تابعت الموضوعات التي تخص طلبات المواطنين في بريدة، وتذكرت تلك المقالات التي تتحدث عن جدارة بلدية بريدة، والتي سبق أن نشرتها جريدتي الجزيرة، ورغم كثرة ما يكتب عن بلدية بريدة إلا أن كل ما سبق لم يتطرق لمشكلة (لوحات المحلات التجارية) من منظور شعبي وحل طموح، ولأن الموضوع يخص جدارة بلدية بريدة فإنني احب أن أشارك برأيي. شرعت بلدية بريدة بالتعهد لإحدى الشركات لتتولى استخلاص رسوم لوحات المحلات التجارية الخاصة بواجهة تلك المحلات، والقصة هي أن مراقبي البلدية سابقا كانوا يقدرون اللوحات بالمتر عبر التخمين والحدس، ولعل الممارسة الطويلة جعلتهم متمرسين لدرجة شبه الدقة في تقدير مساحات اللوحات، ثم حساب ذلك، والمعروف ان اللوحات الإعلانية الخاصة بالمحلات لها رسوم (المتر) بمبلغ موحد لجميع المدن ولجميع النشاطات دون تفريق، فمثلا إذا كانت مساحة اللوحة عشرة أمتار (5?2) فإن المساحة تضرب بقيمة المتر لمدة محددة، وقبل عام تقريبا استعانت بلدية بريدة بالآلات الحديثة التي تستطيع قياس المساحات من بعد بشكل دقيقة، حيث تعاقدت مع شركة أو مؤسسة لتقوم بالتجول داخل المدينة وفرض الرسوم واستخلاصها بعد القياس عن طريق هذه الآلات ومن مسافات بعيدة، أي بمجرد أن يقف المحصل أمام اللوحة على الشارع موجها آلته ستقوم الآلة بقياس المساحات بظرف ثوان، ونص الاتفاق على أن تتقاضى الشركة مبلغا سنويا مقابل هذا العمل، وسخرت الشركة الاجهزة المتطورة لقياس حجم ومساحات اللوحات، بحيث تقوم بتمتير اللوحات والتدقيق في قيمتها، وبعد حملة البلدية على احجام اللوحات قام الناس هناك بتصغير لوحات المحلات، والدفع بدقة لبلدية بريدة، حتى وصل الحال ببعضهم أن لوحته لا تتعدى مترا في متر. ولي وقفة مع هذا الإجراء المزعج من قبل بلدية بريدة، حيث ان كثيرين قد تضرروا من هذه الخطة التي يراد منها أن تهاجر إلى بقية المدن في حال نجاحها. المتضرر الأول هم ملاك محلات بيع اللوحات، الذين كسد سوقهم، اطالب مسؤولي البلدية بزيادة محلات تصنيع اللوحات والسؤال عن إيراداتها، ومقارنة الحال السابقة والحاضرة. وهذه الخطوة تضرر منها الكثير، ومنهم بلدية بريدة نفسها دون أن تدرك ذلك، وبالتالي خزينة الدولة، ولذا أطالب الاقتصاديين والمسؤولين أن يعيدوا النظر في قرار بلدية بريدة، وأن يحذروا من نقل التجربة للمدن والمحافظات التالية، حيث ان المتعهد بالتمتير سيتقاضى مبلغا على كل خطوة يقوم بها. وكأنك (يا بوزيد ما غزيت)، ويتأكد هذا بعد مراجعة معدلات فواتير شركة الكهرباء، ومعروف أن للدولة حصة الاسد في شركة الكهرباء والمتضرر الثالث والرابع والأخير ايضا هي خزينة الدولة. فبدلا من كثرة اللوحات وزيادة مساحتها اصبحت قليلة وبالتالي الإيرادات التي سوف تصل إلى البلدية قليلة جدا إذا قارنا ذلك بما هو افضل منه من خطوات سأذكرها في مقالي، يقال ان البلدية فرحت بما أوتيت من قوة لفرض نظام الرسوم، والحقيقة هي أنها كانت مقصرة بالتحصيل ولا يعود السر إلى دقة التمتير، ولو مسحت البلدية المدينة واستطلعت مساحات اللوحات وقيمتها قبل التمتير، وقبل تصغير اللوحات، وبعد تصغيرها لوجدت أن المبلغ أكبر لو تمت العناية بطريقة التحصيل، وأنا أجزم بهذا، وأتصور أن نظرتي دقيقة بإذن الله، وأطالب بأن تعاد اللوحات، وأن تعود الأضواء لشوارع بريدة كما كانت في السابق، كان المتجول في الشوارع ينبهر من قوة النور ومن جمال منظر اللوحات ولعل الاموال تعود من جديد للمستفيدين من التجار في المدينة بحكم الدعايات التي تحتويها تلك اللوحات، وهي لصالح شركات كبرى وعريقة، لقد تسبب القرار بعدد من المضار، والمطلوب هو أن يقال لأصحاب المحلات ان اللوحات مفتوحة المساحة والحجم وبسعر محدد، فمثلاً لوحة البقالة قيمتها كل ثلاث سنوات خمسمائة ريال، وذلك في المدن الرئيسة كالرياض، ولصاحب البقالة أن يضاعف مساحتها بما يشاء شريطة أن لا يتعدى على جاره سواء كان أعلاه أو بجواره، ويشترط منع اللوحات الخارجة عن إطار جدار المحلات (البارزة والعرضية). أما المحال التجارية الكبيرة ذات الدخل الكبير في المدن الكبيرة كالبنوك في الرياض فتكون مساحات لوحاتها مفتوحة ولكن بقيمة مضاعفة كأن تكون قيمتها عشرة آلاف ريال، وهكذا بحسب النشاط والحركة الاقتصادية ومكانة المدينة والمحافظة، والذي استغربه أن السعر موحد، ولا مقارنة بمحل في شارع العليا بمحل في محافظة صغيرة، وإذا تم ما ذكرت فسيقفل الباب أمام المحصلين المستفيدين من دون عائد مالي واضح الفائدة، وأخص بالذكر ما يعود على خزينة الدولة وعلى التاجر الصغير، عندها سيكون التحصيل سلساً وديناميكيا ودون تكدس عدد كبير من الموظفين لتحصيل الرسوم. هذه الخطوات التي تنص على أن الدفع محدد ومعروف أفضل بكثير من التضييق بالتمتير، وهي افضل من ملاحقة التجار الصغار، والمطلوب هو أن يدفع صاحب المحل عالي الدخل مبلغا كبيرا عند تجديد رخصة المحل، وأن يدفع صاحب المحل الصغير ضعيف الدخل مبلغا مناسبا كل ثلاث سنوات، وبنفس رضية ستدفع قيمة اللوحات ودون وجع رأس، وبدل مئات الموظفين يكفينا عشرة موظفين مخصصين داخل مكاتب البلدية لاستخلاص الرسوم، وقبل ختام هذا التعقيب أقول: أين وزارة التجارة والهيئات المعنية بالاقتصاد والتخطيط عن مثل هذا الاجراء الذي يقضي على التجارة وبكل سهولة؟ لماذا بجرة قلم تهدم رؤوس اموال على اصحابها؟ ولماذا يصبح صاحب محل تصنيع اللوحات في خبر كان؟ وعلى كل حال لا يرضيني أن يتضرر مواطن وأن تنقلب موازينه الاقتصادية بمثل هذا القرار عجيب الأطوار، ويسعدني أن تتوجه البلديات وليس بلدية بريدة فقط إلى تصحيح الوضع بالخطوات التي ذكرتها والتي تؤكد على النظر برحمة وعدل للجميع، صحيح أن بلدية بريدة نجحت في ضبط قيمة اللوحات وتحصيل المبالغ ولكنها فشلت في تثبيت التجارة والمحافظة على النشاط التجاري، وأضعفت الإنارة وقللت من إيرادات شركة الكهرباء وهذا النجاح فشل وليس مقياساً.