عمر الدول لا يقاس بالزمن بقدر ما يقاس بإنجازاتها والمرتكزات التي تقوم عليها والدولة السعودية قامت في فترة زمنية قصيرة فكانت دولة الإنجازات ودولة المبادئ منذ أن أرسى بناءها الشامخ الملك عبدالعزيز - طيب الله ثراه - فلقد كان يرحمه الله من الرجال القلائل الذين صنعوا تاريخاً عظيماً للأمة بأسرها بعد أن حول هذه البلاد المترامية الأطراف والمناطق من حالة الشتات والفرقة والضعف والجهل التي كانت تعيشها في تلك الفترة إلى أمة قوية متماسكة مترابطة وأزاح عن أرضها وأهلها ظلام التأخر والجهل وخرج بها من ضيق الشتات والفرقة إلى سعة الواحدة المترابطة والتلاحم ومن جاهلية المنطق والفهم إلى ساحات الدولة الرحيبة دولة الوحدة ذات الكيان المترابط. لقد كان الملك عبدالعزيز رحمه الله أنموذجاً فريداً في هذا العصر للرجل الذي وضع مصالح أمته فوق كل اعتبار وآمال وآلام أمته بأسرها نصب عينيه وانطلق بإيمان لا حدود له غير عابئ بجميع الصعاب التي قد تعترضه من أجل الخروج بأمته من ذلك الواقع المحزن إلى واقع جديد من القوة والتلاحم والاجتماع. قليلون جداً هم الزعماء الذين يعملون لصالح أمتهم ولقد كان هاجس الملك عبدالعزيز يرحمه الله الأول والأخير هو المصلحة العامة لأمته التي كان الألم يعتصر قلبه وهو يراها على تلك الحالة من الفرقة والتناحر ويحس بالمرارة تملأ نفسه وهو يرى أوصال وطنه مقطعة إلى دويلات متهالكة ضعيفة لا حول لها ولا قوة ولا دور يذكر لها فيما يجري على ساحة العالم بأسره من تفاعلات وحركة نشطة مليئة بالنشاط والعمل. لقد عز على الملك عبدالعزيز يرحمه الله أن يرى وطنه الكبير وهو يعيش ذلك الليل الحالك والعالم من حوله يتحرك ويتقدم ويزدهر بينما لا تدري عما يدور حولها وتعيش في عزلة عمياء عادت بها إلى عصور الجاهلية الأولى كان الهدف عظيماً وشاقاً ولكن على الرجال أمثال عبدالعزيز ليس هناك مستحيل ولهذا انطلق يحدوه ايمانه العظيم برسالته وتسنده رعاية الله وتوفيقه حتى تمكن من جمع أجزاء بلاده المترامية الأطراف في دولة واحدة منهياً بذلك فترة من اسوأ الفترات التي مرت على الجزيرة، ليكون دولة عظيمة خرجت للعالم فتية محصن برسالة التوحيد التي عمل الملك عبدالعزيز على ارسائها واعلائها في هذا البلد الآمن لتكون دستوراً ونظاماً إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها. وبعد توحيد هذا الكيان خاض الملك عبدالعزيز سباقاً عظيماً مع الزمن ليعوض وطنه وشعبه سنوات التأخير والتأخر التي عاشوها وخرج بهم إلى ما يعيشه العالم من نهضة وتقدم وكانت البداية من الصفر كالمدارس والمستشفيات والطرق والاتصالات والمواصلات كل شيء كان معدوماً أو شبه معدوم وكانت معركة البناء لا تقل تحدياً وصعوبة عن معركة التوحيد ولكن الملك عبدالعزيز استطاع أن يحقق المعجزة بتوفيق الله فما هي إلا سنوات قليلة حتى أصبحت مدن المملكة زاخرة بكل وسائل الحياة الحديثة من مواصلات وكهرباء ومياه ومدارس ومستشفيات ومطارات واستمر الأمر يرتفع ويعلو شامخاً فقد جاء بعده أبناء فكانوا خير خلف لخير سلف حملوا الأمانة بكل إخلاص واستمروا يدفعون لبناء الوطن عالياً ليعانق عنان السماء ويصل إلى مواقع النجوم وها نحن اليوم في عهد خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين نلمس بجميع حواسنا مدى ما وصلت إليه بلادنا بالرقي والتقدم ونقف على شواهد التقدم والرخاء في كل جزء من بلادنا الغالية حاضرة وبادية. إن هذه المناسبة يجب أن تكون حافزاً لكل مسؤول ومواطن على هذه الأرض في أي موقع أن لا يتوقف لحظة عن رغبة البناء وأن تتضاعف الجهود منا جميعاً من أجل تحقيق المزيد من الإنجازات وأن نزرع في كل شبر من هذه الأرض الخيرة زهرة الحب والتلاحم والترابط وأن نشيع في كل بقعة في أرضنا الطاهرة الخضرة والماء والنقاء والطهر دون كلل أو ملل وأن تتضافر جهود القطاعين العام والخاص من أجل المزيد من العطاء والبناء الشامخ لتحقيق المزيد من الرفاهية والرخاء في بلادنا التي أعطت وأعطت وأعطت دون بخل. هذه المملكة العربية السعودية اليوم بلد الخير والإسلام والسلام والأمن والأمان فهنيئاً لها في يومها الوطني وهنيئاً لكل مواطن سعودي. ودعواتي من القلب أن يحفظ الله لهذه البلاد قائد مسيرتها وولي عهده الأمين والأسرة المالكة وكل من يحب هذه البلاد ويحرص على الوصول بها إلى مواقع النجوم.