلزل طمأنينتها، ولم يحصل فيها ما يكون فيه خوف على أهلها، كما نحمد الله على ما منَّ به على بلادنا من نعمة الأمن والأمان والاستقرار، وعلى توفيقه على اتباع ولاة أمرنا لسنة الحبيب -صلى الله عليه وسلم-، فتشييع جنازة خادم الحرمين - رحمه الله- كان على الوجه المشروع فلم يكن هناك بدع ولا تكلف، ولا مراسيم مبتدعة، ولا موسيقى حزينة، ولا غيرها من التقاليد التي ابتدعها الآخرون. والشكر موصول لولاة الأمر - حفظهم الله- يقول صلى الله عليه وسلم: (من لم يشكر الناس لم يشكر الله) فجزاهم الله عنَّا كل خير. وإنني إذ أعلن مبايعة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز وولي عهده الأمين سلطان بن عبدالعزيز على السمع والطاعة في منشطنا ومكرهنا في طاعة الله ورسوله، وعلى النصح لهما كما شرع ربنا وسنه لنا رسولنا صلى الله عليه وسلم، وألا ننازع الأمر أهله، كما جاء في كتاب ربنا وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم لأدعو الجميع لمبايعة خادم الحرمين الشريفين وولي عهده - حفظهما الله والدعاء لهما، فمن مات وليس في رقبته بيعة مات ميتة جاهلية، يقول ابن باز رحمه الله (من مقتضى البيعة النصح لولي الأمر، ومن النصح: الدعاء له بالتوفيق والهداية وصلاح النية والعمل وصلاح البطانة، فالواجب على الرعية وعلى أعيان الرعية التعاون مع ولي الأمر في الإصلاح وإماتة الشر والقضاء عليه، وإقامة الخير بالكلام الطيب والأسلوب الحسن) فنسأل الله لهما التوفيق والهداية والسداد والرشاد، وأن يرزقهما البطانة الصالحة، ويبعد عنهما بطانة السوء، وأن ينصر بهما الإسلام وينصر الإسلام بهما. وأزف البشرى لمقام خادم الحرمين الملك عبدالله وولي عهده الأمين وللأسرة المباركة ولأولاد فقيدنا الغالي - رحمه الله - قول الحبيب صلى الله عليه وسلم (إن الله إذا أحب امرأً نادى جبريل فيقول إنني أحب فلاناً، فيحبه جبريل وينادي في السماء أن الله يحب فلاناً فيحبه أهل السماء، ثم يوضع له القبول في الأرض) فأبشركم بمحبة الناس لأسرتكم المباركة ولا أدل على ذلك من تلكم الدعوات التي يلهجون بها لفقيدنا الغالي الملك فهد، ولولاة الأمر بالتوفيق والسداد والإعانة. وقال صلى الله عليه وسلم (خير الأمراء أمير تحبونه ويحبكم، وتصلون عليه - أي تدعون له - ويصلي عليكم) وإذا كان عموم المواطنين صلوا على فقيد الإسلام والمسلمين سواء من حضر لجامع الإمام تركي رحمه الله، أو من صلوا عليه صلاة الغائب، فإن الألسن تلهج ليل نهار في السجود وفي الأسحار، له بالمغفرة والرحمة وأن يحشره في زمرة الأنبياء والصديقين والشهداء والصالحين. وهنيئاً له بقول الحبيب صلى الله عليه وسلم (إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له) فهنيئاً لفقيدنا بهذه كلها، فالأمة الإسلامية - رجالاً ونساء - أولاده ويدعون الله تعالى له. فلله الحمد من قبل ومن بعد، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم. عبدالعزيز بن علي بن عبدالله العسكر إمام وخطيب جامع العذار بالخرج