يعاني المجتمع ومستشفيات الأمل من إحباطات تقودها انتكاسة بعض المتعافين، ويحاول البرنامج العلاجي أن يعبر بعدد من المتعافين.. وكأن عين الرضى لمستشفيات الأمل بما تقدمه من متعافين. والحقيقة أن هذا الهدف السامي تهرول إليه مطالب المستشفيات والمجتمع على حد سواء مع أنهما يتفقان على صعوبة تخطي عقبة التعاطي وبطء التعافي، ومهما يكن فإن التعافي يعد نتاجاً حيوياً للعملية العلاجية. والتعافي بقيمه ونتائجه يحتاج لتحقيقه عدة عوامل داعمة يشترك فيها المتعافي والمجتمع على حد سواء. إن مخاطبة المجتمع بجميع فئاته لتحقيق هذا الهدف تعتمد على قبول المجتمع للمتعافين، فالمتعافي يمر بمرحلة تعرف بمرحلة اللاصديق وهي الفترة التي يقضيها المتعافي قبل حصوله على صديق يواسيه ويستوعب ذاته إلى أن يحصل على جماعة تستوعبه وتحتويه وتتخطى به أزمته. وقصة أبي حنيفة النعمان - رضي الله عنه - مع جاره المتعاطي للمسكرات خير دليل على أهمية المساندة، فحينما سكت هذا الجار عن النياحة وعن سب المجتمع سأل الشيخ عنه وتفقد حاله فكانت السبب في توبته، إن هذا دليل على أهمية التسامح مع هؤلاء لأنهم يشعرون بالاضطهاد من الآخرين، وقد يدفعهم مراراً إلى العودة إلى التعاطي وكذلك السجناء المفرج عنهم إذا أمضوا وقتاً دون أن يشعرهم المجتمع بروح المحبة لهم لربما ينتكسون. إن الله سبحانه وتعالى أعطى المتعافي جزاء، وأي جزاء، إنه الحب والتطهر. وقد نرى آخرين يقفون من المتعافين موقفاً يعطل مسيرة الإصلاح، فالتوبة تجب ما قبلها.فتلك الفئة درجة الإحساس لديها عالية حيث عيون الآخرين تراقبهم، لنفضي مشاعرنا نحوهم - ليشعروا بالرضى والقبول - فقسمات الوجه نحوهم لهي خير دليل على رضانا نحوهم، إن الماضي لا يستطيع التخلي عنه إلا إذا رضي به وطلب المغفرة حتى لا يعطل مستقبله الذي نحن علينا أن نحبه ونجهد في تحقيقه من خلال العمل الدؤوب الناجم عن الثقة بالله ومن ثم الثقة بالنفس. وقد لا يصبح العمل الوظيفي هو محور انشغال الإنسان لأن شعوره بالفراغ النفسي الذي يعاني منه إلى الإحساس بالنقص في تركيبة الشخصية التي يقلب عليها التهور الناتج من أفكاره الخاطئة تجاه المجتمع. إن علينا عبءً لاستيعاب أولئك الذين يعانون من إحساسهم بالفشل واليأس الأمر الذي يترتب عليه التوتر والقلق النفسي، الذي يقودهم إلى الاكتئاب ولا يجدون بديلاً للخروج من أزمتهم لا بالانتكاس. إن على المجتمع أن يستوعب مشكلة المخدرات والأزمة الحقيقية التي يعايشها متعاطي المخدرات والمتعافي منه.إن مؤسسات المجتمع الأمنية والدعوية والتربوية مدعوة أن تتكاتف لإنشاء وحدة اتصال لدعم تعافيهم من خلال آلية العمل.. إن لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في الحي دور بالغ الأهمية لأنها تعي أهل الحي وتفهم هذا المتعافي ومن خلال زيارته واحتوائه وتذكيره بالله وبمواعيده وزيارة الطبيب ومساعدته.الأمر الذي يترتب عليه تصحيح لمفاهيمهم في إيذاء المجتمع، وبالمثل يقع على عاتق خطباء المساجد دور عظيم في توعية المجتمع بالوطن الحقيقي للمتعافين من خلال توجيه المجتمع إلى حبهم ودعمهم والدعاء لهم. إن قيام حوار من خلال الصحافة ومواقع الشبكة العنكبوتية لإيضاح حالة المتعافين والمفرج عنهم الذين يعانون من بطء قبول المجتمع لهم وتأخر اندماجهم داخل نواة المجتمع لإعانتهم على كسب معيشتهم. إن مروجي المخدرات يتربصون بهم من حين إلى آخر ليقتبضوا ظروفهم لأنهم يعانون من أزماتهم المحبطة.ويستطيع المجتمع أن يقدم العون لهم من خلال مؤسساته الاجتماعية الخيرية والراعية لهم من خلال تدريبهم على حرف يستطيعون أن يحققوا ذواتهم من خلالها. وحتى لا يركنوا إلى وهم الحصول على عمل - فالحرفة تمنحه قوات يومه.