الأخضر يواصل تدريباته استعدادا لمواجهة العراق في خليجي 26    نوتينغهام يواصل تألقه بفوز رابع على التوالي في الدوري الإنجليزي    في أدبي جازان.. الدوسري واليامي تختتمان الجولة الأولى من فعاليات الشتاء بذكرى وتحت جنح الظلام    طارق السعيد يكتب..من المسؤول عن تخبطات هيرفي؟    عمومية كأس الخليج العربي تعتمد استضافة السعودية ل"خليجي 27″    السلطات الجديدة في سوريا تطلق عملية بطرطوس لملاحقة «فلول النظام المخلوع»    وزارة الثقافة تُطلق المهرجان الختامي لعام الإبل 2024 في الرياض    بموافقة الملك.. منح وسام الملك عبد العزيز من الدرجة الثالثة ل 200 متبرع ومتبرعة بالأعضاء    السعودية: نستنكر الانتهاكات الإسرائيلية واقتحام باحة المسجد الأقصى والتوغل جنوب سورية    الجيش اللبناني يتهم الاحتلال الإسرائيلي بخرق الاتفاق والتوغل في مناطق جنوب البلاد    أسبوع أبوظبي للاستدامة: منصة عالمية لبناء مستقبل أكثر استدامة    مدرب قطر يُبرر الاعتماد على الشباب    وزير الشؤون الإسلامية يلتقي كبار ضيوف برنامج خادم الحرمين الشريفين للعمرة والزيارة    تدخل جراحي عاجل ينقذ مريضاً من شلل دائم في عنيزة    وزير الخارجية يصل الكويت للمشاركة في الاجتماع الاستثنائي ال (46) للمجلس الوزاري لمجلس التعاون    الإحصاء: إيرادات القطاع غير الربحي في السعودية بلغت 54.4 مليار ريال لعام 2023م    السعودية رئيسًا للمنظمة العربية للأجهزة العليا للرقابة المالية والمحاسبة "الأرابوساي" للفترة ( 2025 - 2028 )    الذهب يرتفع بفضل ضعف الدولار والاضطرابات الجيوسياسية    استمرار هطول أمطار رعدية على عدد من مناطق المملكة    استخدام الجوال يتصدّر مسببات الحوادث المرورية بمنطقة تبوك    الفكر الإبداعي يقود الذكاء الاصطناعي    «الإحصاء»: 12.7% ارتفاع صادرات السعودية غير النفطية    بلادنا تودع ابنها البار الشيخ عبدالله العلي النعيم    حملة «إغاثة غزة» تتجاوز 703 ملايين ريال    وطن الأفراح    "الثقافة" تطلق أربع خدمات جديدة في منصة الابتعاث الثقافي    "الثقافة" و"الأوقاف" توقعان مذكرة تفاهم في المجالات ذات الاهتمام المشترك    أهازيج أهالي العلا تعلن مربعانية الشتاء    المملكة ترحب بالعالم    حلاوةُ ولاةِ الأمر    شرائح المستقبل واستعادة القدرات المفقودة    نجران: «الإسعاف الجوي» ينقل مصاباً بحادث انقلاب في «سلطانة»    63% من المعتمرين يفضلون التسوق بالمدينة المنورة    أمير نجران يواسي أسرة ابن نمشان    منع تسويق 1.9 طن مواد غذائية فاسدة في جدة    العناكب وسرطان البحر.. تعالج سرطان الجلد    «كانسيلو وكيسيه» ينافسان على أفضل هدف في النخبة الآسيوية    لمن لا يحب كرة القدم" كأس العالم 2034″    واتساب تطلق ميزة مسح المستندات لهواتف آيفون    المأمول من بعثاتنا الدبلوماسية    اطلاع قطاع الأعمال على الفرص المتاحة بمنطقة المدينة    مسابقة المهارات    تدشين "دجِيرَة البركة" للكاتب حلواني    نقوش ميدان عام تؤصل لقرية أثرية بالأحساء    ما هكذا تورد الإبل يا سعد    الزهراني وبن غله يحتفلان بزواج وليد    أفراحنا إلى أين؟    آل الشيخ يلتقي ضيوف برنامج خادم الحرمين للعمرة والزيارة    الدرعان يُتوَّج بجائزة العمل التطوعي    أسرتا ناجي والعمري تحتفلان بزفاف المهندس محمود    فرضية الطائرة وجاهزية المطار !    اكتشاف سناجب «آكلة للحوم»    دور العلوم والتكنولوجيا في الحد من الضرر    خادم الحرمين وولي العهد يعزّيان رئيس أذربيجان في ضحايا حادث تحطم الطائرة    منتجع شرعان.. أيقونة سياحية في قلب العلا تحت إشراف ولي العهد    مفوض الإفتاء بجازان: "التعليم مسؤولية توجيه الأفكار نحو العقيدة الصحيحة وحماية المجتمع من الفكر الدخيل"    نائب أمير منطقة مكة يطلع على الأعمال والمشاريع التطويرية    إطلاق 66 كائناً مهدداً بالانقراض في محمية الملك خالد الملكية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الأمن قضية مشتركة ومسؤولية جماعية وواجب وطني
المواطنون يتحدثون عن دورهم في حفظ الأمن والاستقرار
نشر في الجزيرة يوم 18 - 02 - 2005

أبرزت الأحداث التي مرت بها بلادنا حجم الثقة الكبير التي جددت تأكيدها الأجهزة الأمنية بجنودها البواسل حينما تصدت بكفاءة عالية للمحاولات الحثيثة التي بدرت متكررة من قبل الفئة الضالة لاختراق دائرة الأمن والأمان اللذين ينعم بهما بفضل الله ومنته وطننا المترامي الأطراف، يجمعه الحب والوئام بين قيادته ومواطنيه، الأمر الذي بنى حصن أدواته التماسك بين المواطن والمسؤول الذي يرفض كل فكر دخيل يحاول زعزعة أو حتى خدش إطار المسيرة المظفرة بإذن الله نحو البناء والتطوير.
****
و(الجزيرة) بنت قناعة لدى قرائها حيث تكون دوماً هي المرآة التي تعكس التفاصيل والمجريات من قلب الحدث.. تقدم اليوم دلالة جديدة على مقدار البون الشاسع بين محاولات النيل من رؤية المواطن وفطنته لما يحاك ضد وطنه وأرضه الطاهرة وبين إدراكه الكامل لأسرار وحقيقة تلك السهام.. عبر وجهات النظر المتباينة برؤيتها والتي تتفق على أن وطننا بخير ما دامت هذه قناعة مواطنيه حول أهمية دورهم في الحفاظ على أمنه واستقراره:
ضرورة الأمن
في البداية يؤكد الأستاذ علي بن سليمان الحجي مدير مجمع الخدمات الصحية بمحافظة عنيزة على أهمية الأمن، حيث يرى أنه ضرورة اجتماعية وهو عامل من أبرز أسباب تكوين التجمعات البشرية.. ويضيف موضحاً كيفية بناء الأمن وتفعيله بقوله: الأمن قضية مشتركة بين أفراد المجتمع حتى ان هذا السياق لا يقتصر على بني البشر فحسب بل يتعدى ذلك ليشمل البيئات الحيوانية الأخرى. وهو على كلٍ يصبح أكثر إلحاحاً لدى التجمعات الإنسانية، ولكون المجتمع يستمد تكوينه البنائي من الفرد، فبالتالي هناك مسؤولية مباشرة تقع عليه طالما أنه هو المستفيد الأول من الغطاء الأمني.
وتعزز الأستاذة فاطمة بنت عثمان القاضي مديرة إدارة الإشراف التربوي بمحافظة عنيزة هذا التوجه، إذ ترى أن تحقيق الأمن والأخذ بأسباب الاستقرار قضية اجتماعية كبرى تشغل كل صاحب فكر نير ومجتمع متحضر وهو مسؤولية كل مواطن ومقيم يتفيأ ظلاله.. وتقول مدللة: إن الأمن قبل كل شيء أمر شرعي يترجم قوله تعالى: {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هََذَا بَلَدًا آمِنًا وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ}، إذ قدم بذلك الأمن على المأكل والمشرب.. وتستطرد قائلة: وتلاحم الشعب والقيادة واجتماع كلمتهم لتحقيق أهداف الأمة من أهم مقومات الأمن والاستقرار لقول المصطفى صلى الله عليه وسلم (مَنْ خرج من الطاعة وفارق الجماعة فمات، مات ميتة الجاهلية).
وحسب تعريف الأستاذة لولوة بنت عبدالله البادي مشرفة اللغة العربية يتوقف نمو المجتمعات وتقدمها وازدهارها على قواها البشرية.. وتوضح: إن الموارد البشرية لأي مجتمع هي ثروته الحقيقية وهي الدرع الواقي في حالات السلم وهي أيضاً المعول البناء في التنمية، كما أنها هي بعد الله السلاح الواقي عند الشدائد فموارد المجتمع مهما توافرت لا يمكن استغلالها الاستغلال الأمثل إلا بأيادي البشر من أبناء المجتمع ذاته.. ولا يحفى على الجميع ما يعصف بأمتنا وبلادنا من فتن وأزمات وجب معها أن نقف صفاً منيعاً للحيلولة دون انتشارها.
دور المواطن في حفظ الأمن
يربط الأستاذ صالح بن محمد القرعاوي مشرف تربية رياضية بين دور المواطن في حفظ أمن واستقرار بلاده وبين حبه لوطنه وهو ما يبلور - حسب قوله - أن يكون هذا الدور واجبا على كل مواطن ومواطنه لابد من القيام به بجميع السبل والوسائل المتاحة والممكنة سواء كان فكرياً أو مساهمة مادية أو ببذل الوقت والجهد من أجل الحفاظ على أمن وطنه خصوصاً إذا ما كان بلادنا الطيبة.. ويضيف قائلاً: أول ما يجب على المواطن حفظه هو ولاؤه لله عز وجل ثم للمليك والوطن الذي يتنفس هواءه ويعيش في كنفه وتحت ظلاله، ثم استشعار خصوصية هذه البلاد الطاهرة واختلافها عن بلدان العالم أجمع، كونها مهد الرسالات ومهبط الوحي، وبلاد الحرمين الشريفين، وهذا يتطلب منا فهم الإسلام فهماً صحيحاً واتخاذ الرسول عليه الصلاة والسلام قدوة في حل المشكلات وتعامله مع من خالفوه أثناء دعوته.. ويستطرد القرعاوي: والمتأمل لواقع الأمة الإسلامية اليوم يرى أن الواقع بحاجة لقراءة صحيحة وأنه من الضرورة بمكان التعايش مع الآخرين بسلام لما يتطلبه حالنا اليوم، ومن تعاليمنا الإسلامية إنزال ولاة الأمر والعلماء منزلتهم التي يستحقونها، والتعامل معهم بما يستحقونه، وكذلك تمثل الوسطية في التعامل مع الآخرين والرفق واللين في الدعوة.. ويضيف قائلاً: الفكر الذي يجب أن ينطلق منه المواطن لكي يحافظ على وطنه هو شعوره بأن مقدرات هذا الوطن العزيز ملك له وللأجيال القادمة، وأن المحافظة على أمن بلادنا هي بالتالي حفاظ على أرواحنا وممتلكاتنا ولذلك يجب عدم السماح لأي فكر دخيل بالنيل من هذه البلاد الطيبة ومن شرعها ومواطنيها لا بالقول ولا الفعل، وعدم الانجراف مع التيارات الفكرية الهدامة المعادية لنا حينما تظهر بعض السلبيات أو القصور في أدائنا.. كما يشدد القرعاوي على ضرورة التآلف بين أفراد المجتمع والتأكيد على اللحمة التي عهدناها وعرفنا بها والأخوة الصادقة من خلال الحوار الذي يظهر فيه حسن النية وأن الهدف مشترك لمصلحتنا ولمصلحة الأمة الإسلامية.
تعزيز الأمن
وحيثما خلص الأستاذ علي الحجي في تعريف أهمية الأمن حينما أكد أنه ضرورة يعود ليبين كيفية تعزيزها ويقول: نمت على مر العصور واجبات ومهام تهم طرفي المعادلة الأمنية كشراكة أزلية بين المواطن والدولة، والأمن في وقتنا الراهن لا يقتصر على مفهومه التقليدي بأبعاده الثلاثة ممثلة بأمن الجسد والعرض والمال على الرغم من كونها بكل تأكيد تأخذ الصدارة في سلم الأولويات الأمنية لأية مجتمع.. إلا أن المتغيرات العصرية وسعت الدائرة الأمنية لتشمل مفاهيم أخرى والتي بدورها أدت إلى تعددية أدوار المواطن مع آليات المساهمة في النطاق الأمني.. وأجاب الحجي عن التساؤل حول من عليه تقع المسؤولية أكثر من شرائح المجتمع؟.. بقوله: حينما نتحدث عن المواطن فهنا نعني كل فرد من أفراد المجتمع ممثلاً بكافة أطيافه وطبقاته ومراحله العمرية والتعليمية، ولذا فالمعني هنا على سبيل المثال لا الحصر المعلم والطبيب والطالب والمفكر ورجل الأعمال إلى ما هنالك من شرائح اجتماعية ذكوراً وإناثاً.
ويبرز المعلم هاني بن عبد الله الشبل وجهة النظر الإسلامية في الجانب الأمني ودور المواطن في الإسهام في تحقيقه.. عبر مداخلته التي يقول فيها: أتى الإسلام وأتى معه الخير وأمر بنشره ليسود الحب وتظهر الرحمة وتنتشر لتعم وتؤثر بالمجتمع، وحارب الشر بجميع أنواعه وصنوفه ومن يزرعه ويدعو إليه، وأقام عليه الحد الشرعي الرادع.. ويرى أن بالخير يسود الأمن في المجتمعات وتزيد أواصر المحبة ويقوى الترابط والتلاحم بين أفراده.
وحول دور المواطن في حفظ الأمن.. قال الشبل: حفظ الأمن والاستقرار وسلامة أفراد المجتمع كافة هي أهم واجبات رجال الأمن، ولكن جهودهم لن تؤتي ثمارها كاملة بإذن الله تعالى إلا بتضافر جهود أخرى من جميع فئات المجتمع وقطاعاته، وعلى كل مواطن تفهم وإدراك معنى الأمن وآثاره وما هي نتيجة انعدامه على أي مجتمع، وبعد ذلك سيدرك حجم المسؤولية التي تقع على عاتقه وضرورة أن يشارك ويتعاون مع الجميع بالتناصح والتواصي ونشر التوعية في مجتمعه.. وقد أمرنا الله بذلك بقوله تعالى {وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى}ولعل المتتبع لحالة ما تعيشه بعض بلاد العالم بسبب انعدام الأمن يدرك مدى أهميته للوطن ويعي مدى تأثير دوره الكبير كمواطن في المشاركة بالحفاظ على أمن بلاده، فالمجرم لن يتسنى له فعل ما يرجو ولن يدوم إجرامه إذا ما وجد مواطناً رافضاً محارباً له ولما يبدر منه.
وتشارك الأستاذة لولوة البادي في هذا المحور لتقول: يتجلى دور المواطن والمواطنة في حفظ الأمن والاستقرار في المجتمع حينما يتم تكوين المسلم الحق الذي يعيش زمانه في ضوء العقيدة والمبادئ التي يؤمن بها فهو قد سخر له من الله سبحانه ما في الكون وميزه بالفعل والإدراك وكلفه بمعرفة ربه ودعاه إلى الاعتبار بما بين يديه ومن خلفه من براهين ودلالات، ومن تكريم الله للإنسان أن شرع له الشرائع وبين له العقيدة ووضح له اسمها وأمره بحماية أمور أساسية أطلق عليها الضرورات الخمس وهي: (حفظ الدين، حفظ النفس، حفظ العقل، حفظ العرض، حفظ المال).. ومضت تقول: الأمن مطلب ملح تحتاج إليه المجتمعات حتى تستقر وتنمو وترتقي في سلم المجد والعلم والتقدم ولذا دعا خليل الله إبراهيم عليه السلام ربه بتوفير الأمن قبل توفير الرزق لأهمية الأمن في الحياة حيث يحقق الطمأنينة والعيش الهانئ والرضا في الدنيا فيتفرغ الناس لطلب الآخرة بالطاعة والعبادة وعمارة الأرض والسعي في مناكبها.
آليات المواطن في تجسيد الأمن
وعن الكيفية التي من خلالها يستطيعها المواطن فردياً في المقام الأول ومن ثم صهرها في بوتقة جماعية تعكس الوحدة الوطنية للوقوف في وجه التحديات التي تجابه قوة وصلابة الجدار الأمني لبلادنا العزيزة.. يقول الأستاذ علي الحجي عن ذلك: إن المواطن مناط به معرفة حقوقه وحقوق الآخرين وعلى هذه المنهجية يمكن التحكم والسيطرة واحتواء النزعات البشرية السلبية التي هي المسؤول الأول عن تفشي الجريمة وفساد الأخلاقيات، وعلى الفرد هنا أن يتبع سياسة فتح العيون وليس إغلاقها في كل ما يدور من حوله وعليه فتح قنوات الاتصال مع الجهات الرسمية المعنية بالأمر حيث لن يتحقق أمن الجميع بدون أن يجعل المواطن لنفسه دوراً مشاركاً ومكملاً لرجل الأمن.. وينتقل الحجي برؤيته إلى ناحية الأمن الفكري والعقائدي حيث يرى أنه ليس هناك من فكر إلا وله قطبان (المنظر والمتلقي) وكلاهما مواطن.. وللحيلولة دون التأثر والتأثير بجوانب سلبية وسط هذه المعادلة.. يقول: إن من حباه الله نعمة القدرات الذهنية عليه أن يسخرها لكي تتوافق مع الوسطية والاعتدالية بعيداً عن الانحراف أو التطرف وكذلك عدم تعزيز الفكر الأحادي ونبذ الآخر، وأيضاً على المواطن المتلقي عدم الانجراف أو التعاطف أو التعاطي مع هذه التوجهات وأن يكون على قدر من الحذر ابتداءً بنفسه وبمن حوله وأن يكون أيضاً على وعي تام بما تؤول إليه نتائج بعض الأطروحات والتي تحولت في الكثير من المجتمعات من لغة الكلام إلى لغة السهام.. كما ينبه الحجي إلى أهمية تحصين الذات ويعتبرها مطلبا مهما.. مشيراً إلى أن فرضية حسن النوايا لا يمكن تبنيها في كل الأوقات والأماكن.. ويوضح قائلاً: ليكن لدى المواطن الشجاعة الكافية لفحص وتدقيق ما يسمعه ويتلقاه بمنظار العقل وليس بمنظار العاطفة والانفعالات الوقتية، فأياً كان موقع المواطن فهو ملزم شرعياً وأدبياً وأخلاقياً في تحجيم وانتشار الفكر العقائدي الذي يخرج عن مظلة الإجماع والوفاق المتعلقين بالنسيج الوطني الذي يعكس معتقدات الغالبية الساحقة من المجتمع.
ويوجز الأستاذ صالح القرعاوي رؤيته في هذا الإطار بحثّ المواطنين على الإبلاغ عن أي شبهة قد تخل بأمن واستقرار الوطن والمواطنين مثل المنشورات أو الكتابات أو المشاركات بالفضائيات أو عن التحركات المريبة من الإرهابيين أو ممن يتعاون معهم.. ويقول عن ذلك أنه واجب شرعي على كل مواطن ومقيم.. ويختم بقوله: إن المواطنة الحقة هي مشاعر وأحاسيس يترجمها سلوكنا اليومي مع كل ما يمس أمننا واستقرارنا وأجيالنا القادمة.
فيما يعتقد الأستاذ هاني الشبل أن تعريف الدور المناط بالمواطن للحفاظ على الأمن يتمحور في اتباع المنهج الإسلامي الوسطي والأخذ بكلام كبار العلماء وغيرهم من الموثوقين وكذلك طاعة ولي الأمر وعدم مخالفته ومخالفة عداهم من أصحاب الرأي والفكر المنحرف.. مدللاً بقول الله تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ }كما طالب الشبل بالتعاون مع رجال الأمن والتبيلغ عن المصادر والسلوكيات المشبوهة أو عن فقدان وغياب أشخاص مهما كانت صلة القرابة منهم.. ثم ناشد المواطنين الالتزام بالتعليمات الأمنية والوقائية وعدم مخالفتها، ومن ذلك تلافي الأخطار بالابتعاد عن أماكن الخطر وعدم التجمهر حولها وهو الدور الذي يسهم في مساعدة رجال الأمن وتسهيل مهمتهم التي تختص بسلامة كل مواطن ومقيم.
دور الأسرة
لا شك أن تشكيل المواطن ينبع من بيئته ومحيطه اللذين ينشأ بهما، ومن هنا يبرز دور الأسرة في تربية الابن وتأسيسه كمواطن صالح وفاعل لدينه وبلده وهو ما سيعود على أسرته بالطبع.. عن هذا المضمون تقول الأستاذة فاطمة القاضي: في ظل الظروف الراهنة والتي تتعرض فيها بلادنا الحبيبة إلى مؤامرات تحيكها أيدٍ عابثة وظفت توظيفاً دنيئاً للنيل من ديننا وقيمنا في هذا البلد الطاهر الذي نفاخر بأمنه ونراهن على تلاحم قيادته وشعبه.. أمام هذه التحديات تتضاعف مسؤولية الأسرة لتنمية الرقابة الذاتية لدى الأبناء ومحاربة الأفكار المنحرفة التي روج لها أعداء الدين والوطن وذلك بالتعامل مع الأبناء بروح الأبوة الصادقة التي تحيل الأبوة إلى صداقة وتسبر غور الأبناء وتراقب عن كثب المجال الذي يتحركون في محيطه ونوع الصداقات التي يعقدونها ومصادر الثقافة التي ينهلون منها لتجنيبهم الطرق المحفوفة بالأخطار وذلك بإشاعة لغة الحوار كفن جدير بالمزاولة بإتقان وتوظيفه لتصحيح وتوجيه الفكر وحمايته من الوقوع في مزالق التبعية والتركيز في الحوار على أهمية الأمن وحب الوطن الذي يتحقق في غرس المواطنة الحقة وحب الوطن لدى الأبناء والإشادة بمكانته وتاريخه المجيد وحاضره المشرق وكذلك ترسيخ المبادئ والقيم كونها ثوابت لا يمكن المساومة عليها إضافة إلى تنمية روح الانتماء للوطن وإفهام الأبناء بأن الانتماء ليس هوية ولا بطاقة يحملها لكنه حس يضيء جوانب النفس وعمل يترجمه سلوك يعبر عن الولاء للوطن.
ويصادق مشرف النشاط الأستاذ عطا الله بن محمد الجروان على ذلك ويضيف: إن تأصيل دور المواطن في حفظ وأمن بلاده يولد من أسرته بالتربية السليمة المستمدة من كتاب الله وسنة رسوله والتوجيه البناء بتعزيز الانتماء الوطني في نفوس الأبناء منذ نشأتهم وقبل التحاقهم بالصفوف الدراسية.. كما شدد على أهمية دور الأب في الحرص على التقرب من الأبناء والالتقاء بأصدقائهم ومحاولة التقرب لهم والجلوس معهم وحضور مناسباتهم للتعرف على طرق تفكيرهم ومستوى أخلاقهم ونوعية ثقافاتهم.. وتمنى الجروان أن يحاول الأب خلق أجواء اجتماعية في حيه الذي يقطنه بالتعرف على الجيران وتبادل الزيارات فيما بينهم وكذلك محاولة إقامة برامج توعوية وثقافية داخل الحي لنشر الوعي السليم وتعزيز الانتماء الوطني لدى الشباب.
للمرأة في تعزيز الأمن جانب
ربما تعتلي المرأة قائمة أسهم المسؤوليات في الواجب الأمني الذي نضطلع به كمواطنين، فهي الأم والزوجة والأخت المؤثرة بطبيعتها الحانية، لذلك نظن أن إعدادها الأمثل يتصدر الأولويات في خضم البحث عن وسائل وأساليب توعوية تنقي الأفكار وتحميها من التوجهات الدخيلة.. تقول المعلمة منيرة الحربي في هذا السياق: يبدأ دور المرأة في المساهمة الأمنية من بيتها حيث الطريقة التي تربي بها أولادها فهي بعد الله المسؤولة الأولى في التحكم بمنهاجهم فمن الواجب أن تحرص على تلقينهم التوجه الصحيح بتحصينهم بالعلم النافع خلقاً وسلوكاً، ولكن ذلك لن يتأتى دون أن تكون هي بالأساس مطلعة وملمة ثقافياً بالأدوات التي من خلالها تستطيع السيطرة على أفكارهم ومسايرتها حسب مراحلهم السنية وتفاوت قدراتهم على التلقي والتنفيذ، وهذا لا يتسنى لها إلا إذا كانت قارئة ومعايشة للأحداث والمجريات التي تتسارع بالمتغيرات.. وترى منيرة الحربي أن للمعلمة دورا مضاعفا في المساهمة بالحفظ على الأمن واستقراره حيث واجبها في توعية الطالبات بأدوارهن تجاه الوطن وتنمي فيهن حبه من خلال النصح المباشر أو عبر إقامة برامج وأنشطة داخل الفصل وخارجه تحقق أهدافها النبيلة والسامية.. وختمت منيرة الحربي مداخلتها بدعاء الله سبحانه أن يحفظ بلادنا من كل مكروه وأن يديم عليها نعمة الأمن والأمان.
واعتبرت المعلمة أمل عبد الله أن دور المرأة هو الأساس في تجذير مفهوم المشاركة الأمنية خصوصاً في هذا الوقت الذي تتعرض فيه بلادنا الغالية من عمليات إرهابية يقوم بها شباب مغرر بهم بعدما تلبسوا أفكاراً منحرفة قادتهم إلى قتل أنفسهم وإزهاق أرواح بريئة.. وقالت: ينبغي على المرأة أياً كانت أماً أو أختاً أو زوجة المساهمة بشكل قوي وفعال في الاهتمام بالمتابعة للأبناء أو الأخ أو الزوج والحرص على النصح والتوجيه السليم.. كما ينبغي على الأم تربية أبنائها منذ نعومة أظفارهم على تلقي العلم من مصادره الموثوقة والاقتداء والتمسك بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.. وناشدت أمل عبد الله الأمهات أن يحرصن كل الحرص على تعزيز حب الوطن في قلوب صغارهن حتى ينشؤوا متسلحين بالحب والانتماء له وللتصدي لكل من يحاول النيل منه بإدراك حجم الاستهداف الموجه نحوه من قبل جهات مغرضة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.