عند تقدم الأمم وعلو حضارتها فإنها لا ترتقي إلا بأفعالها وجهودها بعيداً عن التقليد أو السعي لجلب حضارة أخرى لوجود نقص في حضارتها!! وفي المقابل يعرف التقدم بما صنعته تلك الأمة وبما سوف يبقى للتاريخ كشاهد على رقي الأمة وعلوها، ولعل الحضارات تختلف من مكان لآخر كما يختلف صناع تلك الحضارات باختلاف أجناسهم وأفعالهم وبالتأكيد لغاتهم. أعزائي إن الواقع المرير الذي تعيشه أمتنا ليوحي بعكس ذلك بل إنه قد لا يتوفر إلا لدى أمتنا المجيدة!! ونظراً لتفشي ما سأذكره في بلاد (الحضارة السابقة)!! إلا أنني اجعل بلدي الأحق بالتوجيه والتدارك وعدم التوسع في ذلك. ولعل ما استوقفني ويستوقفني دائماً هو السعي لإبراز الحضارة والتطور من خلال جعل اللغة الأجنبية وتحديداً (الإنجليزية) هي اللغة السائدة في الأماكن الراقية وهي دليل قوي وقاطع لمتحدثها بالثقافة الواسعة والتحفز الذي يعيشه!! وبلا شك أن الحضارة والتقدم تتحقق بسعة العلم ونيل الشهادات العليا والاعتزاز بالقيم والعادات وعدم الانجراف نحو الغير الذي يسعى لتجريدنا من لغة القرآن (اللغة الأم) اللغة العربية الخالدة التي هي بحق مصدر عزنا وفخرنا وبها نزل كلام رب العالمين (القرآن) فكيف نسعى لتبديل الذي هو أدنى بالذي هو خير!! فعندما تهم بالتوجه إلى أحد المطاعم أو المحلات الراقية أو المراكز التجارية الكبرى وبوجه عام فإنك سوف تتساءل هل أنت في بلد عربي أم انك انطلقت من حيث لا تشعر إلى إحدى الدول الأجنبية وذلك بتفاجئك بالعمالة (غالباً) الآسيوية والتي تملك القدرة على التحدث بالعربية قد اتخذت من اللغة الإنجليزية وسيلة للبيع والمفاهمة!! بل إنك تصاب بالدهشة عندما تتعالى الأصوات بنفس لغة (التطور) وعندما تهم بالحديث باللغة العربية فإن (النظرات) سوف تتجه نحوك وكأنها أسهم موجهة بكل قوة واندفاع محملة بالاستغراب والتعجب ومليئة بعبارات التخلف الذي تعيشه أنت وأشكالك الذين لا يجيدون التحدث باللغة الراقية والعصرية!!! فهل علم أولئك (المقلدون) أنهم ساعدوا بشكل مباشر بإنشاء واقع لغوي مشوه وضار باللغة العربية؟؟. وهل علم أولئك (المنخدعون) أن من يتحدث الإنجليزية ولو للتحية في فرنسا فإنه يقابل بالتجاهل التام؟؟ وذلك لاعتزازهم بلغتهم وعدم الاعتراف بغيرها كلغة رسمية للبلاد رغم أنهم يدرسون اللغة الإنجليزية في مدارسهم ولكن وضعت في المدارس لحين الحاجة اليها وليس لتكون لغة الشارع العام!!! فكيف نرضى بتقليدهم وهم بعكس ذلك!!!! أما من ناحية تدريس اللغات الأجنبية لدينا وخصوصاً (الإنجليزية) فإن هناك ضرورة ماسة لتدريسها ونبارك لوزارة التربية والتعليم الخطوة الرائعة بتدريس اللغة الإنجليزية للصف السادس الابتدائي كما نرجو فرضها في جميع التخصصات الجامعية لحاجتنا لها ولأنها اللغة الرسمية في العالم، وليس في ذلك تناقض فيما تحدثت عنه وإنما كما ذكرت في حدود العلم والعمل وليس لاستعمالها استعمالات تسيء للغة العربية أو تنسينا اللغة العربية وذلك كأن تستعمل في الأماكن الراقية كدليل على تأخر وتخلف اللغة العربية!!! ومن هنا أحببت أن اتوجه إلى من يهمه الأمر (وزارة التجارة) بضرورة إجبار المراكز التجارية الكبرى والمطاعم وما شابهها بضرورة عدم التحدث بلغة أخرى دون العربية، كما أناشد المواطنين بعدم جعل اللغة الأجنبية مصدر تفاخر إنما في حدود العمل الذي يستلزم وجودها.