عندما قاربت شمس النهار على المغيب.. بدأ الليل في إسدال ستاره.. وأخذت المباني الشاهقة تنطفئ أضواؤها بالتدريج معلنة عن نهاية يوم من الأيام وتناثرت عقود النجوم متلألئة في كبد السماء.. هناك وفي صمت السكون ظهر شيء غريب، حوله نور ساطع، له شعاع بريء ولون معطاء، والأغرب من ذلك له أنين متقطع بل صراخ مكبوت.. اقتربت منه وأطرافي ترتجف من الهلع اقتربت واقتربت.. يا إلهي هذا هو؟! منذ أن ظهرت على هذه الحياة وأنا أهوى ملاطفته والتعامل معه.. دوماً يبهرني عندما يشق ضيق الصمت ليفيض على صدري بالتراتيل.. فهو من علمني كيف يكون في صمتي سلاح وكيف أرتوي بهدوء مرارة الأيام.. هو من علمني ألا أجزع لما ينتابني في هذه الحياة.. وأن أوطن نفسي على تغير الزمان وتبدل الخلان.. هو من علمني أن الأيام والليالي حبلى بالعجائب والغرائب.. وأن مفتاح محبة الأشخاص لي هو الإخلاص.. ولكن!! لما تئن يا قلمي؟!.. ردّ بخنوع وقال: ما هذه الحياة إلا هم وأحزان.. فأنا لا أستطيع أن أكتب لك كل ما تريدين لذلك أنا عاجز عن وصف إنسانيتك المفقودة.. ألمثلي يقال هذا؟! إنسل يا قلمي من بين أوراقي.. لا أريد أن أراك بعد اليوم.. ولا أسمع لك صريراً على أسطري.. لا تتوسل كي تعود إلي فلن أقبل منك ذلك.. ارحل إلى حيث لا أراك.. وإن جار علي الزمان أرجوك أكتب بين صفحاته وعلى أسطر التاريخ بالذات (قصة اغتيال مشاعر أحرقت في وهج الذكريات.. عذراً يا قلمي إن جاءت كلماتي بهذه الحدة وذلك العنف فأنا مجبرة لأن أقول ضقت ذرعاً بك.. فلا أظن بعد هذا أنك ستبقى مع إنسانة لا تستطيع أن تحقق لها ما تريد.. وإن بقيت فستكون بلا عمل وستهجرك وتبقى للزمان أسطورة لا تنسى عنوانها (قلم أصم) قف يا قلمي!! وقبل أن ترحل أود أن أقول لك شيئاً.. اكتب ما تريد.. وإياك.. إياك أن تنثر حروف الألم والأحزان على أسطر الزمان.. - حروف وكلمات للمشاعر..!! عذراً يا أنت.. ليس لدي ما أكتب به.. لقد رحل.. نعم رحل قلمي.. وإن قلبي ليتقطع حين أنطقها.. فأنا التي طلبت منه ذلك. عذراً أيتها المشاعر.. أعلم أن هذا ما يحزنك لأنك ستصبحين من بعد مشاعر خرساء.. وستلفين في مهاد الزمان.. وتبقين كطفلة يتيمة تبحث عمن يعطيها الأمان.. وسط زحام الأنام. عذراً أيها المشاعر.. فالمكان ما عاد يتسع لطيفنا معاً.. فأنا مضطرة لأن أهاجر فالأرض ليست أرضي.. والناس ليسوا أحبائي.. سأهاجر.. ولكن لا تسأليني إلى أين؟! لأنني لا أعلم إلى أين سأذهب.. ولربما علمت فلن أخبرك.. ما فائدة مشاعر لا أحد يحس بها ولا يقدرها.. لا.. وفوق ذلك أضحت الآن بلا قلم.. وإن أخبرتك فلن تذهبي معي لأن المكان الذي سأؤل إليه.. لا مكان لك فيه ولا زمان.. سأغادر إلى حيث اللاعقلاء.. لأنهم لا يملكون مشاعر وأحاسيس.. بل حتى أنهم لا يجيدون مسك القلم. - نصيحة قلم.. لا تتخيل كل الناس ملائكة، فستنهار أحلامك. ولا تجعل ثقتك بالناس عمياء فستبكي ذات يوم على سذاجتك * المرجع: كتاب أحلى الكلمات والعبارات