وزير الخارجية يلتقي وزير خارجية الفاتيكان ومدير مكتب الرئيس الأوكراني    94 عاماً من الشموخ    نائب أمير مكة يشهد حفل إمارة المنطقة بمناسبة اليوم الوطني ال 94    "الصندوق العقاري": إيداع مليار ريال في حسابات المستفيدين    المملكة تؤكد دعمها لمكافحة جرائم الفساد العابرة للحدود    المملكة تعزز التعاون التجاري والاقتصادي مع جنوب أفريقيا    تهديدات الأمن السيبراني علي الدول    المرصد الإعلامي ل"التعاون الإسلامي": قوات الاحتلال تضاعف استهداف مراكز إيواء النازحين    الدبلوماسية السعودية الهادئة المتزنة خلال قرن    كشف علاقة نوع خلفية شاشة الكمبيوتر بالإرهاق    القيادة تعزي حاكم أم القيوين    هنأت رئيسي سريلانكا وترينيداد وتوباغو.. القيادة تتلقى مزيداً من برقيات التهاني باليوم الوطني 94    في ختام دور ال 32 من كأس خادم الحرمين الشريفين.. التعاون في ضيافة أبها.. وضمك يستقبل النجمة    مجلس الوزراء: الموافقة على إنشاء 10 كليات أهلية    برئاسة خادم الحرمين.. مجلس الوزراء يوافق على إنشاء عشر كليات أهلية    مستقبل المكتبات الخاصة    المشمش المجفف يحمي قلوب المسنين    8 نصائح لتجنب ارتفاع مستويات السكر فى الدم بعد تناول الوجبات    طريقة عمل مطبق مالح بحشوة الأجبان    دلالات الذكرى.. ولاء وانتماء    احتفالات المدارس.. برامج وفعاليات وتوثيق منجزات    2200 خدمة توثيق بكتابة العدل الافتراضية    برمجيات المركبات    مأساة.. المخرج الأشهر لأعمال كاظم وماجدة وأصالة.. عاجز في دار المسنين !    التلاحم والاعتزاز والثقافة السعودية.. حديث العالم    «النقل»: 4 اشتراطات لعمل الشاحنات الأجنبية داخل السعودية    مكتب وزارة الرياضة بمكة يحتفل باليوم الوطني    تعويض موظفة بعد فصلها بسبب رسالة مسيئة بالخطأ    استخدام «القصدير» في الطهي يهددك بالسرطان !    5 أسباب تجعل خسارة الوزن أصعب بعد الثلاثين    «هيئة الطرق» توضح الأوزان والأبعاد النظامية للشاحنات في كود الطرق السعودي    مانشستر سيتي وتشيلسي يصعدان لدور ال16 في كأس الرابطة الإنجليزية    ريال مدريد يهزم ألافيس ويقلص الفارق مع برشلونة المتصدر إلى نقطة    كأس الملك .. الشباب يتأهل للدور ثُمن النهائي على حساب الخلود    الكِتاب.. سياجنا    الصقور قِيَم وهوية    الصبر وصل مداه..!    ويسألونك لماذا تكره الشعوب مليشيات حزب الله    احتفال أهالي المدينة المنورة في يوم الوطن    طائرات موسم الرياض    ربما يصفقون لنتنياهو مرةً أخرى    فعاليات متنوعة في احتفالات مدارس جدة باليوم الوطني ال 94    هيئة الأفلام تطلق ملتقيات النقد السينمائي لعام 2024    «مريم الأسطرلابية».. أيقونة إلهام للفتيات    محافظ الزلفي: حق لنا أن نفخر أننا سعوديون    البنوك الآسيوية.. ودورة خفض الفائدة    أمير القصيم: نعتز بإنجازات في ظل قيادة حكيمة    المملكة تسلّم 40 منزلًا لمتضرري الزلزال في مدينة الباب بمحافظة حلب السورية    إخلاء ونزوح ..إسرائيل وحزب الله يخوضان حربا دامية    النائب العام يرعى احتفاء النيابة العامة باليوم الوطني 94    الفرصة لا تزال مهيأة لهطول أمطار على جازان وعسير والباحة ومكة    خيركم تحقق أكبر عدد حافظ للقرآن الكريم بتاريخ المملكة    اليوم الوطني.. تتويج وبناء    الشارع الثقافي يتوهج    فرع هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يشارك في فعاليات اليوم الوطني    اليوم الوطني 94 (نحلم ونحقق)    بخطى متسارعة.. «غير النفطي السعودي» يتجاوز %4.4    مصادر الأخبار    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الشاعر عمر أبو ريشة
سلوى أبو مدين
نشر في الجزيرة يوم 03 - 02 - 2005

ولد الشاعر عمر أبو ريشة بمنبج بسوريا عام 1910م.
ونشأ يتيما، حيث تلقى تعليمه الابتدائي بمدينة حلب، ثم انتقل إلى بيروت والتحق بالجامعة الأمريكية وظل بها حتى حصل على شهادة البكالوريوس في العلوم عام 1930م وعندما بلغ سن النضج سافر إلى إنجلترا ليدرس صناعة النسيج، لكنه فتن بالأدب، وكان الشعر قد اقتحم نفسه من دراسة صناعة النسيج.
ثم عاد إلى حلب عام 1932م واشترك في الحركة الوطنية في سوريا ضد الاحتلال الفرنسي. وثار على بعض الأوضاع السياسية في بلاده بعد الاستقلال.
هذا وقد شغل أبو ريشة عدة أعمال فقد عمل مديراً لدار الكتب في حلب، ثم انتخب في عضوية المجمع العلمي الدمشقي عام 1948م.
وبدأ عمله الدبلوماسي كملحق ثقافي لسوريا في الجامعة العربية، ثم عُين سفيرا لبلاده في البرازيل، وتنقل في عمله الدبلوماسي بين الأرجنتين وشيلي والهند والولايات المتحدة.
ونال عددا كبيرا من الأوسمة، كان آخرها وسام الاستحقاق من الدرجة الأولى وقد منحه إياه الرئيس اللبناني إلياس الهراوي.
أما مؤلفاته فله ديوان شعر، طبع عام 1971م، ويحتوي على معظم شعره وهو الديوان الوحيد.. كما له عدة ملاحم شعرية ماتزال مخطوطة.
إن الشاعر أبا ريشة رجل بدوي دفعته الموهبة ليكون أحد الشعراء الكبار الذين هم في صف كبار شعراء العرب في العصر الحديث منهم بدوي الجبل وحافظ إبراهيم، ومطران ولكن أبا ريشة المجدد البارز في هذه المدرسة.. ويقال عنه إنه شاعر متواصل الأحزان فلو ابتسم لكانت بسمته بيتا من الشعر يرفّه به عن حزنه وعن واقع أمته العربية الأليم الذي تعيشه..!
أنشد عمر أبو ريشة بعد النكبة والهزيمة هذه القصيدة وكان مطلعها:
أمتي، هل لك بين الأمم
منبر للسيف أو للقلم
أتلقاك وطرفي مطرق
خجلاً من أمسك المنصرم
ويكاد الدمع يهمي عابثاً
ببقايا كبرياء الألم
أين دنياك التي أوحت إلى
وتري كل يتيم النغم
أمتي كم غصة دامية
خنقت نجوى علاك في فمي
أيها الجندي يا كبش الفدا
يا شعاع الأمل المبتسم
* وأبو ريشة من الشعراء المتميزين في صناعة الشعر، وهو ذو حس مميز، فكلماته يقننها.. بعيدا عن الحشو، بعيدا عن التكلف والهبوط بهذا الفن الرفيع، الذي هو ديوان العرب، ولا تطلق هذه التسمية إلا على النظم المتسق العالي، الذي يفاخر به قائله، عبر نسيج متكامل، يبقى مع الزمن، تردده الأيام..!
يقول في إحدى قصائده الرائعة:
تتساءلين علام يحيا هؤلاء الأشقياء
المتعبون ودربهم قفر ومرماهم هباء
الواهمون الذاهلون أمام نعش الكبرياء
الصابرون على الجراح المطرقون على الحياء
أنستهم الأيام ما ضحك الحياة وما البكاء
أزرت بدنياهم ولم تترك لهم فيها رجاء
امضي لشأنك واسكتي أنا واحد من هؤلاء
فالشاعر يتحدث عن أعماق التاريخ الماضي ويربطه بالحاضر، وعسير على المرء أن يصور الحدث وينتقد المواقف الخاطئة..!
فتمزق الأمة التي تكالبت عليها الأمم جعلها ضعيفة، بعد أن كانت قوية، ذات صولات وجولات ومواقف، عظيمة سجلها لها التاريخ المشرق.!
ورغم تغرب الشاعر لفترات طويلة، إلا أن عشقه لوطنه، ظل حياً قوياً مجلجلاً فهو لا يعترف بسوريا وطناً له بل إن جميع البلاد العربية وطنه..!
ومن مميزات شعر عمر أبو ريشة، أنه يختم البيت الأخير بقفلة لتعطي الصورة للقصيدة أو الملحمة فهو يعتبره ركيزة.!
* يقول في قصيدته التي يصف بها نسرا يقف في إحدى القرى، على كومة من الصخور:
أصبح السفح ملعباً للنسور
فاغضبي يا ذرى الجبال وثوري
إن للجرح صيحة فابعثيها
في سماع الدُّنى فحيح سعير
واطرحي الكبرياء شلواً مدمي
تحت أقدام دهرك السكير
لملمي يا ذرى الجبال بقايا النسر
وارمي بها صدور العصور
أبو ريشة كتب في المرأة.. واختلف عن بعض الشعراء الذين صوروها، فهو لم يجرح عاطفتها ولا استهان بها.. لأن الجمال له قدسيته كما قال:
قفي لا تخجلي مني
فما أشقاك أشقاني
كلانا مر بالنعمى
مرور المتعب الواني
قفي لن تسمعي مني
عتاب المدنف العاني
وكذلك كتب في ملحمته الشهيرة (محمد عليه الصلاة والسلام). ويقال إنها تحوي خمسة عشر ألف بيت.. وقد مضى عدة سنوات على كتابتها وقد كان مطلعها:
أي نجوى مخضلة النعماء
رددتها حناجر الصحراء
سمعتها قريش فانتفضت
غضبى فضجت مشبوبة الأهواء
وارتمت خشعة على اللات
والعزى وهزت ركنيهما بالدعاء
وشاعرنا يجيد العديد من اللغات، منها الألمانية، والإيطالية، والإسبانية، وغيرها من اللغات.. وما أحوجنا لشاعر كبير فذ مثل أبي ريشة لنتدارس شعره ونردد روائعه، عبر تلك الصور والسبح البعيد، في روائعه في ذلك الشعر النابض التي جاءت في نشيده الذي قدمته لأمته علها تعود لما كانت عليه أبية قوية..! يقول في ذكرياته:
ألقيت منزلي بوجهي موصداً
ما كان أقربه إليّ وأبعدا
كلت يداي على الرتاج وعربدت
في سمعي المشدود قهقهة الصدى
إلى أن قال:
أنا ما شكوت على اللقاء صدوره
عني متى صدَّ الكريم تعمدا
وكم هي حاجتنا لمثل هذا النمط من النشيد الحي في هذا الوقت العصيب الذي تمر به أمتنا العربية ليولد الحماس في نفوسنا ويعيد ماضينا إلينا التليد..! لقد أصبحنا في عصر غاب فيه الشعر الجيد، لأن الكبار قد ذهبوا.. والشعر حكمة، إذا مزج بلهيب العاطفة، وهذا ما أثرنا به الشاعر العملاق أبو ريشة.
وفاته:
توفي يوم السبت في الثاني والعشرين من ذي الحجة عام 1410ه الموافق 14-6-1990م. رحم الله شاعرنا الصداح المجيد، وعوض أمتنا خيراً في فقده.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.