قيل في المثل: (عدو عاقل خير من صديق أحمق).. وذلك أن العقل يحجز الإنسان عن فعل كثير من الأعمال التي لا تليق به وبعقله، حتى مع عدوه.. كما أن العاقل يتدبر أمره ويحسب عواقب أفعاله، ويقدر للأمور قدرها، بل إن كثيراً من الأفعال التي تنافي العقل السليم والفكر السوي ينفر منها العاقل بعقله المجرد، وفطرته السليمة، حتى وإن كان غير مسلم.. فإذا كان المسلم يردعه إيمانه وتقواه وخوفه من الله، فإن الكافر يردعه عقله المدرك، وإدراكه العاقل، ومعرفة الخير والشر، وتقديره السليم ونظرته البعيدة.وما نكاد نقول إن أمر هؤلاء المفسدين المخربين انتهى، ودابرهم قطع بهلاكهم أو بعودتهم إلى عقولهم، حتى يخرجوا علينا بعمل جبان تخريبي، ينسف ما عندنا من ظن حسن، ويبدد ما لدينا من أمل في عودتهم إلى الحق ورجوعهم إلى جادة الصواب. وما الذي حدث من تفجيرات في الرياض استهدفت قيادات أمن المجتمع والدولة إلا دليل بيّن على أن المفسدين ماضون في غيّهم، سادرون في ضلالهم، فهم لا يريدون الكفار كما يصرحون، ولا يريدون إخراجهم من جزيرة العرب كما يدعون، بل هم يريدون الإفساد في البلد كله، والخراب في طول البلاد وعرضها.. يريدون البلاد فوضى لا ضابط لها، وخرابا لا صلاح فيه، وقتلا وإزهاقا للأرواح وتدميرا للممتلكات العامة والخاصة دون حسيب أو رقيب.. وأنَّى لهم ذلك.هؤلاء فقدوا عقولهم التي تدلهم على الخير وتردهم عن فعل الشر حتى بأنفسهم، وفقدوا توازنهم فصاروا يستهدفون كل أحد، بل بفعلة البارحة استهدفوا بكل وقاحة المسلمين والمواطنين، كما فقدوا إحساسهم بعواقب هذا الفعل الشنيع وما يجره على المسلمين من فتنة، فضلاً عن تشويه صورة المسلمين عامة وأهل هذه البلاد خاصة لدى الغير. لقد فعلوا ما فعلوا.. ففجروا.. وخربوا.. وقتلوا.. ودمروا.. فهل حصل لهم مما يريدون شيء؟، وهل تحقق لهم هدف؟، وهل سمع لهم مطلب؟، وهل استفاد المسلمون من أفعالهم غير الخراب والدمار؟.. إنهم تحملوا دماء المسلمين التي هي عند الله حرام، وتحملوا إتلاف أموال المسلمين المعصومة، وانصبت عليهم، دعوات المسلمين والمظلومين ليلاً ونهاراً، وأزهقوا أرواحهم رخيصةً في جهاد موهوم، وحق مزعوم، وتحملوا إشعال نار الفتنة والتلبيس على الناس، فتحملوا وزرهم ووزر مَنْ تبعهم إلى يوم القيامة.لكنهم بأفعالهم هذه لن ينالوا من تماسك البلد قيادة وشعباً، ولن يزعزعوا - بحول الله وقوته - أمن هذه البلاد مهما فعلوا؛ فهم شرذمة قليلة باعت نفسها للشيطان، وسلمت زمام أمرها له، فانقلبت عندهم الموازين، واضطربت في أذهانهم القيم والمعايير.. فلله الحمد والمنة القيادة متيقظة لهم، آخذة على أيديهم بالحزم والقوة، جادة في سبيل إعادتهم للحق وأطرهم عليه أطراً. نسأل الله تعالى أن يحفظ على بلادنا أمنها واستقرارها ورخاءها، وأن يحفظ المسلمين من كل سوء ومكروه، تحت قيادتنا الرشيدة، كما نسأله تعالى أن يهدي ضال المسلمين ويردهم إلى الحق رداً جميلاً عاجلاً غير آجل.. إنه سميع مجيب.