ما أجمل أن يشعر الإنسان بالدفء في أبرد أيام الشتاء، وبهجة الربيع في وقت الخريف، وبأنغام رقيقة حالمة وسط صخب الحياة وضجيجها ومتاعبها وهمومها. ما أروع أن تحظى باهتمام خاص، وما أعذب أن تسمع عن نفسك أحاديث شجية. إن الله عز وجل فطر الإنسان على العاطفة والحب، وخلق له المشاعر والأحاسيس، ولو تأملت معي الكون لوجدت أن أساسه الحب، فالكواكب لا تفارق مجموعاتها؛ لأنها دوماً في حالة انجذاب، والقمر لا يغادر كوكبه لأنه في حالة ارتباط، هذا في أعظم المخلوقات، فما بالك بنا نحن البشر؟ وإذا تقرر ما سبق فيجب أن ندرك أن هناك فروقاً بين الجنس الناعم اللطيف ذي الأحاسيس المرهفة ونقيضه الجنس ذي الطبيعة الشديدة الصارمة الذي يعتبر أقل عاطفة وأقدر على التحكم بمشاعره وتصرفاته. من هذا المنطلق يجب علينا جميعاً أن ندرك حقيقة غائبة عن مجتمعنا، وهي: أن الفتاة بحاجة إلى اهتمام من والدها وأخيها وخالها وعمها.. ويتمثل ذلك الاهتمام بإشباع رغبتها الأنثوية بالكلام العاطفي المنضبط، وممازحتها والثناء على جمالها وحسن ملبسها. أخي القارئ، آمل أن تكون واسع الأفق، ذا نظرة ثاقبة فيما أقصد، فإذا كانت علاقتك مع ابنتك أو أختك علاقة ودية، بل ربما تصل إلى علاقة صداقة فإن هذا يجعل الفتاة تفرغ هذه الشحنات العاطفية عند أبٍ حنون أو أخ نصوح. وأنا هنا أتساءل: هل هناك ما يمنع من ذلك شرعاً؟ هل هناك ما يمنع من ذلك عُرفاً؟ هل هذه العلاقة تُنقص من قيمة الرجل؟ إذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أشبع عاطفة ابنته فاطمة حباً وحناناً وعطفاً، بل كان صلى الله عليه وسلم يقبِّل ما بين عينيها رضي الله عنها. إذا كان الأمر كذلك فهل نؤيد هذا التوجه؟ أخي الكريم، إن الفتاة في هذا العصر تعاني من انعدام العاطفة من الأب والأخ، فقد تجد هذه العاطفة عند الآخرين، ربما تجدها عند صديقة، وربما تجد مشاعرها وعواطفها عند صديق لا يراعي فيها إلاًّ ولا ذمة. وفي ظل غياب دور الأم وبلادة الأب وتغافل الأخ قد تحدث أمور لا تحمد عقباها. إن الفتاة بحاجة إلى مَن يروي ظمأها بالحنان والحب. إنها بحاجة إلى الثناء، بحاجة إلى قولك أيها الأب: أنت جميلة، أنت فاتنة، أنت رائعة. وإلا جاء مَن يقول لها مثل ذلك، بل أفضل. أتمنى أن نترك عبارة (عيب) (ما يصلح)، ونحتوي بناتنا وفلذات أكبادنا ما استطعنا إلى ذلك سبيلاً. فإذا اقترنت بشريك الحياة فإنها بإذن لله وصلت إلى بر الأمان.