في كل عام وفي مثل هذه الأيام بالذات تستقبل الأمة الاسلامية من أقصاها الى أقصاها ضيفاً عزيزاً عليها، هذا الضيف الذي يحمل معه الخير كل الخير في طياته الألفة والمحبة والطمأنينة والمساواة بين المسلمين، يحمل مشعلا وضاء لينير الطريق أمام المسلم الى سلوك الهداية والى التقرب من ربه الذي خلقه وذلك ليعمل شيئا قد أوجبه عليه ربه في دنياه لينفعه في آخرته. أنه شهر الخير والبركات شهر رمضان مهذب النفوس ومزيل الأحقاد وباعث الصفاء والود والوحدة بين النفوس، والعامل الأساسي على لم شمل الأمة في هدف شريف وغاية نبيلة تنشدها النفوس المؤمنة بربها وتعمل من أجلها. فهذه الأيام القليلة التي يحتفل بها المسلمون في كل مكان من هذا الكون أيام مشرقة تشرق على الدنيا بنور ورحمة وغفران، تشرق على النفوس وتذكرها بيومها الموعود والتقائها بربها، فيزداد المؤمن بربه قوة وايمانا ويعود المنحرف والمذنب الى اتباع ما أمر الله به عباده من عمل الحسنات وتجنب كل ما نهى عنه من سيئات وفواحش وهذا الشهر العظيم هو الشهر الوحيد من السنة الذي يتيح أمامنا ميدانا فسيحا لننطلق منه الى خيرنا وسعدنا ولنكسب شيئا يرضي ربنا وينفعنا في آخرتنا. فلذا يجب ان نمتثل لأوامره سبحانه وتعالى في هذا الشهر الفضيل، فقد قال أعز من قائل {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}.{شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُواْ اللّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ}. صدق الله العظيم. وللرسول صلى الله عليه وسلم أحاديث كثيرة في فضائل ومزايا شهر رمضان المبارك وذلك لما يحمله من معان متعددة ومن آمال كثيرة ومن أعمال خيرة فقد قال عليه أفضل الصلاة والتسليم:(من صام رمضان ايمانا واحتسابا غُفر له ما تقدم من ذنبه). فيا أخي المسلم علينا أن نرحب بهذا الشهر الكريم بقلوب خاشعة متضرعة الى ربها وبصدور رحبة مستبشرة بما يحمله من أجر وثواب، وعلينا يا أخي ان نسارع ونعد العدة وأن نجهز النفس ونخلص النية في الجد والاجتهاد لنكسب عملا طيبا في أيام قلائل تأتي وتذهب وتنطوي على ما قدمناه من خير أو شر، وأن نكثر من الدعاء والاستغفار، فطوبى لمن دعا وطوبى لمن استغفر وطوبى لمن أخلص وطوبى لمن اجتهد. فيارب أغفر لنا ويسر أمرنا وأهدنا الى صراطك المستقيم ووفقنا بصيام شهرك الفضيل ووحد قلوب أمتنا على الخير والعزة والنصر واعلاء الكلمة ورفع الراية خفاقة عالية تحمل العدل والانصاف والحرية إنك على كل شيء قدير.