في هذا الشهر برز في وسائل الاعلام، وخاصة في بلاد الغرب، اخبار عن كذبة ابريل, وهي متنافية مع تعاليم ديننا لأن الاسلام دين الصدق والأمانة، ويمقت الكذب واهله، وكذبة ابريل واحدة من العادات التي يتبعها عادات كثيرة وسيئة، لأن محورها الكذب، والكذب من أشرّ الخصال واسوأ مداخل الآفات. ففي شهر ابريل وهو الرابع من شهور السنة الميلادية الافرنجية,, يتعمد بعض الناس فيه الكذب، على سبيل المزاح، واحيانا المداعبة، ونشر المقالب بين الناس، إما تندرا أوتغفيلا، او مزج ذلك بنواح اخرى من اساليب الحياة، وقد يكون من بين تلك الحالات ما يشبّه بالسيف الذي له حدّان متباينان ظاهر وباطن، فالظاهر المزاح، والتّندر كما يحصل بين بعض الناس، اقترانا بهذا الشهر، فإن كشفت الحالة، كان من الأكاذيب التي يجد لها مقترفها تفسيرا، بأنه في شهر ابريل، وما هدف القائل إلا توثيق الصلة الأخوية، بإزالة الحواجز، وان لم تكشف سكت عن ذلك الامر، واعتبره مكسبا، سواء كان ذلك الامر قولا باللسان، او عملا بالجوارح مهما كان نوعها، أو مالا وينطبق عليه المثل القائل: الصديق المزّاح ان شيف وإلا راح. والباطن منبعث من العقيدة التي تهدف لأمور وراء الكذب، فكم سمعنا من سرقات، ومن ترويع، ومن آثار سيئة تركها هذا التقليد: سلوكيا واسريا، واجتماعياً وخلقيا. وما ذلك إلا ان كذبة ابريل، عادة قد نشأت في بلاد الغرب، من منطلق يرتبط تاريخيا وعقديا، بهذا الشهر، الذي هو من اشهر الرومان، وهو واحد من اشهر الربيع، الذي تتفتح فيه الازهار، وتتزاوج الطيور، وتستيقظ الحشرات، وبعض الحيوانات، من بياتها الشتوي الطويل، لتسعى في طلب الرزق، ثم التخزين لبيات آخر,, ومثل ذلك الانسان في سعيه لشؤون حياته المختلفة. ان من يتتبع الكتب التي رصدها المؤرخون، فإنه سيرى الغربيين خاصة، من كتّاب ومؤرخين، يتحاملون على رجال الكنيسة، وما يفرضونه على المجتمع عندهم من امور، فضلا عن تشكيكهم في صحة الديانة النصرانية التي هم عليها الآن، لمخالفتها ما يمليه العقل، وما تتطلبه الحياة الحاضرة المقترنة بماديات العلم، ونتائج المختبرات والبحوث. ولذا كثر نقّاد كتابهم المقدس عندهم، وصحة وصدق روايته، يقابل ذلك جهود قوية لاثبات الأسس التاريخية للديانة النصرانية، وصراع رجالها مع اليهود. وصراهم هذا يتسم بالكذب كل من جانبه، ليؤصل ماقصد إليه،يقول مؤرخهم بول ديورانت في موسوعته التاريخية: عن هيرود الأكبر، كانت أخلاقه مثالا من اخلاق عصره، الذي انجب كثيرا من الرجال، الذين كانوا أذكياء لا خلاق لهم، قادرين لا ضمير لهم، متحدثين لا صدق عندهم، شجعانا مجردين من الشرف، فلقد كانوا صورة مصغرة من اغسطس في بلاد اليهود (قصة الحضارة 11164). كما كانت أسس الصراع بين اليهودية والنصرانية، ورجال الدين فيهما، تنطلق من قاعدة راسخة في الكذب، ولذا حرّكت الحرب الأهلية في فرنسا بجهود مفكريها هذه الجذور، فصارت ثورة اوروبية ضد هيمنة رجال الكنيسة وسلطتهم، وملاحقة رجال محاكم التفتيش ونفوذهم، فيستهزئ ديكارت بهم بقوله: كيف لي بهذه العقول النخرة التي بليت,, ولقد توسع بول ديورانت في كتابه التاريخي قصة الحضارة،الذي بلغ المترجم منه (43) ثلاثة واربعين مجلدا، في الأجزاء المخصصة لعصر الإيمان، عندما تناول الصراع بين اليهود والنصارى، وقيصر المسيح، حيث أبان كما أبان غيره من الدارسين، ان كبار رجال الكنيسة، عرف عنهم الكذب، وتعمّده على الناس، وان واحدا من أكبر القائمين على احدى الكنائس، اراد ان يبرر لأكاذيبه لما كثرت واكتشفت: بأننا في فصل الربيع، وهو الفصل الذي تبتهج فيه الحيوانات والطيور، بالطريقة الخاصة بها، وسائر المخلوقات ايضا لها أساليبها الخاصة في التعبير عن فرحها ومرحها، ونحن البشر ايضا الذين يمر بنا فصل الربيع وبين فصلين: الشتاء وثلوجه وبرده، وما يتركه لدى الناس من كآبة، والصيف الذي يلفح الناس بحرّه، فعلينا ان نعبّر عن انفسنا بهذا الاسلوب، الذي يعتبر من الكذب الابيض (قصة الحضارة 11164 165). فكان مثل هذا التعليل ، قاعدة استحسنها بعض الناس الذين يكذبون لمآرب، ويستمرئون الكذب لمصالح، ولست أدري من أين جاءهم التقسيم هذا عن الكذب,, الذي بدأ يسري في ديار المسلمين ايضا، مثلما سرت عادات كثيرة منها كذبة ابريل، الابيض والاسود، إذ الكذب واحد، وهو نقل الشيء على غير صورته. ونحن المسلمين، ندين بالله ثم بما جاء في مصدري التشريع في عقيدة الإسلام، على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم، من مقت للكذب، وان الله لا يحب الكاذبين، وان الكذب من علامات النفاق، حيث ابانت شريعة الله ذلك للمسلمين، كما اخبر الله عن المنافقين، بأنهم في الدرك الأسفل من النار، ولا نصير لهم، لأنهم يكذبون، ويفترون على الله الكذب، ويخادعون الله، وما يخدعون إلا أنفسهم وما يشعرون,, يقول صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: (آية المنافق ثلاث أي علامته، إذا حدث كذب، وإذا أؤتمن خان، وإذا عاهد غدر), ولذا فإن مفهوم الكذب، الذي يترتب عليه التعدي على الأموال والأعراض، وإيقاع المظالم على الآخرين، والاستهانة بهم، وترويعهم، مما يمقته الإسلام، وينهى عنه، وهو واحد لا فرق فيه بين كذب ابيض ولا أسود، ولا اخضر ولا أحمر، ولا غيرها من الألوان، حيث نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الكذب على الصبيان، ونهى عن الكذب على الحيوان، هذا فضلا عن الإنسان,. وتبرير كذبة ابريل عندهم، ما هو الا موسم يريدون منه، تنشيط هذه العادة، وترسيخها لدى الناس، وحماية ما يصدر عنهم، من أغاليط وافتراءات، ولتعويد الناس الآخرين هذا المنهج الذي أنكره مفكروهم، ولذا سميت صفة التعامل الحسن، والصدق في القول بالأخلاق التجارية، ونبل الأخلاق وقوة التحمل، بالأخلاق التجارية ايضا، من منطلق المصلحة المادية. واذا ما رجعنا الى ما ذكره ديورانت، في موسوعته: قصة الحضارة عن رجال الكنيسة، وشهرتهم بالكذب، وهو من ملتهم عليهم شاهد، فإن بقية الملل من يهودية وهندوسية وغيرهما، تستمرئ الكذب حيث ان المندسين منهم، في صفوف المسلمين، شهروا بالكذب على الله وعلى رسوله وعلى علماء المسلمين، حيث فسروا آيات من كتاب الله، على غير وصفها الحقيقي، كما غير اهل الكتاب الكلم عن مواضعه من قبل، وكما كذبت الأحاديث الكثيرة على رسول الله صلى الله عليه وسلم، رغم الوعيد الشديد، الذي جاء فيه، بحديث متواتر: من كذب عليّ متعمدا، فليتبوأ مقعده من النار وأخطأ ولو اصاب متفق عليه. هذا التأمل الذي يرجعنا للجذور عن تلك الأمم، وبه نرى تأصّل الكذب الذي جاءهم من الجذور الوثنية، والمخالفة لأمر الله صراحة وبتعمّد الكذب من كبارهم وهذه الجذور سبقت الديانة النصرانية، إذ أخذوا ذلك عن العقيدة الزرادشتية، وعن المانوية، وإله الظلمة والنور عند الفرس، وعن تعدد الآلهة عند الرومان، حيث تجري احتفالات دينية، يتباكون فيها، حزنا على موت بعض الآلة في معتقدهم، كما قال بول ديورانت لعدة أيام، ثم تضج اسواقهم بعد ذلك بالفرح المعبرة عنه أصواتهم، وزغاريدهم، ببعث ما يؤلهون من قبره، وان ما قيل عن موته ما هو إلا كذب، وهذا يتم في فصل الربيع (قصة الحضارة 11: 163) وهذا مصدر من مصادر فكرهم عن هذه الكذبة المتعارف عليها، وإن كان ديورانت لم يحدد شهرا بعينه إلا انه قال: بأن هذه الكذبات تعمل في العيد الربيعي,, ومعلوم ان شهر ابريل في الربيع. أما المؤرخ الاندلسي الشهير: محمد عبدالله عنان، فإنه قد ذكر في كتابه: نهاية الأندلس اشياء في نهاية تاريخ العرب بالاندلس، وتسلّط النصارى عليهم، في كتابيه: الثالث والرابع في مأساة الموريسكيين، او العرب المتنصرين. حيث اعتبر من مراحل الاضطهاد والتنصير الاجباري: ديوان التحقيق النصراني، ومتابعة المسلمين، وذروة الاضطهاد الذي أوجبته ثورة الموريسكيين، حيث كانوا يتخفون بدينهم، اكثر من مائة عام فكانوا ينتهجون في ملاحقة المسلمين، اساليب عديدة، تعتمد على الكذب كلها، في المتابعة، والتحقيق، والملاحقة الحاقدة، على الاسلام، ودفعهم المسلمين على الكذب، الذي هو منهجهم في تعاملهم مع المسلمين، لأنهم أَلِفُوهُ مع بني جلدتهم، بل ومع كل ديانة تخالف الكاثوليكية، وما يجب ان تسير عليه. ومع ما مر بنا من نماذج، فإننا لو تتبعنا جزئيات كتب التاريخ، فإننا سنجد نماذج كثيرة، جزئية وكلية، تفصح عن اساسيات هذا المنهج العقدي، عن كل بلاد لا ترتبط بالاسلام، عقيدة وشريعة، حيث يتبع الانسان هواه، وما تأمره به نفسه الأمارة بالسوء، إذ للكذب، كما قلنا من قبل، جذور بوثنيات يحاربها الإسلام، بل ان مبدأ الإسلام ينافي ذلك الاسلوب، الذي تنفر منه كل الكائنات الحية، لأنه ينافي الفطر السليمة، يقول سبحانه: يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين (التوبة 119). وقد أورد الجاحظ في كتابه الحيوان، قصصا ووقائع لكثير من الحيوانات والحشرات والطيور، بما أعطاها الله من فطرة سليمة، جعلتها تكره الكذب، وتجازي عليه بأشد العقوبات، التي تصل الى التمزيق والعض حتى الموت، لمن يمتهن الكذب، ولمن لم يتحرّ الصدق في أعماله، في عالم تلك الكائنات يقول جل وعلا: (قال: فمن ربكما يا موسى، قال: ربنا الذي أعطى كل شيء خلقه ثم هدى (طه 49 50). إلا ان بعض البشر الذين انقادوا للشيطان وغواياته، قد انجذبوا الى كل امر يغضب الله، عز وجل، ومن ذلك الكذب. والذي ينبغي ان يضعه المسلم نصب عينيه، ليهتم به ويطبقه، ألاّ ينساق الى المسارب التي يريد اولئك القوم ان يجذبوه اليها حتى ينحرف عن الطريق السوي مثلما ضلوا من قبل ولا يقلدهم في اي امر، لأنه مأمور بعدم اتباع طريقهم، او الركون اليهم، حيث اخبر الله عن مقصدهم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، منذ دعاهم للإسلام قال سبحانه: ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم قل إن هدى الله هو الهدى ولئن اتبعت أهواءهم بعد الذي جاءك من العلم ما لك من الله من ولي ولا نصير (البقرة 120). ولذا كان القرآن الكريم، وهو المصدر الأول للشريعة الإسلامية، وهو أمكن واصدق من أي قول بشري، يؤكد لمن يتفهم معانيه، ان اهل الكتاب: وهم اليهود والنصارى، كان من أعمالهم: تحريف الكلم عن مواضعه، والكذب على الله وعلى انبيائه. وليس هذا على الناس فيما بينهم، حتى تلتمس لهم المعاذير، كما نرى في قولهم هذه كذبة ابريل، او هذه كذبة بيضاء، أو لا نريد إلا المزاح، وما الى ذلك,. إذ هذا يهون امره امام ما هو أكبر منه، فقد كذبوا على الله جل وعلا، وكذبوا على الملائكة، وعلى انبياء الله عليهم الصلاة والسلام، وغيروا في شرع الله، الذي شرع لهم، قال الله تعالى: (فمن أظلم ممن كذب على الله وكذب بالصدق إذ جاءه) الآية (الزمر 32)، وقال سبحانه: (فمن أظلم ممن افترى على الله كذبا، أو كذب بآياته) الاعراف 37 , والآيات والاحاديث في هذا المعنى كثيرة. فالقرآن الكريم ملئ بما يفضح خفايا نفوسهم، وما يريدون بالمسلمين ان ينحرفوا اليه، حتى يبتعدوا عن دينهم، كما أنه والسنة المطهرة، يبين ما نطقت به ألسنتهم، وما لقنوه للمشركين، ضد رسول الله صلى الله عليه وسلم من عبارات التكذيب، وما يراد به، التضليل,, مما ينبغي معه ان يبتعد المسلم عن الكذب جدا وهزلا، وان ينتهج لنفسه دربا يخالف دربهم، لأن الله قد هداه لعقيدة تباين ما هم عليه من عقيدة، والمسلم مأمور بعدم التساهل في الصغائر، لأنها تجر الى الكبائر، ومعظم النار من مستصغر الشرر، والتساهل يجر الى المحبة والموالاة لهم، وهذا يخالف ما أمر المسلم به، بأن يعرض اموره كلها على مصدري التشريع في الإسلام، لأنه الدين الذي رضيه الله لخير امة اخرجت للناس، ولا يقبل من البشر دينا سواه، فما خالفهما، يجب نبذه، وما وافقهما فهو الحق، وما لم يجد عليه دليلا واضحا، فقد جاء في هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم في مثل هذا القول الكريم: ما رآه المؤمنون حسنا فهو حسن، وما رآه المؤمنون قبيحا فهو قبيح وقيل موقوف على عبدالله بن مسعود رضي الله عنه، يزيل الشك عند من قصر علمه. فراسة أبناء نزار جاء في مجمع الامثال، ان نزارا لما حضرته الوفاة، جمع بنيه: مضر وإيادا وربيعة وأنمارا، وقال لهم يا بني هذه القبة الحمراء، وكانت من آدم، أي عليه لمضر، وهذه الفرس الأدهم، والخباء الاسود لربيعة، وهذه الخادم، وكانت شمطاء لإياد، وهذه الندوة والمجلس لانمار يجلس فيه، فإن اشكل عليكم كيف تقسمون فائتوا الأفعى الجرهمي، ومنزله بنجران، فلما مات تشاجروا في ميراثه، فتوجهوا الى الافعى الجرهميّ. فبينما هم في مسيرهم إليه إذ رأى مضر اثر كلأ قد رعي، فقال: ان البعير الذي رعى هذا لأعور، قال ربيعة: إنه لأزور، قال إياد: انه لأبتر، قال انمار: انه لشرود، ثم ساروا قليلا فإذا هم برجل ينشد جمله فسألهم عن البعير، فقال مضر: أهو أعور؟ قال: نعم، قال ربيعة: أهو أزور؟ قال: نعم، قال إياد: أهو أبتر؟ قال: نعم قال أنمار: أهو شرود؟ قال: نعم, وهذه والله صفة بعيري فدلوني عليه، قالوا: والله ما رأيناه، قال: هذا والله الكذب وتعلق بهم، وقال: كيف اصدقكم وانتم تصفون بعيري بصفته، فساروا حتى قدموا نجران، فلما نزلوا نادى صاحب البعير هؤلاء اخذوا جملي، ووصفوا لي صفته، ثم قالوا: لم نره. فاختصموا الى الأفعى الجرهمي وهو حكم العرب فقال: كيف وصفتموه ولم تروه؟ قال مضر: رأيته رعى جانبا وترك جانبا، فعلمت انه أعور، وقال ربيعة رأيت إحدى يديه ثابتة الأثر والأخرى فاسدته، فعلمت انه أزور، وقال إياد: عرفت انه أبتر باجتماع بعره، وقال أنمار: عرفت أنه شرود، لأنه كان يرعى في المكان المتلف نبته ثم يجاوزه الى مكان ارق منه، واخبث نبتا,, فقال للرجل: ليسوا بأصحاب بعيرك فاطلبه ثم سألهم من أنتم فأخبروه، فرحب بهم ثم اخبروه بما جاء بهم فقال: اتحتاجون اليّ وانتم كما ارى ثم انزلهم وذبح لهم شاة، وأتاهم بخمر وجلس لهم، حيث لا يرى ويسمع كلامهم، فقال ربيعة، لم أر كاليوم لحما أطيب لولا ان شاته غذيت بلبن كلبة، وقال مضر: لم أر كاليوم خمرا أطيب منه، لولا ان حبلتها نبتت على قبر، وقال إياد: لم أر كاليوم رجلا أشرف منه، لولا انه ليس لابيه الذي يدعى له،، وقال انمار: لم أر كاليوم كلاما انفع في حاجتنا من كلامنا, فسمعهم وقال: ما هؤلاء إلا شياطين, ثم دعا قهرمانه فقال: ماهذه الخمر وما أمرها؟ فقال: من حبلة غرستها على قبر أبيك, لم يكن عندنا شراب أطيب من شرابها وقال للرّاعي ما هذه الشاة؟ قال هي شاة صغيرة أرضعتها بلبن كلبة، وذلك ان امها كانت قد ماتت ولم يكن في الغنم شاة ولدت غيرها. ثم اتى أمه فسألها عن أبيه، فأخبرته انها كانت تحت ملك كثير المال، وكان لا يولد له قالت، فخفت ان يموت ولا ولد له فيذهب الملك,, فخرج الأفعى عليهم، فقص القوم عليه قصتهم، واخبروه بما اوصى به أبوهم، فقال: ما اشبه القبة الحمراء من مال فهو لمضر، فذهب بالدنانير والابل الحمر، فسمى مضر الحمراء لذلك، وقال: أما صاحب الفرس الأدهم، والخباء الاسود فله كل شيء اسود، فصارت لربيعة الخيل الدهم، فقبل: ربيعة الفرس، وما اشبه الخادم الشمطاء فهو لاياد، فصارت له الماشية البلق من صغار الغنم، والنقد، فسمى إياد الشمطاء، وقضى لأنمار بالدراهم وبما فضل، فسمى أنمار الفضل، وصدروا عن ذلك من عنده (1:15).