عشت طفلاً أسكن في بيت من بيوت الطين فيه (الجصة والقبة والسماوة والدكة وبيت الدرج) وكان العرجد هو المكنسة الكهربائية!! فالغبار يتطاير والحشرات في كل مكان. وكانت الإضاءة الكهربائية (السراج والإتريك). وعندما دخلت الكهرباء (بالمواطير) صارت الإنارة لمبة صغر لنهر الليالي حول الجدة جالسين تحكي لنا قصة من قصص الأولين بما تسمى (بالسباحين) وبالمجلس الأنيس نعيش ليلة أنس وجدتي تتحدث عن (السعيلو) والجنبة والمتجنسة فالآذان صاغية والقلوب مستجيبة والأفكار مترابطة!! فما أحلى هذه الليلة فوق المطرحة وعلى نور القمر وقرب (الشنة) وبالسواليف مواليف. حول الجدة نجلس حلقة نستمع بشغف ونفرح بقدوم ظلام الليل محبة في هذه الجلسة!! بالصيف ننام ليلاً في السطوح وفي (الحوش) (والمهفة) في أيدينا بأشكال وأنواع وألوان مختلفة!! وفي الشتاء ننام في الغرف ولا ترفع أبصارنا إلى السقوف لأن ذرات الرمل تتساقط على عيوننا من السقف فمرة رفعت بصري فتساقط عليه حبات الرمل ولكن العلاج موجود فالماء والملح قطرة العين!! وفي إحدى الليالي ونحن بالحوش جالسين وكانت الجدة تحكي لنا قصة من قصص الأولين فلا نسمع سوى صوت جدتنا، صرخ أخي ورفع صوته عالياً آه لدغتني العقرب. لدغات العقارب شيء معروف لدينا نظراً لتكرارها ثم نبدأ بالبحث عن العقرب ونقتلها وكان دواء اللدغة موجوداً في كل بيت لأننا نعيش مع العقارب والحشرات الطبيعية في زمننا الماضي.. أما في زمننا الحاضر فإننا نعيش مع العقارب والحيات البشرية. وخاصة من بعض الفئات الذين يلبسون جلوداً غير جلودهم جلود الحيات والعقارب يلدغك في أي فرصة سانحة لأن قلبه مليء بالحقد والكراهية حتى ولو كان قريباً أو صديقاً.. إن لدغة العقرب عضوية خارجية ولكن اللدغة البشرية تدمي قلبك!! هكذا كنا وهكذا تغيرت الأحوال من حال إلى حال وتغيرت لدغات العقارب!! من حشرية إلى بشرية!! نسجد لله شكراً على تغير الأحوال بالتطورات العمرانية بفضل حكومتنا على ما بذلته من تطور عمراني هائل في شتى مدن ومحافظات وقرى مملكتنا الحبيبة الغالية حتى أصبحت المساحات الكبيرة التي تعلوها الأحجار والرمال منازل مزينة بالطراز الحديث تضيء وتشع أنواراً!! دعاء!! أسأل الله العلي القدير أن يبعد عنا الحسد والحقد والكراهية والبغضاء وأن يجعل قلوبنا تضيء وتشع أنواراً!! بقلوب يسودها الوفاء والصفاء وتعم للائتلاف ولا للاختلاف!!