في مثل هذا اليوم من عام 1958 صدرت رواية الأديب السوفيتي الشهير بوريس باسترناك (دكتور زيفاجو) في الولاياتالمتحدة، وكانت الرواية قد صدرت في البداية باللغة الإيطالية حيث لم يتمكن المؤلف من إصدارها باللغة الروسية بسبب مضمونها المعادي للنظام السوفيتي. أدى صدور هذه الرواية والضجة الغربية التي أحاطت بها إلى إشعال غضب السلطات السوفيتية التي أطلقت على باسترناك صفات بشعة مثل (الخنزير) و(الوحش الأسود) و(الخائن) و(عدو الشعب)، وقد رحل باسترناك الذي جردته السلطات السوفيتية من الجنسية عام 1960م. وبعد تولي الرئيس السوفيتي ميخائيل جورباتشوف السلطة في منتصف الثمانينيات وبدء حركة الإصلاح والمكاشفة أعاد الاعتبار إلى اسم باسترناك وأعاد إليه جنسيته التي حرم منها في مايو عام 1987م. وعندما كان باسترناك من المغضوب عليهم في الاتحاد السوفياتي، منحته الاكاديمية السويدية جائزة نوبل للآداب، وعقب الاعلان عن ذلك في الثالث والعشرين من اكتوبر عام 1958، صدر الرد السوفيتي العصبي متضمنا اربع نقاط: اعتبار اختيار باسترناك للجائزة عدوانا على الاتحاد السوفيتي، وانتقاد مضمون الرواية ، وتوجيه النصح للكاتب برفض تلك الجائزة (المشبوهة)، واخيرا فضح الكتاب السوفيت المنشقين الذين يعملون بالأكاديمية السويدية والذين كانوا وراء منحه الجائزة. وفي ظل مناخ هستيري من الهجوم عليه، وجد الكاتب نفسه مضطرا لرفض جائزة (نوبل) حتى يتلافى الطرد من وطنه، كان باسترناك قد بدأ في كتابة رواية دكتور زيفاجو في يوليو 1946 وكان عنوانها الاول الذي اختاره لها هو (الفتيان والفتيات)، كان يشعر ان العمر لن يمتد به لكي ينتهي منها كما يقول لإحدى قريباته في رسالة بتاريخ 5 أكتوبر 1946 وكان يريدها رواية كبيرة تضم بانوراما تاريخية لروسيا على مدى النصف الأخير من القرن العشرين. انتهى باسترناك من الرواية في عام 1955 ولم ينجح في نشرها في موسكو، وبعد عامين نشرت بالايطالية بعد ان حصل ناشر من ميلانو على نسخة غير مصححة من المخطوطة عن طريق مندوب الاذاعة الايطالية في موسكو آنذاك. بعد ذلك صدرت ترجمات عديدة لها خارج الاتحاد السوفيتي، وفي الوقت الذي كان العالم فيه يتحدث عنها، كان صاحبها مضطهدا في بلاده، متهما بالخيانة العظمى.