الحمد لله الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملاً، والصلاة والسلام على رسول الهدى محمد - صلى الله عليه وسلم - وعلى آله وصحبه وسلم.. أما بعد: لقد فقد أهل القرآن الكريم شيخاً عظيماً وعالماً جليلاً ومقرئاً حاذقاً، إنه فضيلة الشيخ الدكتور عباس بن مصطفى بن أنور بن إبراهيم المصري الذي توفاه الله في مساء يوم الاثنين 16-10-1425ه في جمهورية مصر العربية في القاهرة، فرحمه الله رحمة واسعة وأسكنه في أعلى عليين ورزق محبيه الصبر والسلوان، والحمد لله على قضائه وقدره، فالموت حق، والبقاء لله وحده {كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ، وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ}. وعزاؤنا أن نقول: {إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ}. لقد عرفت الشيخ عن قرب ولازمته وقرأت عليه قراءة الإمام الكسائي - رحمه الله - من طريق الشاطبية، وزرته مراراً في مصر، فعرفت فيه التواضع الجمّ، والخلق الرفيع، والصلاح والتقى والاستقامة وحسن المعتقد، وكان محباً لكتاب الله مشتغلاً به تعلماً وتعليماً؛ فهو من المجازين بالقراءات العشر من الشاطبية والدُّرة وبرواية شعبة وورش فقد تلقاها عن علماء أجلاء هم: الشيخ أحمد الزيات - رحمه الله - وأحمد مصطفى أبو الحسن، وبكري الطربيشي، ومحمد بن عبد الحميد، وعبد الحكيم بن عبد اللطيف بن سليمان. وقرأ منظومة الدُّرة حفظاً على الشيخ محمد بن عيد عابدين - رحمه الله - وأجازه بها؛ ولهذا كان يقرىء الطلبة في الرياض وبذل جل وقته في ذلك من بعد صلاة العصر حتى الساعة الثانية عشرة ليلاً حينما كان أستاذاً في كلية الملك فهد الأمنية في الرياض، وبعد أن ارتحل إلى بلده مصر واصل مسيرته في الإقراء في جامع الرفاعي في مدينة نصر، وكان يأتيه طلبة من داخل مصر ومن لبنان والمغرب وغيرهما، وكان رحمه الله باحثاً مدققاً. وفي الختام أسأل الله أن يغفر له ويرحمه ويجزيه عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء. سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين.