لا شك أن موضوع تأديب الموظف يحظى باهتمام واسع من قبل المفكرين وعلماء الإدارة والقانون، لما له من دور كبير في تقويم أداء العنصر البشري وتحسين قدراته الخدمية في العمل الإداري الحكومي، فالموظف العام هو العمود الفقري للأعمال الحكومية، فبدونه لا تستطيع تلك المؤسسات تحقيق أهدافها الخدمية، وطموحاتها التطويرية، فمبدأ الجدارة والكفاءة في شغل الوظيفة العامة يقوم على وجوب تولية الكفء والصالح والجدير بالوظيفة، فالموظفون العموميون هم مرآة الدولة أمام المجتمع، ومستوى رضا الشعب على الخدمات الحكومية يقاس بمستوى الخدمة الإدارية المقدمة من الموظفين، فهم العصب النابض في الجهاز الحكومي، لذا صدرت الجزاءات التأديبية لمواجهة مخالفات الموظفين وخروجهم على السلوك العام للوظيفة وعدم التزامهم بالأنظمة واللوائح التي تحقق المصلحة العامة، وهذه الجزاءات وردت في نصوص نظامية تحدد مشروعية إيقاعها، فهي ليست اجتهادا أو تقديراً شخصياً، بل يحكمها نظام واضح ومحدد، ولأهمية هذا الموضوع ولافتقار المكتبة الأمنية السعودية للإنتاج الفكري الذي يعالج موضوع التأديب لرجل الأمن السعودي، جاءت فكرة تأليف كتاب (القانون التأديبي لرجل الأمن السعودي: دراسة تحليلية مقارنة) للعقيد الدكتور منصور خضران الداموك عضو هيئة التدريس بكلية الملك فهد الأمنية، الذي تناول فيه القانون التأديبي لرجل الأمن السعودي عرضاً وتحليلاً، فقسم كتابه إلى خمسة فصول، خصص الفصل الأول للإطار النظري، فإعطاء نبذة تاريخية موجزة عن تاريخ التأديب منذ عصر الرسول صلى الله عليه وسلم حتى العصر الحديث، وعن بداية ظهور القوانين العسكرية التأديبية التي تنظم عمل الموظف وتحد من تجاوزاته اللامشروعة، وأوضح أن التأديب غاية وضرورة ملحة لتحسين سير العمل في أي منشأة حكومية، ثم تحدث عن السلطة التأديبية المخولة بموجب النظام بتوقيع العقوبة على من خالف النظام ووقع في المحظور، وعن المسؤولية التأديبية، والأسباب التي تحول دون قيامها رغم وقوع المخالفة، وعن الدعوى التأديبية وأركانها وأنواعها والمركز القانوني لرجل الأمن السعودي باعتباره موظفاً عاماً. وفي بابه الأول قسم المحتوى إلى فصلين، تحدث في الأول عن الإطار القانوني العام للمخالفات والعقوبات التأديبية لرجل الأمن السعودي فعرف المخالفة وأركانها وأنواعها والوسائل الناجعة لمواجهتها والعلاقة بينها وبين الجريمة الجنائية والخطأ المدني، وفي الفصل الثاني حدد العقوبة المدنية وماهيتها مع إيضاح العقوبة المقررة على رجل الأمن السعودي مختتماً هذا الفصل بعرض تفصيلي لأنواع العقوبات التأديبية والمبادئ التي تحكمها وطرق انقضائها. أما الباب الثاني فهو يشتمل أيضاً على فصلين تناول فيهما المؤلف القواعد العامة للتحقيق والمحاكمة التأديبية وتطبيقاتها في القانون التأديبي لرجل الأمن السعودي، فعرف التحقيق وأهميته في المجال التأديبي والسلطة المختصة بإجراءاته، ملقياً الضوء على تشكيل المجالس التأديبية واختصاصاتها وسلطتها وإجراءات المحاكمة ومبادئها وضمانات المحاكم التي يجب تأمينها للمتهم والطعن في القرارات التأديبية التي تصدر عن مجالس التأديب وتنفيذ هذه القرارات. خارج المتن: إن قانون تأديب رجل الأمن السعودي يقوم على فكرة العدل والمساواة وبهدف النهوض بالمصلحة العامة، فهو لا يستهدف العقاب في ذاته بل يبحث عن الأسباب التي جعلت المخالفة أمراً ممكناً، فضعف الوازع الديني والخلقي قد يمثل عقبة رئيسية في سبيل النهوض بالعمل الإداري والإخلاص في أداء الواجب، فهل نستطيع تحقيق مصالحنا العامة بعمل مخلص نقي يغنينا عن تطبيق هذا القانون أو الرجوع إليها.. بالتأكيد نقول: إن شاء الله [email protected]