بدأت مساء أمس الأحد أولى جلسات الندوة العلمية، وقد ناقشت الجلسة التي كان موضوعها: (توثيق الأوقاف وإجراءاته القضائية) ثلاثة أبحاث: الأول بعنوان: (الأصول الشرعية لإثبات الأوقاف) للدكتور سعد بن تركي الخثلان، والثاني بعنوان: (توثيق الأوقاف نظرة تاريخية) للدكتور عبد الله بن محمد الحجيلي، والثالث بعنوان: (الأصول الإجرائية لإثبات الأوقاف نظرة نقدية) للشيخ عبد الله بن محمد آل خنين. البحث الأول وفي مستهل الجلسة- التي رأسها وكيل وزارة العدل الشيخ عبدالله اليحيى- قدم فضيلة الأستاذ المساعد بقسم الفقه بكلية الشريعة بالرياض الدكتور سعد بن تركي الخثلان بحثه الذي كان عنوانه: (الأصول الشرعية لإثبات الأوقاف) ، حيث قال: إن للوقف في الإسلام مكانة عظيمة ومقاماً رفيعا، وقد عده النبي صلى الله عليه وسلم مما يلحق المسلم أجره وثوابه بعد موته، ولذلك فقد اهتم به المسلمون قديماً وحديثاً، فأولوه عناية فائقة وكان محل رعاية دائمة متواصلة...، ومما اعتنى به المسلمون: إثبات الأوقاف إدراكاً منهم لأهمية ذلك في حفظ الوقف واستمراره وبقاء الانتفاع به مدداً طويلة. وقد تكون هذا البحث من ثلاثة مباحث، المبحث الأول: إثبات الوقف: مفهومه، مشروعيته، أهميته، واشتمل على ثلاثة مطالب: المطلب الأول: مفهوم إثبات الوقف، والألفاظ ذات الصلة. المطلب الثاني: مشروعية إثبات الوقف. المطلب الثالث: أهمية إثبات الوقف والحكمة من مشروعيته. أما المبحث الثاني فكان عن صيغ ثبوت الوقف، وتناول فيه الباحث ثلاثة مطالب: المطلب الأول: ثبوت الوقف بالقول: وقسمه إلى قسمين: 1- ألفاظ الوقف الصريحة 2- ألفاظ الوقف الكنائية، والمطلب الثاني: ثبوت الوقف بالفعل، والمطلب الثالث: شروط صيغة الوقف. فيما تناول الدكتور الخثلان في المبحث الثالث من بحثه طرق إثبات الوقف، حيث اشتمل على خمسة مطالب: المطب الأول: إثبات الوقف بالشهادة. المطلب الثاني: إثبات الوقف بالإقرار. المطلب الثالث: إثبات الوقف بالاستفاضة المطلب الرابع: إثبات الوقف بالكتابة. المطلب الخامس: إثبات الوقف باليمين والنكول عنها. المطلب السادس: حكم الحاكم وأثره في لزوم الوقف. وخلص الدكتور الخثلان في بحثه إلى القول: إن إثبات الوقف يراد به توثيقه بكتابته حماية له من أن يتعدى عليه فتكتب وثيقة بالوقفية ويثبت فيها أصل الوقف وشروط الواقف وتفاصيله، وقد يراد بإثبات الوقف: إقامة الحجة أمام القضاء عند وقوع الخصومة في عين يدعى وقفيتها بإثبات ذلك الوقف، وأن مشروعية إثبات الوقف، وأول وثيقة وقفية في الإسلام هي وثيقة وقف عمر رضي الله عنه. وشدد في هذا السياق إلى أن العناية بإثبات الوقف وتوثيقه من أكبر أسباب بقائه واستمرار الانتفاع به مدداً طويلة، وأن الوقف يثبت بألفاظه الصريحة (وقفت، وحبست، وسلبت) من غير انضمام أمرٍ زائد إليها، ويثبت بألفاظ الكناية وهي ما تحتمل معنى الوقف وغيره إذا نوى بها الوقف أو انضم إليها لفظ صريح أو وصف للوقف، كما يثبت الوقف بالفعل الدال عليه، كما يشترط لصيغة الوقف ألا تقترن بشرط مؤثر على أصل الوقف كأن يقف بشرط أن يبيع متى شاء فلا يصح الوقف حينئذ كما يشترط أن تكون الصيغة مؤبدة فلا يصح أن تكون مؤقتة بمدة معينة، وأن جمهور الفقهاء اشترطوا أن تكون الصيغة منجزة فلا تكون معلقة على شرط في المستقبل وترجح للباحث عدم اشتراط هذا الشرط وأن الوقف يصح مع تعليقه على شرط في المستقبل، كما اشترط بعض الفقهاء تعيين المصرف في صيغة الوقف، وترجح للباحث عدم اشتراط هذا الشرط. وأبان الباحث أنه يلزم الوقف بحكم الحاكم عند جميع الفقهاء فليس للواقف الرجوع عنه أو التصرف فيه ببيع ونحوه، وأنه إذا أقر الواقف بالوقف في حال صحته يثبت الوقف بإقراره، ويثبت كذلك بإقراره في حال مرض الموت إلا أنه يعتبر في ثلث ماله، وإذا أقر ورثة الواقف بأن مورثهم قد وقف مالاً يصح الإقرار وثبت به الوقف، وأما إقرار الأجنبي فلا يعتد به إلا إذا كان الوقف في يده، مشيراً إلى أن الوقف يثبت بشهادة رجلين أو رجل وامرأتين، ولا تفتقر الشهادة في الوقف إلى تقدم الدعوى إلا إذا كان الوقف على معين، وأنه يثبت الوقف بالكتابة إذا حصل العلم بنسبة الخط إلى كاتبه، كما يثبت بمجرد وجود عبارة (وقف) أو (حبس) ونحوهما مكتوبة على الدابة أو الدار ونحوهما مع عدم وجود المعارضة المستندة إلى البينة، يثبت الوقف بلا شهادة على الاستفاضة ويشترط لذلك سماع الشاهد للمشهود به من عدد كثير يحصل به العلم، ويثبت الوقف كذلك بشاهد ويمين، كما يثبت بالنكول مع رد اليمين على المتولي إذا كان قد باشر سبب ذلك بنفسه وكان مدعيا، كما يحكم عليه بالنكول إذا كان مدعى عليه وكانت الدعوى ناشئة عن تصرف واقع من قبل المتولي نفسه بعد ردّ اليمين على المدعي. وأوصى عضو هيئة التدريس بكلية الشريعة بالرياض - في ختام بحثه- بإبراز أهمية إثبات الأوقاف وأثر ذلك في حفظ الوقف وبقائه واستمراره مدداً طويلة مبيناً أن من أبرز أسباب انقطاع كثير من الأوقاف وضياعها قلة العناية بإثباتها وتوثيقها..، ويكون إبراز ذلك من الخطباء والعلماء والدعاة في الدروس والمحاضرات والخطب وفي وسائل الإعلام المقروءة والمسموعة والمرئية، كما أوصى بعقد ندوات متخصصة في إثبات الأوقاف وأهميتها وما يتعلق بها من أحكام. وأوصى الباحث أيضاً بأن تقوم وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد بحث الناس على إثبات الأوقاف الضائعة أو المنقطعة، وذلك بالإدلاء بشهاداتهم لدى الجهات المختصة ووضع الآلية المناسبة لتذكير الناس من حين لآخر بذلك. البحث الثاني وقدم البحث الثاني في هذه الجلسة الدكتور عبد الله بن محمد الحجيلي عضو هيئة التدريس بكلية الشريعة بالجامعة الإسلامية بالمدينةالمنورة: (توثيق الأوقاف نظرة تاريخية) وكان عن وقف الخليفة الراشد عثمان بن عفان المعروف (بئر رومة) دراسة تاريخية، حديثية، فقهية، وثائقية. فقال مستهلا بحثه: الحمد لله الذي جعل الصدقة قرينة الصلاة في كتابه، وحض عليها نبيه الكريم في بيانه، وجعل الرجل تحت ظل صدقته يوم حسابه، وجعل الصدقة الجارية من الأوقاف الجليلة، التي تستمر الأعوام الطويلة، والدهور المتتابعة، فتكون أجرا مستمراً في الحياة الدنيا، وذخراً مدخراً في الحياة الآخرة، ومن أجل الوقوف الباقية إلى هذا الزمان، وقف الخليفة الراشد عثمان رضي الله عنه المعروفة في الماضي والحاضر (بئر رومة) ، فقد بذل فيها الخليفة الراشد خالص ماله، والمال قرين النفس. سارع في شرائها يبتغي بها الله والدار الآخرة، فعاجله النبي صلى الله عليه وسلم ببشرى عاجلة، عين ثراء في جنة الخلد. وأشار الدكتور الحجيلي إلى أنه رغم مرور العصور وتغير الأزمان، وتبدل الدول، بقي هذا الوقف شاهد عدل على المسابقة في الصالحات، من هؤلاء الصفوة، خير الناس بعد الأنبياء والرسل، صحابة المصطفى صلى الله عليه وسلم، فكل واحد منهم كان له مال كانت له صدقة معلومة، ووقفية مكتوبة، ولكن الكثير منها زالت أعيانه وبقي وصفه في السطور، وبطون الكتب، ومع مرور الزمن أصبحت تلك الآبار التي شرب منها المصطفى مقصد زوار المدينةالمنورة، لينهلوا منها كما نهل، ويشربوا منها كما شرب، حتى أضحت في عصر متقدم-كما ذكر ذلك الإمام ابن سعد في طبقاته - تسمى: (آبار النبي صلى الله عليه وسلم) . وأبان أن من أجل تلك الآبار ذكراً، وأشهرها فخرا، بئر عثمان رضي الله عنه التي عددها كل من ترجم له منقبة من مناقبه العظمى، وشهد له بذلك جمع من صحابة النبي صلى الله عليه وسلم بعد وفاته، لأنه اشتراها في وقت اشتدت الحاجة إليها، لقلة الماء العذب مع الاحتكار الذي فرضه مالكها قبل الشرب منها، فندب النبي صلى الله عليه وسلم الصحابةَ لشرائها وفيهم الغني والفقير فكان السابق عثمان رضي الله عنه ، والثمن غالٍ عين في جنة الخلد، فأنعم بالشاري والمُشتري، والثمن الغالي، المبشر به، المشهود عليه، مشيراً إلى أن البئر قد تعرضت عبر العصور الإسلامية إلى الهدم وعدم الاعتناء إلى أن انضمت المدينةالمنورة تحت لواء الملك عبد العزيز -رحمه الله- سنة 1344ه، فتولت إدارة الأوقاف الإشراف عليها، وكانت قبل ذلك مهملة، عبارة عن بئر وعرصة وبركة ومرابط، فأجرتها على مجموعة من مزارعي المدينة، فقاموا بزراعتها خير قيام، حتى تولت النظر عليها والقيام بها وزارة الزراعة بموجب عقد مبرم بينها وبين وزارة الأوقاف حينذاك فنمتها أحسن تنمية ولا زالت كذلك إلى اليوم. بعد ذلك بدأ الباحث في استعراض ما جاء في البحث الذي تكون من: ثلاثة فصول، وعدة مباحث، حيث تضمن الفصل الأول: مدخل تمهيدي عن الوقف والتوثيق في عصر الصحابة وفيه مبحثان: المبحث الأول: عناية الصحابة بالأوقاف، وفيه ثلاثة مطالب: المطلب الأول: التعريفات اللغوية والاصطلاحية للوقف، المطلب الثاني: أنواع الوقف، المطلب الثالث: عناية الصحابة بالأوقاف. والمبحث الثاني عن عناية الصحابة بالتوثيق. وفيه أربعة مطالب: المطلب الأول: التعريفات اللغوية والاصطلاحية للتوثيق، المطلب الثاني: أنواع التوثيق، المطلب الثالث: عناية الصحابة بتوثيق الأوقاف، المطلب الرابع: نصوص مقتطفة من وقفيات الصحابة رضوان الله عليهم. أما الفصل الثاني، فتناول الباحث فيه: دراسة علمية عن بئر رومة وقف الخليفة الراشد عثمان بن عفان دراسة تاريخية، حديثية، فقهية، وفيه ثلاثة مباحث: المبحث الأول: تاريخ بئر رومة (وقف عثمان رضي الله عنه من العصر الجاهلي إلى عصرنا الحاضر، المبحث الثاني: الأحاديث النبوية الواردة في (بئر رومة) وقف الخليفة الراشد عثمان بن عفان رضي الله عنه ، المبحث الثالث: الفوائد الفقهية المستخرجة من الأحاديث النبوية الواردة في (بئر رومة وقف الخليفة الراشد عثمان بن عفان رضي الله عنه). وفي الفصل الثالث، تناول الباحث نصوص وثائق (وقف الخليفة الراشد عثمان بن عفان رضي الله عنه (بئر رومة) ودراستها والتعليق عليها، وفيه ثلاثة مباحث: المبحث الأول: نصوص صكوك ووثائق وإثباتات وقف الخليفة الراشد عثمان بن عفان رضي الله عنه (بئر رومة) . المبحث الثاني: الدراسة الوثائقية للوثائق والصكوك والتعليق عليها، المبحث الثالث: الدراسة القضائية للوثائق والصكوك والتعليق عليها. وخلص البحث إلى أنه وصل إلى عصرنا الحاضر بعض الوقفيات كاملة النص كوقفية عمر بن الخطاب وهي من أصح النصوص الوقفية التي وصلت إلى عصرنا، وكذلك نص وقفية عثمان التي رواها الخصاف، ونص وقفية علي بن أبي طالب التي رواها ابن شبة، ونص وقفية سعد بن أبي وقاص، رضوان الله عليهم أجمعين. وقال الباحث في بحثه: إن أغلب الصحابة رضوان الله عليهم كتبوا وقفياتهم. وقد يذكر اسم الكاتب كما في وقفية عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، وعثمان وعلي، رضي الله عنهما، وقد لا يذكر إلا على سبيل الإجمال (وكتب صدقته) ونحو هذا، وأن كثيراً من الصحابة - رضوان الله عليهم- كتب كتابة على منوال وقفية عمر بن الخطاب، فهذا زيد بن ثابت كتب صدقة على كتاب عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وغيره جمع من الصحابة، وأن الصحابة رضوان الله عليهم وثقوا جميع وقفياتهم بالكتابة والإشهاد، وبعدد وافر من الشهود، كما فعل عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وغيره من الصحابة. وأشار الدكتور الحجيلي إلى أن تدوين الوقفية كان له الأثر العظيم في حفظ الوقف، فقد يقع النزاع فيه بعد موت الواقف، وقد تنازع بعض أبناء الصحابة رضي الله عنهم، فلجؤوا إلى الأمراء وبأيديهم الصكوك الوقفية والشهود، فحكم بما في الصكوك الشرعية، وهذا مثال، قال الخصاف: (إن بعض ورثة سعد بن أبي وقاص أرادوا جعل وقفه ميراثاً، فاختصموا إلى مروان بن الحكم- والي المدينة في عصر بني أمية- فجمع لها أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فأنفذها على ما صنع سعد رضي الله عنه، مؤكداً أن كل الوقفيات التي نقلت عن الصحابة رضي الله عنهم تضمنت أنهم نصوا على نوع الوقف عامّاً كان أم خاصاً، وهذا واضح جلي من خلال النصوص التي تضمنتها الوقفيات، وكلهم نصوا على أنها وقف، سواء كان عاماً أو خاصا بقولهم: (حبسا لا تباع ولا توهب ولا تورث) . والبعض يذكر من يؤول إليه الوقف بعد زوال الموقف عليهم، مشيراً إلى أن بعض الصحابة قد يذكر ناظر الوقف في صك الوقف كما فعل عمر بن الخطاب، وعثمان بن عفان، وعلي بن أبي طالب، والبعض الآخر من صحابة رسول الله رضي الله عنهم لا يذكر الناظر. وانتهى الباحث إلى القول: إنه لا يشترط في الموقوف عليه أن يكون قريباً جداً من الموقف عليه أو أنه لا بد أن يكون بحسب سلالة النسب المعروفة، بل لصاحب الوقف أن يعطي القريب والبعيد على درجة سواء، فالوقف يجوز فيه التفاضل، ويجوز فيه تخطي القريب إلى البعيد. البحث الثالث أما البحث الثالث في هذه الجلسة فكان بعنوان: (الأُصُول الإجْرَائيَّة لإِثْبَات الأَوْقَاف) لفضيلة الشيخ عبد الله بن محمد آل خنين القاضي بمحكمة التمييز بالرياض، والأستاذ بالمعهد العالي للقضاء وخبير الفقه والقضاء الشرعي بجامعة الدول العربية الذي استهل فضيلته البحث بالتأكيد على أن الأوقاف لها أهميَّة كبيرة ومكانة عظيمة، والاعتناء بالأصول الإجرائيَّة لإثباتها هو فرع هذه المكانة التي لها؛ وذلك حتى تتمّ على وجه الصحّة والإتقان، موافقةً لأصول الشريعة، جاريةً على سنن نظم التوثيق ورسومه، فيصونها ذلك عن البطلان أو الجحود والنكران، فتؤتي ثمارها، وتحقق أغراضها وأهدافها في المثوبة الجارية للموقِف والنفع فيما صُرف عليه غلالها. ففي المبحث الأول من بحثه، عَرّف الباحث مفردات عنوان البحث، وعناية القضاء الإسلامي بالأوقاف وإثباتها. وفيه أربعة مطالب: المطلب الأول: التعريف بمفردات عنوان البحث، والمطلب الثاني: مشروعيَّة إثبات الأوقاف، والأصول الإجرائيَّة لإثباتها، المطلب الثالث: عناية القضاء الإسلامي بإجراءات إثبات الأوقاف، المطلب الرابع، أنواع توثيق الأوقاف وإثباتِها، بينما تناول في المبحث الثاني موضوع الأوراق العاديَّة لإثبات الأوقاف، وحجيَّتها. وفي المبحث الثالث تحدث فضيلته عن تسجيل إثبات عقار الوقف بالاستحكام. وفيه مطلبان: المطلب الأول: المراد بالاستحكام، وموجبات إثبات عقار الوقف بالاستحكام. المطلب الثاني: إجراءات إثبات عقار الوقف بالاستحكام. أما المبحث الرابع: فتناول فيه تسجيل إنشاء الوقف ولائيّاً، وفيه ثلاثة مطالب: المطلب الأول: الشروط العامّة لتسجيل إنشاء الوقف، المطلب الثاني: عُمَد تسجيل إنشاء الوقف، المطلب الثالث: الشروط الإجرائيَّة لتسجيل إنشاء وقف عقار، فيما تناول في المبحث الخامس مسألة الاختصاص في إثبات الوقف. وفيه خمسة مطالب: المطلب الأول: تعريف الاختصاص، وأنواعه، وطرقه، المطلب الثاني: الاختصاص الدولي لإثبات عقار الوقف، المطلب الثالث: الاختصاص الولائي لإثبات الوقف. المطلب الرابع: الاختصاص المكاني لإثبات الوقف. المطلب الخامس: الاختصاص النوعي لإثبات الوقف، وفي المبحث السادس تناول الباحث مسألة رفع طلب إثبات الوقف، وفيه ثلاثة مطالب، المطلب الأول: طريقة رفع طلب إثبات الوقف، المطلب الثاني: طلب إثبات الوقف، المطلب الثالث: حفظ طلب إثبات الوقف وشطبه. وتناول الشيخ آل خنين في المبحث السابع مسألة إصدار الإثبات للوقف. وفيه خمسة مطالب، المطلب الأول: المراد بإصدار إثبات الوقف، المطلب الثاني: الثبوت المحض، وحجيّته، المطلب الثالث: الحكم بالموجب أو الصحة لإثبات الوقف، المطلب الرابع: تسبيب ثبوت الوقف، المطلب الخامس، تفسير إثبات الوقف. المبحث الثامن: كتابة محضر إثبات الوقف، وفيه ستّة مطالب، المطلب الأول: مشروعيَّة الديوان القضائي، المطلب الثاني: فوائد تدوين إثبات الوقف، المطلب الثالث: محضر إثبات الوقف، وصكّه، وسجلّه، المطلب الرابع: حجيَّة صكوك إثبات الوقف، المطلب الخامس: لغة المحاضر والسجلاّت. المطلب السادس: تصحيح ما يقع في محضر الوقف وصكّه. وخلص الباحث إلى ثبوت مشروعيَّة إثبات الأوقاف والإجراءات اللازمة لها في الكتاب الكريم، والسنة النبويَّة المشرّفة، وعمل المسلمين منذ عهد النبي صلى الله عليه وسلم حتى يومنا هذا، وكان للقضاء الإسلامي عناية بذلك، ويكون توثيق الأوقاف بالأوراق العاديَّة، لكنها لا تكون حجّة بذاتها، بل وسيلة للإثبات أمام القضاء متى كانت الكتابة مستبينةً ومرسومة على الوجه المعتاد وثبتت نسبتها إلى كاتبها على وجه يوثق بها خاليةً من التزوير والتغيير الذي يخلّ بالثقة فيها ونسبتها إلى كاتبها. وقال: إنه يجري تسجيل إنشاء الوقف بالإقرار به لدى الموثّق المختصّ متى ملكه صاحبه ملكاً صحيحاً، ومن ذلك: إذا كان عقارا ثبتت ملكيَّته للموقف بموجب صكّ شرعيّ مستكمل للإجراءات الشرعيَّة والنظاميَّة، كما يجري تسجيل إثبات عقار الوقف إذا لم يكن عليه حجّة عن طريق تسجيله بحجّة استحكام طبقا للإجراءات المقرّرة في حجج الاستحكام. وفي نفس السياق، أكد الباحث أنه يجب أن يُراعى عند تسجيل الوقف بإنشائه لدى الموثق المختصّ أو إثبات عقاره بحجّة استحكام الاختصاصُ الدولي والولائيّ والمحليّ والنوعيّ مما هو مبينٌ في المبحث الخامس من هذا البحث، وأن تكون صكوك إثبات الوقف بإنشاء الإقرار به وصكوك إثبات عقاره بحجّة استحكام حجةً متى صدرت مستوفيةً للإجراءات المقرّرة شرعاً ونظاماً من كون محرِّرها موظّفاً حكوميّاً وحرَّرها في مجال عمله طبقا للإجراءات المقرّرة، ولا يمنع ذلك من سماع الدعوى بالحق متى وجدت، ولا من التحقق فيما يلابسها من شائبة التزوير أو المخالفة الشرعيَّة أو النظاميَّة عند الاقتضاء. وبيّن الباحث أن طلب إثبات الوقف يقدم إلى الدائرة المختصّة، كتابةً ثم يحال إلى الموثّق المختصّ؛ ليقوم بكافة الإجراءات اللازمة لإنشاء الوقف أو إثباته، ويقوم الموثق المختصّ بإصدار إثبات الوقف بعد استيفاء ما يلزم لذلك، ومن ثمّ ينظّم صكه، وإذا أحاط بالإثبات غموضٌ أو لبْسٌ جاز للقاضي من تلقاء نفسه، أو لطالب الوقف، أو مَنْ يسري عليه أثره طلب تفسيره، وعلى القاضي الذي أصدره أن يفسّر ما فيه من لَبْسٍ أو غموض، ويعدّ التفسير متمّماً للإثبات الأصلي، ويسري عليه ما يسري على الحكم الأصلي من القواعد الخاصّة بالاعتراض على الأحكام. وأشار الشيخ عبد الله آل خنين - في ختام بحثه- إلى أنه إذا وقع في محضر الإنهاء بالوقف أخطاء ماديَّة بحتةٌ كتابيَّة أو حسابيَّة فإنه يجري تصحيحها في موضعها بشطبها بشكل يمكن معه قراءة ما شطب والإشارة إلى ذلك على هامش الضبط وأخذ توقيعات من نُسِبَت الإفادة إليه، ومن تؤثر في مصلحته، والكاتب، والقاضي، أما بعد الحكم وتنظيم الصَكّ، فيكون التصحيح من القاضي من تلقاء نفسه أو بناءً على طلب طرف الإنهاء، أو من يجري عليه أثر التصحيح بعد اتخاذ قرارٍ بذلك، ويلحق التصحيح على الضبط والصكّ وسجله، ولمن يضارّ بالتصحيح الاعتراض عليه بالتمييز.