يظل كتابُ الله - عزَّ وجل - محفوظاً بحفظه يتهاوى دونَه أهلُ الباطل، ولكنَّ الواجب على كلِّ مسلمٍ أنْ يكون حيَّ الضمير، متنبّهاً إلى كلِّ عملٍ تخريبيِّ يستهدف الدين ومناهجه، أو ينال من ذات الله - عز وجل - أو يسيء إلى أحد من أنبيائه ورسله - عليهم السلام -، أو إلى أحدٍ من أوليائه الصالحين. إنَّ القلوب الميتة هي التي لا تنقبض لما تسمعه من أقوال أهل الباطل، ولا تستنكر ما يجري منهم من أعمالٍ مخالفة لدين الله، وللفطرة البشرية السليمة التي فطر الله الناس عليها. ما حدث ويحدث من تدنيس مقصود للمصاحف الطاهرة التي تحمل بين دفّتيها آيات القرآن الكريم، كلام الله الحق الذي نزل به الروح الأمين على محمد - صلى الله عليه وسلم - وحياً يُتلى آناء الليل وأطراف النهار، يُعدُّ عملاً همجيَّاً إجرامياً لا تقدم عليه إلا نفوس مريضة، لم يعد لها في ساحة الإنصاف مكان، ولا في مواقع الفضل والخير والوعي منزل، وهو عمل مردود على أصحابه فضائح تتعاقب عليهم في الدنيا، وعذاباً أليماً في الآخرة.. ولاشك عندنا أنَّ القرآن الكريم محفوظ بحفظ الله له، وأنَّه أرفع وأسمى وأقوى من أن يؤثر فيه عدوان المتهافتين خلقاً وديناً ووعياً، ولكن ذلك لا يعني أن يسكت المسلم عن فعل السُّفهاء، لأن هذا السكوت - مع وجود القدرة على الاعتراض والرفض والمواجهة - يعد تفريطاً وإهمالاً من قبل أهل الحق، يزيد أهل الباطل إصراراً على باطلهم، ومحاربة للحق وأهله، ومثابرةً لإفسادهم وصرفهم عن دينهم؛ إمّا بتركه، أو بإهمال تعاليمه ومخالفتها، لقد كان الرسول - صلى الله عليه وسلم - يغضب للحقِّ، ويتفاعل مع المواقف، ويقف على منبره الشريف معبِّراً عن غضبه لله، كاشفاً زيف أهل الباطل وانحرافهم عن الطريق المستقيم، كان يفعل ذلك - عليه الصلاة والسلام -، مع علمه بأن دين الله منصورٌ باقٍ إلى قيام الساعة. إنَّ الإساءة إلى القرآن الكريم تتَّخذ في هذا العصر اتجاهاتٍ متعددة، يمكن الإشارة إليها في نقاطٍ معلومة: 1 - الإساءة الفعلية المباشرة للمصحف الشريف بالتمزيق والإلقاء على الأرض ووضعه تحت الأقدام، وإلقائه في الأماكن غير النظيفة مبالغةً في الإساءة، وهذا عملٌ شيطاني ماديٌّ مباشر حدث على أيدي اليهود المجرمين في فلسطين أكثر من مرَّة، وعلى أيدي مجرمي السجون الظالمة في جوانتنامو وغيرها. 2 - الإساءة العلمية القائمة على تحريف معاني آياته أو بعضها، وإنكار بعض ما ورد فيه من أحكام بإثارة شبهٍ في تفسيره وأسباب نزوله، وادعاء أنه مخلوق، وهذه أعمال شيطانية أيضاً حدثت سابقاً وتحدث الآن من قبل بعض الملحدين الذين يرون أن التحرُّر من هيمنة الدين مظهر من مظاهر الثقافة الحرَّة، والعلم المنطلق من القيود. 3 - الإساءة الأدبية النقدية القائمة على إخضاع آيات القرآن الكريم للنقد والتحليل الأدبي بحجة أنه ليس هنالك نصُّ مقدَّس عن النقد الأدبي الحديث مهما كانت مكانته الدينية. إنّها اتجاهات معروفة موجودة، تجري على مسمع من الناس ومرْأى، فهل يصحُّ لمن منَّ الله عليهم بالإيمان والاطمئنان ومعرفة الحق أن يسكتوا. ويقفوا مخذولين أمام هؤلاء؟ إشارة: يا مصحفاً رفع الإله مقامه فيه الثمار وفيه ظلٌّ وارف عُقبى المسيء إليك عقبى خاسرٍ