الحمد لله القائل: {كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ (وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ} 26) . الحمد لله على قضائه وقدره، لله ما أخذ ولله ما أعطى. إننا في هذه الحياة الفانية نعيش بآمال طويلة، وننسى هادم اللذات ومفرق الجماعات الذي يأتي بلا موعد وبلا مقدمات. كم عزيز على قلوبنا خطفه الموت من بيننا، إن رحيل الأحباب والأصحاب المفاجئ ليصيب المرء بالصدمة العنيفة والجرح العميق والألم الرهيب، ولا يتم استيعاب تلك المصيبة وتلك النازلة إلا بعد برهة من الزمن، بعدها يبكي القلب وتبكي العين على فراق ذلك الحبيب، ولا نملك إلا الإيمان بقضاء الله وقدره، وأن ندعو له بالمغفرة والرحمة، وأن يسكنه الله فسيح جناته. لقد تلقيتُ خبراً مؤسفاً نزل على سمعي كالصاعقة، ذلك الخبر هو وفاة الأخ العزيز والحبيب عبدالله بن سعيد اللقماني المكنَّى أبا رامي، وذلك إثر حادث مروري مروع على طريق الموت طريق الساحل، وذلك مساء الاثنين 7-7- 1425ه، وتوفي معه خمسة من أفراد أسرته، وهم: زوجته ورفيقة دربه أم رامي، وابنته، وابنه، وأخته، وابنة شقيقه، رحمهم الله رحمة واسعة، وأسكنهم فسيح جناته، وتمَّت الصلاة عليهم في المسجد الحرام بعد صلاة ظهر يوم الثلاثاء 8-7- 1425ه. لقد كانت معرفتي بأبي رامي -رحمه الله- منذ 7 سنوات؛ حيث إنه أحد مندوبي المستودع الخيري بالمدينة المنورة، ومشرف على قرابة 300 أسرة ما بين أيتام وفقراء وأرامل. ولقد رافقته عدة مرات في توزيع الصدقات على تلك الأسر، وقد لمستُ حرصه على تقديم الغوث والعون لهم، والمسارعة في تفريج كربهم ورعايتهم، ويقضي الساعات الطويلة في ذلك حتى لو كان على حساب أسرته، بل إنه والله ليحزن حزناً كبيراً عندما تشتكي له أرملة أو يتيم أو فقير عن حالته ويعجز عن مساعدته، ويُبادر بالشفاعة لهؤلاء المحتاجين لدى المحسنين حتى تُفرج كربهم، عندها يشعر بسعادة غامرة وفرحة كبيرة، وكان دائماً يذكِّرني بحالة هؤلاء الفقراء ويحثُّني على المسارعة في تقديم العون والغوث لهم. وعندما تقاعد من عمله الرسمي بالدفاع المدني هذا العام فرح بذلك؛ لأنه سيتفرغ تماماً لمتابعة ورعاية تلك الأسر الفقيرة بالرغم من أن التقاعد ليس في صالحه مادياً كما هو معلوم، ولكنه - رحمه الله - لا يفكِّر في الدنيا، وإنما يفكر في الآخرة ويتطلع لها، ويأمل الأجر والمثوبة من الله عز وجل. وبوفاة أخي وصديقي أبي رامي - رحمه الله - فقدتْ طَيْبة الطيبة أحد أبنائها البررة المخلصين الذين سنظل نذكرهم وندعو لهم بالرحمة. إنني أكتب هذه الأسطر والألم يعتصرني، والعين تبكي على فقدانك يا أبا رامي. لست وحدي مَن يبكيك، بل سيبكيك الفقير والأرملة واليتيم والأصدقاء، فلن ننسى أبداً ابتسامتك الدائمة. رحمك الله أبا رامي، ورحم مَن توفِّي معك، وجمعكم في مستقرِّ رحمته في جنات النعيم. وعزائي لوالدك وأشقائك وابنك رامي، ولكل أبناء طَيْبة الطيبة. وأسأل المولى جلت قدرته أن يجمعنا في مستقرِّ رحمته في جنات النعيم، والحمد لله أولاً وآخراً. و{إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ}