مرَّ زمن ليس بقصير على قيادة المرأة السيارة ما بين مؤيد ومعارض، فالمؤيديون لهم اجتهاداتهم وكذلك المعارضون، كلها لا شك تصب في صالح الوطن وصالح المجتمع والجميع من أبناء هذا الوطن أفراداً وجماعات وحكومة رشيدة تنشد الصالح العام والاجتهادات جميعها بها الموجب والسالب، يجب دراستها، من ذوي الاختصاص، من جهات حكومية وأهلية وتغليب مصلحة المجتمع والصالح العام على كل مصلحة. لقد عودنا ولاة الأمر - حفظهم الله - على تذليل جميع الصعاب، بما يتفق ومصلحة الفرد والمجتمع والسُّنَّة النبوية المطهرة. أذكر وأبناء جيلي جيداً عندما قرر جلالة المغفور له الملك فيصل - طيب الله ثراه - فتح أول مدرسة للبنات في منطقة القصيم لقد كانت نسبة كبيرة من أفراد المجتمع تعارض تعليم الفتاة لكنه - رحمه الله - بنظراته الثاقبة للأمور قرر فتحها، ولولا هذا القرار الصائب السديد من جلالته لأصبحت الفتاة اليوم في وضع لا تحسد عليه - رحمه الله رحمة واسعة وجعلها له في موازين أعماله -. والأمثلة كثيرة سأورد بعضا منها كمثال وليس على سبيل الحصر: منها التلفزيون عورض وبشدة وبنسبة كبيرة من أفراد المجتمع، وعندما غزت التكنولوجيا العالم وبدأ البث الفضائي حاربت نسبة كبيرة دخول الأطباق اللاقطة، كما حاربوا الهاتف الجوال المزود بالكاميرا إلى أن قررت الدولة - رعاها الله - السماح به وتم تداوله بين أفراد المجتمع وهو لا شك سلاح ذو حدين، ولكن لا مفر من استخدام التكنولوجيا وقد أصبح العالم قرية صغيرة يجب علينا التأقلم مع الأحداث وألا سنصبح في نهاية القافلة. ونحن لا نشك أبدا في صدق نوايا المتخوفين، وأن همهم الأول والأخير المحافظة على المجتمع رجاله ونسائه منطلقين من القاعدة الفقهية درء المفاسد مقدم على جلب المصالح، ووجهة نظرهم تقول إن قيادة المرأة السيارة سيترتب عليها عواقب وخيمة وشرور كثيرة وهذا قد يحصل وعدم قيادتها السيارة ترتب عليه شرور كثيرة، وفي المقابل فإن المؤيدين لقيادة المرأة السيارة يثقون بالله سبحانه وتعالى ثم بنضوج وقدرة المجتمع السعودي على اجتياز هذه المرحلة بكل يسر وسهولة - إن شاء الله -، ويعتبرون ذلك من البديهات في ظل عدم وجود ما يمنع في شرعنا الحنيف من قيادة المرأة السيارة، وحسب دراسة إحصائية فإنه يوجد في المملكة العربية السعودية أكثر من مليون سائق أجنبي يكلفون الأسر السعودية أكثر من اثني عشر مليار ريال سعودي سنوياً، ناهيك عما تعانيه بعض الأسر من البعض منهم من مشاكل لا تخفى على الجميع، خاصة أن نسبة كبيرة منهم لا تدين بدين الإسلام ووجودهم بين الأسر مخالفة صريحة لما جاء به شرعنا المطهر، ماذا لو كان بدل السائق الأجنبي سائقة أجنبية للأسر التي لا ترغب أن تقود نساؤها السيارة أليس هذا بأفضل من ذاك ؟، مع تقييد منح الرخصة للمرأة بشروط مدروسة على سبيل المثال وليس الحصر يجب أن يكون العمر (كذا) وأن تثبت حاجتها إلى قيادة السيارة، كأن تكون موظفة، أرملة، مطلقة لا عائل لها، لا يسمح دخلها أو دخل العائلة بدفع راتب السائق.. الخ. يجب أن تكون نظرتنا للقضية بشكل عام دقيقة وحاسمة فهي موجودة لا نستطيع إنكارها أو تجاهلها ولعل طرحها على مجلس الشورى الموقر كقضية، على هذا النحو ستكون النتائج - إن شاء الله - قاطعة وحاسمة وفوق ذلك منطقية يستطيع المعارضون والمؤيدون تفهمها طالما أن الدين والوطن والمجتمع هي الأساسيات التي يحرص عليها الجميع. أصبح من الضروري بل من الحتمي أن نجد حلا متوازنا يقوم على أسس متينة تخدم الصالح العام.. وبهذه المناسبة فإنني اشد على يدي الأخوين المحترمين عضوي مجلس الشورى السعودي، الدكتور عبد الله بخاري والدكتور محمد آل زلفه طالباً منهم ومن جميع زملائهم المزيد لخدمة الدين والوطن والمجتمع.. وتحية من الأعماق إلى جميع أفراد الشعب السعودي رجالا ونساء.. وتحية إلى ولاة الأمر الذين لا يألون جهدا في سبيل خدمة الدين والوطن والمجتمع. فاكس 012281462 [email protected]