*الحياة هي الأيام التي تذهب من عمرنا ولا ترجع.. نعم، ومن خلال العقود التي ذهبت من عمري أجد أنني -ولله الحمد- تعرفت على الكثير من أسباب النجاة من الهلاك لم أكن أعرفها لولا توفيق الله وجوده وكرمه وعندما أتحدث عن النجاة أو السعادة أتذكر سورة العصر؛ فالإنسان بدون الإيمان وعمل الصالحات والتواصي بالحق والصبر في خسارة لا محالة.. إذاً السعادة في الإيمان الحق بالله ورسله وملائكته واليوم الآخر والقدر خيره وشره ومهما بحثنا عنها في أي موطن آخر فإننا لن نستطيع الوصول إليها لأننا نبحث عن شيء في غير موضعه ومكانه.علمتني السنوات الماضية من الحياة أن أول خطوات السعادة والنجاة تبدأ في المناجاة بين العبد وخالقه في الصلاة المكتوبة التي بدونها تضيع جميع الأعمال مهما كثرت وبها يجد الإنسان النور والهدى والطمأنينة فهي تنهي عن الفحشاء والمنكر.؟. وبعد الصلاة تلاوة القرآن الكريم فهو الكتاب الذي لا يتحمل الشك والريبة: {الم ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ} وفي تلاوته شفاء ورحمة ويقين وخشوع وعلم وتأمل وأجر وراحة وجميع ما نفقده نجده في القرآن فيه أمل بعد اليأس وخير بعد شر وسلام بعد خوف.. به يصلح الفرد والمجتمع ومنه تنطلق الدعوة وفيه خبر الماضي وتوضيح الحاضر ومعرفة أهم ما سيكون في المستقبل.. إذ هو الدليل الواضح للنهج القويم.. أوصى بتلاوته والمحافظة عليه. إن كل بداية لابد أن تكون صعبة ويجب أن ندرك أن التغيير منهج مطلوب من الجميع إلى الأفضل في جميع نواحي الحياة الدينية والاجتماعية والثقافية... وغيرها فيجب أن نطور علاقتنا مع الله عز وجل وننظر إليها ونتساءل: هل قمنا بالواجبات؟ هل ابتعدنا عن المحرمات والمنهيات؟ وإذا كان الجواب: نعم نحمد الله ونحاول أن نبدأ بعض الفرض بالنافلة ونؤدي السنن الرواتب ونصلي قيام الليل على قدر استطاعتنا ونكثر من الخيرات.. أما إذا كان الجواب: لا فنتوقف، نعم نتوقف.. ونحاسب أنفسنا ونسألها.. إلى متى؟ ومع المحاسبة نتذكر هادم اللذات ومفرق الجماعات ونعود إلى بارئنا وخالقنا... ونسأل الله الهداية فهو الهادي إلى سواء السبيل وبيده كل شيء؛ فهو مالك الملك المتصرف في العباد الحي القيوم سبحانه. شاهدت الكثير من الحوادث التي تصيب الناس وعندما تفكرت فيها بصرت بحكمة الله في خلقه حين ابتلاهم فمن صبر ظفر ومن تضجر خسر.. والخسارة ليست دنيوية فحسب إنما هي خسارة الدارين الأولى الفانية والآخرة الباقية.. لابد أن نعرف أن الله قريب من المحسنين فمراتبهم تعلو ومحبتهم تزيد لخالقهم ومحبوهم يتزايدون يوماً بعد يوم؛ لأن معدنهم أصيل ونفسهم طويل فجميعهم يعلم أن الحياة قصيرة والأمل طويل، جميعهم يشتري الباقي بالفاني فهمهم (بفتح الهاء وضم الواو) لم يكن أنفسهم فحسب.. بل كان همهم هو هم المجتمع وسعادتهم في خدمة غيرهم وكسبهم هو بذلهم وعطاؤهم لأنهم شرفاء شامخون يحبون أن يعطوا قبل أن يأخذوا ولا يقبلوا أكثر من حقهم مهما كانت الأسباب لأن إيمانهم بمصرِّفهم لا يشوبه أي شك.. ويقينهم بمآلهم هو الرادع لشواتهم وملذاتهم. الله أكبر، الله أكبر، ما أجمل الحياة بمعناها الحقيقي، التي نجدها ونحسها في حياة الأنبياء، إنها حياة الزهد والتعاون والإخاء في الله جعل الله حياتنا ومماتنا خالصة لوجهه الكريم.. إن حياة الله هي حياة النصر والعز والسؤدد والبقاء.. حياة الله هي حياة البلاء والمحن فكل ما حولنا ابتلاءات فغناؤنا ابتلاء لنا بمالنا وفقرنا كذلك.. فالغني ابتلاه الله بالفقراء من حوله: هل يحسن إليهم أم لا؟ والفقراء ابتلاهم الله كذلك بالأغنياء من حولهم: هل يكفون عن السؤال ويعزون أنفسهم بما وهبهم الله أم لا؟ كذلك العلماء والجهلة.. والأقوياء والضعفاء ... الخ، صدقوني هذه الحياة كلها ابتلاءات من الله لعباده ليبين الخبيث من الطيب، ويبين المؤمن من المنافق ويبين المجاهد من القاعد.. اسأل الله العون لي ولكم في جميع الأمور الدينية والدنيوية. الحياة ليست مجموعة أمنيات نجمعها أو نتخيلها كما نريد.. لا إنها أصعب من ذلك.. فليس كل ما نريده نستطيع إدراكه أو حتى الوصول إلى جزء منه لأن إرادتنا ومشيئتنا تابعة لإرادة ومشيئة الله عز وجل. الحياة ليست لعبة بين يدينا نوجهها ونتصرف فيها كما نريد.. بل هي الكفاح والجهاد ويجب أن يكون كفاحنا وجهادنا لله عز وجل دون سواه. بدأنا أطفالا ثم صرنا شباباً وها نحن مقدمون على الكهولة والشيخوخة التي ليس بعدها سوى المصير المحتوم والنهاية من الدنيا.. إن لم يكن قبلها نسأل الله حسن الختام. [email protected]