يقال ان العمر يروض الشباب واميل لهذا الرأي إذ اعتقد أنه مع تقدم العمر تنطفىء جذوة الشباب عند الكثيرين منا. ويبدو ان ذلك لا ينطبق على عشاق الكرة، فالحماس للكرة ولفريقهم المفضل يتلبسهم مهما تقدم بهم العمر، واعتقد انني من هؤلاء، فعلى مدى ثلاثة أيام قبل مباراة النصر والاتحاد كنت اطالع تحليل الأخبار عن المباراة القادمة وكان التركيز على غياب أهم لاعبي الاتحاد نظرا لتعرضهم لبعض الإصابات الرياضية وزاد من قلقي تصريحات النصر بتوقع فوز نظيف. حالت الحمى التي اصابتني وإصرار زوجتي دون ذهابي لحضور المباراة لطالما التهب حلقي وبالكاد استطيع الكلام ولأن الذهاب للملعب يعني حتما التشجيع والهتاف وبالتالي ربما افقد صوتي، لذا لم يكن امامي إلا التمدد على الأريكة ومتابعة المباراة عبر التلفزيون وطبعا دون شيشة, هذه البداية كانت مملة بالنسبة لي ولكن الكرة كانت تنتقل بسرعة من قدم لأخرى ولم يكن هنالك أي إشارة واضحة تدل على الفريق المسيطر. في الدقيقة 36 وقف الجمهور على رؤوس أصابعه وهو يتابع طارق المولد بهدف جميل وصحت بأعلى صوتي الله أكبر. لكن بهذا الهدف ساورتني المخاوف أيضا لعلمي ان ذلك سيعزز روح الهجوم في فريق النصر، وساد التوتر في غرفتي عندما تحولت الى محطة البي بي سي لمشاهدة الأخبار التي على عكس باقي المحطات لا تزيد اخبارها عن 5 دقائق وعدت بعدها للقناة الأولى منتظرا صافرة نهاية الشوط الأول. كان الشوط الثاني مثيرا للتوتر عندما اندفع فريق النصر في الملعب محاولا اختراق دفاع الاتحاد واحكموا على وسط الملعب، وكنت اتوقع هدفا بأي لحظة, وتبادل الفريقان السيطرة على الكرة بشكل جميل وتوقع النصراويون ان يحقق احمد بهجا شيئا ما, وهنا كنت متأكدا بأنه لو تحقق أي هدف للنصر فسيكون بفضل بهجا الذي لم يثبت أبدا أمام الاتحاد سواء عندما كان مع الهلال أو حاليا مع النصر. لكن الذي أبقى على بصيص أمل لمشجعي الاتحاد في آخر 15 دقيقة ان الاتحاد خطط لهجومه ووصول حمزة ادريس في مناسبتين الى عارضة الهدف، وتحقق الفوز النهائي بهدفه في الوقت الضائع وعم الارتياح مشجعي الاتحاد، وهكذا انتهت ثلاثة ايام من التوتر. يقال ان الرجال كلمة وعهد، وما كادت الصافرة تعلن انتهاء المباراة حتى رن جرس الهاتف وكان زميلي العزيز خالد المالك رئيس تحرير هذه الصحيفة على الخط لتهنئتي، فخلال رحلتي الأخيرة الى دول الخليج الأسبوع الماضي كان العزيز خالد المالك والعزيز تركي السديري مستمران في إغاظتي بالنتائج المتوقعة لغير صالح الاتحاد ووعداني بالاتصال بي إذا ما فاز الاتحاد وكلاهما كانا عند كلامهما وأثبتا انهما أصحاب كلمة وروح رياضية. ملاحظة أولى: الفائز الآخر كان ملحق عكاظ الوطن الذي شاهده الملايين على شاشة التلفزيون، والدكتور هاشم عبده هاشم رجل قليل الكلمات ولم يفصح أبدا عن مساندته الشخصية لأي فريق، ولكن بعد مشاهدة شعار عكاظ الوطن على قمصان الاتحاد لم يعد هنالك لدينا أدنى شك عن الفريق الذي يشجعه. ملاحظة ثانية: بعض الصحف تنشر أخبارا رياضية لكنها لا تتمتع بروح رياضية إذ عمدت الى إزالة شعار عكاظ من قمصان لاعبي الاتحاد فظهرت بعض الصور المعدلة وكأن اللاعب مقطوع في الوسط, أين روح الزمالة الصحفية, وهل كانت هذه الصحف تزيل تلك الشعارات لو كانت شعارات لشفرات حلاقة او حتى لسجائر!! * رئيس تحرير جريدة عرب نيوز