لو نظرنا إلى الوقت في جملته وتفصيله لوجدنا انه احد المعايير المهمة والمحاور الأساسية على الصعيد الديني والاجتماعي والاداري، ولعلنا نلحظ ذلك خلال اللفتة الدينية في القرآن والسنة فقد أقسم الله سبحانه وتعالى بالوقت في كتابه فقال: {وَالْفَجْرِ وَلَيَالٍ عَشْرٍ} وقال سبحانه: {وَالْعَصْرِ إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ}، وقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- (لا تزول قدما ابن ادم حتى يسأل عن اربع وذكر منها عن عمره فيما افناه)، وذكر في حديث آخر (اغتنم خمساً قبل موتك وذكر منها حياتك قبل موتك وشبابك قبل هرمك)، ومن هنا نستنبط القيمة العظيمة للوقت، ان الوقت هو ذلك الرصيد والمساحة المتاحة لمعايشة الحياة والعمل والسعي والكسب، وهو الزاد الذي من خلاله تستطيع التقدم للامام، فالأمم الناجحة هي من تقدر قيمة الوقت وتسابق الزمان حتى قيل (ان ساعة واحدة حافلة بالامجاد تساوي عصراً بكامله عاطلاً عن المجد)!! جميع العبادات والطاعات ترتبط ارتباطاً وثيقاً ضمن اطار زمني محدد، فالصلاة لها وقتها والصيام والزكاة والحج لها اوقاتها، كما انه المحور الأساسي الذي ترتكز عليه المهارات الادارية. ان ادارة الوقت هي القدرة على استغلال الوقت وتنظيمه بشكل محكم ضمن خطة محددة للاستفادة منه وتحسين الاوضاع الحياتية المختلفة وجعلها اكثر انتاجاً وفاعلية. فالتخطيط واتخاذ القرارات وادارة الازمات والتطوير والتنظيم وجميع المهارات الادارية تحتاج إلى معرفة تامة بادارة الوقت، فتأخرك مثلاً عن اجتماع الشركة قد يؤجل اتخاذ قرار من المفترض اتخاذه.. كما ان تخطيطك لمشروع ما دون مراعاة العامل الزمني يحتم لك الفشل الذريع. ان الحس الاداري يحتاج منك إلى ادراك قيمة ادارة الوقت وماهيته لانه ضرورة من ضرورات العمل. فكل حركة وكل تطبيق وتنفيذ لمشروع ما.. يأخذ حيزاً زمنياً، وكل حيز يحتاج منك إلى تنظيم وادارة وبرمجة حسب الواقع العملي، والهدف من ذلك رفع مستوى الاداء الوظيفي وفاعليته للمؤسسة او المنشأة وتطوير الاوضاع الحالية إلى الأفضل. ولعل اهم الاسباب المعوقة لادارة الوقت هو: *عدم وجود هدف او خطة محددة، أي عدم برمجة يومك مما يجعلك تتخبط وتدور في حلقة مفرغة فلا تعلم من أين تبدأ وإلى أين تنتهي. * التسويف وهو تأخير انجاز الاعمال إلى فترة مستقبلية قادمة وغالباً ما ينتهي الامر إلى عدم اداء شيء، والتسويف عادة سيئة ذات نمط سلبي بحت، وقد تكون نتيجة عدم تنفيذ اتخاذ قرار ما او عدم اتخاذه اصلا. * الكسل وعدم الرغبة. * التردد في الموافقة أو الرفض على مشروع ما أو في تنفيذ قرار عاجل وهو ناتج عن عدة اسباب ولعل اهمها الخوف من النتائج المترتبة أو عدم الالمام بالخبرات والمهارات الادارية مثل صنع القرار والقدرة على التأثير... الخ. ادر وقتك.. واضبط ساعتك ضبطاً دقيقاً، واجعل من الوقت وسيلة فعالة لغاية سامية وهي الارتقاء وستلاحظ انخفاض مستوى الضغط والاجهاد.