الإرهاب بمفهومه العلمي هو صورة من صور العنف الحشي المؤدي إلى حالة من الرعب الذي يمارسه الإنسان ضد أخيه الإنسان وصولاً إلى تحقيق أهداف سياسية أو اجتماعية أو اقتصادية أو أيديولوجية أو انعكاسات لحالة مرضية. ومنذ خلق الإنسان على هذه الأرض، نشأ الصراع واكتسبت الحاجات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والنزعات الأيديولوجية دوافعه الجذرية ومع بروز الجماعات الإنسانية برز الصراع من أجل السيطرة والنفوذ ومع تشابك العلاقات وتداخل المشكلات الاقتصادية والاجتماعية ونشوء الأيديولوجيات المختلفة اكتسب الصراع ملامح وسمات متفاوتة احتل فيها العنف مكاناً بارزاً في أساليب الصراع وتعددت صوره وتباينت أهدافه واختلفت أساليبه ومنها الصراع السياسي والاجتماعي والاقتصادي والديني والأيديولوجي والإداري والفسيولوجي والعلمي. -*-*-*-*- أهداف الصراع -*-*-*-*- - الصراع من أجل القوة والنفوذ والهيمنة.- الصراع من أجل المصالح.- الصراع من أجل المبادئ والمعتقدات.- الصراع من أجل المال.- الصراع من أجل السلطة. أساليب الصراع: * أساليب الصراع طويلة الأجل: وهي تلك الأساليب التي تتطلب الممارسة خلال مراحل زمنية طويلة وتستخدم فيها أدوات مختلفة باختلاف بيئة الصراع ذاته ومنها: - الاختراق والسيادة الاقتصادية. - النفاذ إلى التكوين الثقافي والحضاري للمجتمعات. - اختراق بيئة القرار السياسي والاقتصادي للمجتمع. - تنمية دوافع العنف الاجتماعي والسياسي والأيديولوجي. - إدارة الصناعة التفاعلية للأزمات. * أساليب الصراع بالصدمة: هي تلك الأساليب التي تستخدم صدمة الموقف المفاجئ من أجل تحقيق نتائج سريعة وصولاً إلى تحقيق أهداف مباشرة أو بعيدة ويمكن أن تعتبر أساليب الصراع بالصدمة إحدى الأدوات المستخدمة في مرحلة من مراحل الصراع طويلة الأجل ومنها: - العمليات الإرهابية.- عمليات الاغتيال.- عمليات الاختطاف.- عمليات الاختراق الاقتصادي بالعنف المادي أو المعنوي. -*-*-*-*- صور الإرهاب -*-*-*-*- * إرهاب المصالح الاقتصادية ومنها: - التدمير بالنسف. - التدمير بالحرق.- التدمير بالتخريب. * إرهاب الأيديولوجيات: - القتل والاغتيالات.- احتجاز الرهائن والاختطاف.- إرهاب الدولة. دعائم العملية الإرهابية: تعبر دعائم العملية الإرهابية من الركائز الأساسية التي يستند إليها الفكر الإرهابي في التخطيط للعمليات الإرهابية، وفي تنفيذ تلك العمليات، ثم في استثمار نتائجها سلباً أو إيجاباً، وذلك باعتبار أن العملية الإرهابية ليست هدفاً في حد ذاتها ولكنها إحدى وسائل الصراع في إحدى مراحله. 1- الأهداف: وهي الغاية المأمولة من العملية الإرهابية، وهي ذات جانبين: أهداف كلية Macro وأهداف جزئية Micro فالأهداف الكلية هي تلك النتائج المخطط الوصول إليها في هذه المرحلة من مراحل الصراع والتي تعتبر العملية الإرهابية فيها أداة من أدوات هذا الصراع. أما الأهداف الجزئية فهي تمثل النتائج المباشرة المستهدفة من العملية في حد ذاتها سواء تحققت بشكل كامل أو بشكل جزئي. واستكشاف أهداف العملية الإرهابية ليس فقط بغرض تحديد دعائم الفكر الإرهابي في التخطيط لهذه العمليات وتنفيذها، ولكنه يعتبر إحدى الدعائم الجوهرية في الفكر الأمني من أجل مواجهة هذه العمليات، ذلك أن الدراسة العلمية للبيئة المطلوب تأمينها تقتضي دراسة جوانب الصراع المحيطة بها والمرتبطة بنشاطها، أو ذات التأثير فيها وبها، مع دراسة أساليب هذا الصراع تاريخياً وتطور أدواته والتغيرات الفاعلة فيه، الأمر الذي يعتبر إحدى الدعامات الأساسية لنظم الأمن وخطط التأمين، في الوقت نفسه الذي يعتبر أيضاً إحدى الدعامات الأساسية في خطط المواجهة الاجتماعية والسياسية لهذه العمليات. 2- المعلومات: تعتبر المعلومات هي العنصر الفاعل في اتخاذ قرار العملية الإرهابية وفي نجاح تلك العملية. وبقدر ما ينجح المخطط الإرهابي في الحصول على معلومات كافية عن بيئة العملية المزمع ارتكابها بقدر ما تتحول الفكرة الإرهابية إلى قرار قابل للتنفيذ، وبقدر ما ينجح القرار التنفيذي في تحقيق أهدافه الكلية أو الجزئية. والمعلومات التي يسعى المخطط الإرهابي إلى تأمينها تتضمن نوعين من المعلومات: - المعلومات العامة المتاحة والمعلنة في جزئياتها الدقيقة، مع تحليل هذه الجزئيات وربطها وصولاً إلى رسم صورة دقيقة عن هذه البيئة ومتغيراتها. وتقوم أجهزة التأمين في مواجهة محاولات الاستفادة من المعلومات العامة والمعلنة بعملية تفكيك أمني لهذه الجزيئات مع ربط المهم منها بمجموعة قيود أمنية وفقاً لتقديرات المخاطر الاجتماعية القائمة على أساس التقديرات الاحتمالية للمخاطر. - المعلومات الخاصة عن هذه البيئة والمحاطة بدرجات متفاوتة من السرية. وترتبط قوة المحافظة على هذه المعلومات وتأمينها بمدى سلامة النظام الأمني القائم، والقواعد التي يطبقها في سبيل إحباط أي مخطط للوصول إليها وتحليلها والاستفادة منها في عملياته الإرهابية، ويتم ذلك عن طريق: - التأمين الايجابي والمتمثل في الأخذ بنظم تأمين المعلومات الايجابية عن طريق الرقابة المانعة Preventive control والوظائف المحددة Job Task والنظرة الموضوعية Tunnel Vision وضبط محددات الأداء الإنساني Human Performance Constraints. - التأمين السلبي والمتمثل في عمليات العزل الأمني للمعلومة Security Information Isolation وعمليات التحريف الأمني للمعلومة Securite Information distorition. 3-الإمكانات: تعتبر دراسة الإمكانات المتاحة من أهم جوانب الفكر الإرهابي في التخطيط للعمليات الإرهابية، والتي تتطلب من النظم الأمنية المواجهة لهذه العمليات دراستها وتحليلها من خلال الإطارات الآتية: - مصادرها. - معدلات تدفقها.- مقاييس الفاعلية Effectivenes. وتتضمن دراسة الإمكانات التحديد الواقعي للعناصر الخمسة التالية: 1- التمويل من حيث نوعه ومصادره وحجمه ووسيلته ودرجة تدفقه وجوانب استخداماته. 2- العنصر البشري من حيث الكم والكيف ودوافع الجذب ودرجات الاستجابة والولاء. 3- الوسائل والمعدات والأجهزة والمواد المتاحة للاستخدام ومصادرها وكمياتها ومستوى كفاءتها ودرجة استمراريتها. 4- الأيديولوجية التنظيمية Organizational Ideology وما يرتبط بها من تشخيص نوع التنظيم الإرهابي الملائم من خلال أنواعه الثلاثة: - التنظيم العنكبوتي Web Organization - التنظيم الشبكي Matrix Organization - التنظيم الصعودي Cluster Organization 5- درجة الدعم Empowerment الخارجي للتنظيم وحجم متطلباته الذاتية Own Merits. عناصر العملية الإرهابية: للعمليات الإرهابية عناصر معينة تشكل جوهر العملية التي يحرص القائمون بها على تحقيق وجودها الفاعل وصولاً إلى تحقيق العملية الإرهابية للهدف المرجو منها، وتفهم هذه العناصر ودراستها ضرورة لازمة حتى تتمكن النظم الأمنية والدراسات الاجتماعية والإدارة السياسية في الدولة من إجراء عملية تحليل أداء هذه العمليات بشكل علمي Performance Analysis of Terrozisme Process ووضع القواعد والاجراءات وإجراء الاتصالات وعقد الاتفاقيات الدولية والإقليمية، التي تكفل حصارها داخل منطقة عزل أو حزام واق Quarantine لمنعها أو إفقادها سماتها المميزة، وبالتالي إفشال أهدافها المتوقعة أو إجراء عمليات امتصاص Absorbation لآثارها، والوصول بالموقف إلى نقطة تحول Turning Point يشعر مخطط العملية الإرهابية في مرحلتها الأولى، أو منفذها في مرحلتها التنفيذية، بعدم جدوى المواصلة، وضرورة إعادة التفكير من الأساس Fundamental Rethinking في مدى ملاءمة العملية الإرهابية كإحدى وسائل الصراع في تحقيق أهداف الصراع، وتتمثل عناصر العملية الإرهابية في الآتي: العنصر الأول: الرعب وهو ما يعني الخشية والاضطراب العنيف للنفس والفزع الشديد، ويختلف الرعب عن الخوف والفزع والمفاجأة، واللذين يؤديان إلى اضطراب محدود لا يفقد معه الإنسان إرادته على المدى الطويل أما الرعب فهو الذي يؤدي إلى فقدان الإنسان لإرادته أو سيطرته الفعلية على الأمور، الأمر الذي يؤدي إلى إحداث نوع من السيطرة والتحكم في البيئة المحيطة بالعملية الإرهابية. وحالة الرعب التي تعتبر عنصراً جوهرياً من عناصر العملية الإرهابية لها صورتان، تتحقق بهما: الصورة الأولى: صورة حالة الرعب بالصدمة، وهي الحالة التي تنشأ عن توليد الرعب بالصدمة المفاجئة، مثل حالات النسف والتفجير والاغتيالات، وتعتمد هذه الحالات على ما تحدثه تداعيات هذه الصدمة المرعبة ومردوداتها في البيئة المحيطة سياسياً واجتماعياً واقتصادياً، والمدى الذي تصل إليه هذه التداعيات في سبيل تحقيق أهداف العملية الإرهابية وتتميز هذه الحالة بعدة سمات أساسية: - الفعل اللحظي المروع للحدث والتأثير العميق الممتد لنتائجه. - الدور المعدوم للضحية غير المباشرة وهي التي تتمثل فيمن سقط في لحظة النسف أو الانفجار أو الاغتيال. - تقليص النطاقات المكانية والزمانية والموضوعية للتعامل مع هذه العمليات في نطاقين محدودين فقط: - ما قبل العملية، والتي تمثل التعامل مع هذه العمليات في مرحلة التخطيط أو الإعداد أو بداية التنفيذ. - ما بعد العملية، وهو ما يعني التعامل مع آثارها ونتائجها في محاولة لاحتواء تلك الآثار والنتائج، مع محاولات التوصل إلى أطراف العملية. - الوجود غير المرئي للجاني في هذه العملية في أغلب الأحوال. - ارتفاع مستوى التقنية في المعدات والوسائل المستخدمة. ونظم الأمن في مواجهتها لهذه الصور من الرعب التي تهدف إليه العمليات الإرهابية يجب أن تلتزم بالمحددات الثلاثة الآتية: - محددات القيمة Values Constraints للنشاط. - محددات البيئة Environment Constraints والعوامل الفعالة Factors والمتغيرات Variables المحيطة بالنشاط. - التقديرات الاحتمالية Probabilistic Estimate لنوع وحجم واتجاه الأخطار وذلك من خلال العناصر الآتية: * تنظيم انسياب المعلومات Regulation Information Flow: وذلك من خلال قواعد البيانات التكنولوجية Technology Database ونظم إدارة المعلومات Management Information System مع إدارة نظم التحليل والربط. * حسابات ضغوط الوقت Time Pressures. * التحديد الموضوعي للمنطقة العمياء Blindspot. * القياس التاريخي للأحداث Historcal Analogy. * استخدام الأدوات العلمية لإجراء التقديرات الاحتمالية للأخطار وحجمها ونوعها واتجاهاتها. * الملاحظة Observation والاستقصاء Questisnaires. * المداخل غير التقليدية Nonconventional. * الخريطة الواقعية لصراعات المصالح والحقوق Confilict of interests or rights. الصورة الثانية: حالة الرعب بالفعل المستمر، وهي الحالة التي تنشأ نتيجة الرعب المستمر، مثل حالات الاختطاف او احتجاز الرهائن أو الابتزاز أو الحصار أو التعذيب، وتعتمد هذه الحالات ليس فقط على ما يحدثه الفعل المستمر من تأثيرات مباشرة وغير مباشرة في البيئة المحيطة سياسياً واجتماعياً واقتصادياً، وإنما يعتمد أساساً على تأثيرات تداعيات ومتواليات هذه التأثيرات في البيئة المحيطة، وحجم ما تستقطبه هذه المتواليات التأثيرية من أطراف ومصالح وضغوط جديدة وتتميز تلك الحالة بمجموعة من السمات الخاصة: - الفعل المستمر المروع للحدث، والتأثيرات العميقة المتوالية لنتائجه. - إمكانية الدور الايجابي للضحية غير المباشرة. - اتساع نطاقات المواجهة مع هذه العملية مكانياً وزمانياً وموضوعياً لما قبل العملية وأثناءها وما بعدها. - التواجد المرئي المحسوس للجاني في مراحلها المتتالية والتأثيرات المتبادلة للأفعال وردود الأفعال للأجهزة السياسية والأمنية ومرتكبي العملية. - تعدد أدوات التعامل المتاحة مع العملية الإرهابية اعتباراً من الزمن الايجابي إلى الزمن السلبي إلى الحوارات إلى التفاوض إلى الضغوط المباشرة وغير المباشرة إلى إشراك أطراف أخرى في عملية المواجهة. - الفرصة المتاحة لاستخدام التكنولوجيا المتقدمة في مختلف مراحل التعامل، مع التطبيق العملي لقواعد علوم التفاوض وعلوم النفس والإدارة وإدارة الأزمات. ونظم الأمن في مواجهة هذا النوع من العمليات الإرهابية، يجب أن تتجه بقواعدها وإجراءاتها وخططها نحو نزع خاصية الرعب المستمر، وتحويلها إلى حالة من حالات الخوف الذي لا يفقد القدرة على الإرادة، وبالتالي تتاح مساحة من التفكير الايجابي في بيئة العملية بعيداً عن مؤثرات السيطرة والتحكم الكاملين، كما أنه يتعين عليها العمل نحو تقليص تأثير الضحايا غير المباشرين وأصحاب المصالح المباشرة على الأداء الموضوعي للمواجهة، وفي نفس الوقت الحرص على تنقية الأداء من عوائق البيروقراطية التقليدية، والعوائق المرتبطة بالسلوك الإنساني وتأثيره على صناعة القرارات المختلفة. العنصر الثاني: العصف الذهني Brain Storm تعتبر عملية العصف الذهني الذي يولده الحدث الإرهابي من أكثر عناصره تأثيراً على سلوك كافة الأطراف أثناء الحدث الإرهابي، وهو يحدث حالة من عدم ديناميكية التفكير المنظم والمنطقي نتيجة مباشرة لصدمة الفعل الإرهابي Shock Act الأمر الذي يؤدي إلى سلسلة من سلوك الأزمة Crisis Performance بالنسبة إلى جميع أطراف العملية، وهو الأمر الذي يسعى المخطط الإرهابي إلى استثمار تأثيراته الفعالة على البيئة المحيطة لتحقيق أهداف العملية. ونظم الأمن في مواجهتها لهذا العصف الذهني الذي تحدثه العملية الإرهابية مطالبة باتخاذ مجموعة إجراءات رئيسية: - التخطيط المسبق لمواجهة سلوك الأزمة، وذلك لجميع أطراف العملية الإرهابية، وصولاً لتحديد مساراته وتحقيق نوع من الضبط لهذه المسارات وتأثيراتها. - الإعداد المسبق لتشكيلات مواجهة الأزمة والفرق المكلفة بمواجهتها والتدريب المستمر على جميع التوقعات والتقديرات المحتملة لقرارات الأزمة. - الملاحظة الواعية لنتائج هذا العصف الذهني الذي أحدثته العملية الإرهابية، وتتبع آثاره واحتواؤها، والحيلولة دون الوصول إلى نقطة الانفجار المقصودة من ممارسة هذا العصف الذهني.