تعتبر بريدة - عاصمة القصيم - من كبريات مدن المملكة وتشهد تطورا كبيرا يسير بخطى واسعة وثابة في مختلف النواحي والمجالات الزراعية والصناعية والتجارية والعمرانية، والزراعة تعتبر في مقدمة مجالات التطور لكونها بلداً زراعيا منذ قديم الزمان لخصوبة الأرض وتوفر المياه الجوفية ولذا أطلق عليها (سلة غذاء المملكة).. وزاد من أهمية البلد كونها تقع على مفترق طرق وحلقة وصل بين أطراف المملكة المترامية بين الشمال والجنوب وبين الشرق والغرب، كما اشتهر أهلها بالشهامة والرجولة والكرم المعنوي والحسي والمواقف المشرفة والنبيلة. وقد تحدث لي من زار بريدة عن وجود ظاهرة مشرفة ورائعة وهي وجود سطول وكراتين تعبأ بالتمر وتوضع بجانب عدد كبير من برادات المياه المنتشرة بجوار المساجد والميادين العامة وأماكن تجمع الناس ليتناول المارة من التمر ويتبعوه بشرب الماء، فقلت في نفسي هل هذا دلالة على كرم أهالي بريدة، أو لكون المدينة زراعية ولا تعارض بين هذا وذاك، فكرم الأرض تحالف مع كرم ساكنيها فكانوا كرماء في بلد كريم، وأجدها مناسبة لأسوق قصة تتلاءم مع هذا الطرح حيث (يروى) عن مزارع من أهالي بريدة تجمع لديه في إحدى السنوات محصول تمور كثيرة وطلب من ابنه أن يتولى بيع التمور فلاحظ الابن أن البلد وقتذاك تعيش سنة جوع والناس في حاجة شديدة، فعمد الابن إلى توزيع التمر على المحتاجين حتى لم يبق من المحصول شيء، فاستفسر منه والده قائلاً يا ولدي هل بعت التمر؟ فقال الولد نعم يا والدي. فقال الوالد: عسى البيع مربحاً؟ فأجاب الولد نعم بعناه بعشرة أمثال قيمته.. قال الوالد - ما شاء الله - على من بعته؟ قال الولد بعته على الله، قال الوالد: ربح البيع ربح البيع والحمد لله وأثنى الوالد على ولده. هذا التصرف الطيب والصنيع المحمود وهكذا المواقف النبيلة من كرم وشهامة وغير ذلك من الصفات الفاضلة يتوارثا الأبناء عن الآباء والأجداد في هذا البلد المعطاء. فتحية لأهل بريدة أهل النبل والكرم.